الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويموازنة سريعة بين مجموع الشيخ أحمد المنقور الذي يعتبر ديواناً لفتاوي ما قبل الحركة التجديدية، ويين "الدرر السنية في الأجوبة النجدية" لجامع فتاوي نجد وفتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم (1)(1392 هـ) رحمه الله وأجزل مثوبته- بموازنة سريعة بين ما في المجموعين يتبين لنا بصورة واضحة الفرق بين العصرين، وكيف تطورت الثقافة الإسلامية، بل تجددت على أيدي علماء نجد الذين أنجبتهم هذه الدعوة المباركة.
وقبل التعريف بالدعوة الإصلاحية وباعثها وآثارها في الجزيرة العربية وغيرها، يجدر بنا أن نقف عند عالمين كان لهما فضل كبير في نشر العلم وتخريج الطلاب في نجد قبل ظهور الدعوة الإصلاحية، وهذان العالمان هما:
•
الشيخ أحمد بن يحيى بن عطوة (948 ه
ـ):
هو الشيخ الفقيه العلامة أحمد بن يحيى بن عطوة بن زيد، شهاب الدين، التميمي. ولد ونشأ في مدينة العُيينة، وقرأ على فقهائها. وبهانت هذه المدينة أشهر مدن نجد وأجرها، وأكثرها علماء في ذلك الوقت.
ثم انتقل بعد ذلك إلى الشام، فنزل في الصالحية، وسكن في المدرسة الشيخية العمرية الشهيرة، ويذلك أصبح الشيخ أحمد ابن عطوة قريباً من مناهل العلم، ويناييعه، بما أُتيح له من الشيوخ الذين أدركهم فأخذ عليهم، والطلاب الذين زاملهم وتنافس معهم، والكتب الكثيرة النافعة التي أصبحت في متناوله.
ومن الشيوخ الذين تلمذ عليهم ابن عطوة:
- الشيخ جمال الدين يوسف ابن عبد الهادي الشهير بـ "ابن المِبْرَد" المقدسي الصالحي (909 هـ) صاحب المؤلفات الكثيرة التي منها "جمع الجوامع"(2).
(1) تُنظر ترجمته في "علماء نجد" 3/ 202، والتنويه بجهوده الجليلة في جمع الفتاوي المشار إليها.
(2)
هذا الكتاب يعتبر موسوعة في الفقه، كبير جداً، جمعه من عدة كتب كبار، يعدّ من أجمع ما ألف في المذهب الحنبلي، لكنه لم يتم. قال ابن حميد في "السحب الوابلة" 3/ 1167: جمع فيه الكتب الكبار الجامعة لأشتات المسائل كـ" المغنى" و"الشرح الكبير" و"الفروع" وغيرها، وزاد عليه نقولات غريبة بديعة، ويرمز فيه للخلاف بحمرة على طريقة "الفروع"،ووسع الكلام فيه بحيث إنه ينقل الرسائل والفتاوى الطويلة بتمامها، ورأيت الجزء الأول منه بخط يده تاريخ سنة (1262 هـ)، وآخر من أثناء البيوع بخطه أيضاً سنة (1268 هـ)
- الشيخ علاء الدين علي بن سليمان المرداوي (885 هـ)، شيخ المذهب ومحرره، وصاحب المؤلفات التي منها "الإنصاف".
- الشيخ الفقيه أحمد بن عبد الله العُسكُري (910 هـ)، صاحب المؤلفات، التي منها كتابه:"الجامع بين القنع والتنقيح" الذي اخترمته النية قبل إتمامه، فأتمه تلميذه أحمد بن محمد الشويكي، وسماه "التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح"(1).
وقد أكثر ابن عطوة من الأخذ عن الشهاب العسكري واختص به ولازمه أكثر من غيره. فهؤلاء الشيوخ الثلاثة عُرفوا بالتحقيق والتأليف وعلوّ الشأن في معرفة المذهب الحنبلي، عليهم تمرَّن ابن عطوة، ويهم تفقه وتخرج وتمكن، وحصل من كل واحد منهم على إجازة. أضف إلى ذلك الزمالة الصالحة والرفقة المعينة على الطلب التي حُبي بها ابن عطوة، فقد عاصر الشيخ موسى الحجاوي صاحب "الإقناع" وغيره، وتزاملا في الدراسة، وقرأ عليه الحجاوي واستفاد منه (2). كما تزامل مع الشيخ أحمد الشويكي النابلسي.
ومن جهة ثالثة، فقد توفرت بين يدي الشيخ كتب كثيرة جداً ومتنوعة في علومها وفنونها؛ مما كان موقوفاً على المدرسة العمرية، فطالع وراجع، وقرأ وحقق ودقق، وجد واجتهد حتى مهر في الفقه مهارة تامة، وتضلع من العلوم إلى النهاية.
ويذكر عن قوة حافظته أنه كان يفعل كما يفعل يحيى بن يمان حين يَحضُر درس سفيان، حيث كان يحضر خيطاً، وكلما حدّث سفيان بحديث عقد عقدة، فإذا رجع إلى بيته كان يكتب حديثاً ويحلّ عقدة.
وكذلك فعل ابن عطوة المترجم -مع قوة حفظه- مع شيخه أحمد بن عبد لله العسكري، فكان يعقد المسائل مسألة مسألة. ويحلها بعد الدرس ويكتبها (3).
وحصل الشيخ في أثناء دراسته في الشام كتباً كثيرة جدّاً، فلما رجع إلى نجد أوقف الكثير من تلك الكتب على مدرسة أبي عمر (4)، أسوة بشيخه ابن عبد الهادي (5).
(1) علماء نجد خلال ثمانية قرون 1/ 548، السحب الوابلة 1/ 274 - 275.
(2)
علماء نجد 1/ 545.
(3)
الفواكه العديدة 1/ 4.
(4)
علماء نجد 1/ 546.
(5)
قال الشيخ محمد جميل الشطي في "مختصر طبقات الحنابلة" ص 86: وقد أوقف -يعني ابن عبد الهادي- جميع كتبه على المدرسة العمرية، وهي يومئذ آلاف مؤلفة، وضعت لها فهرسة في مجلد. وتراجع: مقدمة "ثمار المقاصد في ذكر المساجد" ص 15 - 16.
فلما آنس الشيخ من نفسه أنه قد أدرك وبلغ المبلغ الكبير من العلم، عاد إلى نجد، وسكن بلدة "الجبيلة" المجاورة لمدينة العُيينة، فأخذ ينشر العلم هناك حتى اشتهر، وعُرف بكثرة الإفادة للطلاب، لكثرة ما كان يتمتع به من سعة العلم ودقة الفهم، إلى جانب ما كان عليه من الصلاح والتقى والوقار والسمت.
قال ابن حميد في الثناء عليه:
"فرجع إلى بلده موفور النصيب من العلم والدين والورع، فصار المرجوعَ إليه في قُطر نَجْد، والمشار إليه في مذهب الإمام أحمد، وانتفع به خلق كثير من أهل نجد وتفقهوا عليه"(1).
وقال الشيخ عبد الله البسام:
"الشيخ ابن عطوة ليس أول عالم نجدي، ولكنه أول عالم كتب عنه المؤرخون، وابتدأ كثير منهم تاريخه بوفاته"(2).
مؤلفاته (3):
- التحفة البديعة.
- الروضة الأنيقة. اكثر من النقل عنها الشيخ أحمد المنقور في مجموعه الفقهي.
- درر الفوائد وعقيان القلائد.
وهذه الثلاثة كلها في الفقه.
- منسك في الحج.
- فتاوى وتحريرات، نقل كثيراً منها الشيخ أحمد المنقور في مجموعه الفقهي المسمى بـ "الفواكه العديدة"، وهي تدل على غزارة علم وسعة اطلاع.
(1) السحب الوابلة 1/ 275.
(2)
علماء نجد 1/ 551.
(3)
علماء نجد 1/ 551، عنوان المجد 1/ 22، السحب الوابلة 1/ 275، الدار المنضد ص 57.