الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خصوصاً وأن المخالف قد يكون متفقاً مع إحدى الروايات عن أحمد والتي تعتبر مرجوحة عند ابن قدامة.
مقتطفات من الكتاب:
قال في كتاب النكاح:
النكاح في اللغة: حقيقة في الوطء، مجاز في العقد، وأما في الشريعة: فقد اختلفوا فيه: فمنهم من قال: حقيقة في الوطء والعقد جميعًا، ومنهم من قال: حقيقة في الوطء مجاز في العقد.
والدلالة على أنه حقيقة في الوطء وفي العقد: ما روته عائشة رضي الله عنها: كان نكاح الجاهلية على أربعة أنحاء
…
إلخ، وساق الحديث بطوله (1).
ثم ساق المسألة الأولى من "المختصر" وهي قول أبي القاسم رحمه الله:
(ولا ينعقد النكاح إلا بولي وشاهدين من المسلمين).
ثم قال: أما قوله: لا ينعقد إلا بولي، فهو خلاف أبي حنيفة في قوله: ليس بشرط في نكاح البالغة.
دليلنا: ما روت عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا نكاح إلا بولي"(2). فنفى النكاح عند عدم الولي، ولا يمكن أن يقال: إن المرأة ولية نفسها، لأن الولي إذا أطلق عقل منه الذكر، ولأنه يقال: ولي وولية، كما يقال: شاهد وشاهدة، وعلي أنه قد فسر في خبر آخر، فروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا نكاح لإمرأة إلا بإذن وليها". فعلم أن المراد بذلك ولي عن المنكحة. اهـ.
•
الانتصار في المسائل الكبار:
عنوان الكتاب:
اسم هذا الكتاب "الإنتصار في المسائل الكبار"، كما هو موجود على ظهور المخطوطات والصفحات الأولى من أجزائه. ولم يضع المؤلف عنواناً معيناً لهذا الكتاب،
(1) الحديث أخرجه البخاري في النكاح، باب: من قال: لا نكاح إلا بولي، الحديث (5127). وأبو داود في الطلاق، باب في وجوه النكاح التي كان يتناكح بها أهل الجاهلية، الحديث (2272).
(2)
أخرجه أحمد في "المسند"(26235)، وروي مثله من حديث أبي موسى عند أبي داود (2085)، والترمذي (1101)، وابن ماجه (1881).
فالغالب أنه من وضع تلامذته أو غيرهم، نسقوه من المقدمة. وقد يسمى بـ "الإنتصار" على وجه الإختصار. ويسمى أيضاً بـ"الخلاف الكبير". وهذا اسم وصفي في نظرنا، فقد أطلق هذا الإسم أيضًا على "التعليق الكبير" لأبي يعلى المتقدم. وهذا يفيد أن له كتاباً صغيراً في الخلاف، وهو كذلك، وهو المسمى بـ "رؤوس المسائل" ويطلق عليه "الخلاف الصغير".
المؤلف:
هو العلامة الفقيه محفوظ بن أحمد بن الحسن الكَلْوَذاني البغدادي الأزجي. وكلوَذان قرية جنوب بغداد على الجانب الشرقي لنهر دجلة (1). المولود سنة 432 هـ والمتوفى ببغداد سنة 510 هـ.
من ذكر الكتاب من المصنفين:
ذكر هذا الكتاب كثير ممن ترجم لأبي الخطاب، مثل: ابن رجب في "ذيل طبقات الحنابلة"، والعليمي في "المنهج الأحمد"، والبغدادي في "إيضاح المكنون" و"هدية العارفين"، والزركلي في "الأعلام"، وعمر كحالة في "معجم المؤلفين".
كما ذكره المصنفون في الفقه الحنبلي وقواعده، ومنهم: ابن مفلح في "الفروع"، (2) وابن تيمية كما في "مجموع الفتاوي"(3) وابن رجب في "القواعد"(4) وقد أكثر من النقل عنه في كتابه هذا. وابن اللحام في "القواعد والفوائد الأصولية"(5) وغيرهم.
مكان وجوده:
لا يوجد من هذا الكتاب -في حدود علمنا- إلا نسخة خطية واحدة تم الإعتماد عليها في طبعه. وهي النسخة المحفوظة في "دار الكتب الظاهرية" بدمشق تحت رقم (2743) عدد أو ارقها (343) ورقة بخط معتاد.
ويبدو أنها كانت ملكاً للشيخ يوسف ابن عبد الهادي (909 هـ) الدمشقي الصالحي، وكانت موقوفة في "المدرسة الشيخية العمرية" قبل انتقالها إلى الظاهرية.
(1) معجم البلدان، لياقوت الحموي، 4/ 477، نشر دار صادر ودار بيروت، 1404 هـ.
(2)
1/ 230.
(3)
20/ 227.
(4)
ص 5 - 6.
(5)
ص 87.
وتعتبر هذه النسخة ناقصة، إذ هي عبارة عن المجلد الأول فقط، ويحتوي على: الطهارة -الصلاة- الزكاة.
وقد نشر الكتاب محققًا في ثلاثة مجلدات كبار (1).
وصف الكتاب وطريقة تصنيفه وأهميته:
يصنف الكتاب في "الفقه المقارن" أو"الخلاف" كما يسمى قديمًا، فإن المصنف يبين الخلاف بين الفقهاء، ثم ينتصر لمذهب الإمام أحمد بالحجج الثقلية والعقلية، فهو بهذا يرتب بعد كتاب "التعليق الكبير" لشيخه القاضي أبي يعلى زمانا وموضوعًا. لكن أبا الخطاب اقتصر على أشهر المسائل الخلافية التي سماها "المسائل الكبار" كما أبان عن ذلك في المقدمة.
ويمتاز أبو الخطاب بذكر غير الأئمة الأربعة في الخلاف على الغالب، كداود الظاهري والأوزاعي والثوري والليث، كما يذكر أحيانا جماعة الصحابة والتابعين القائلين بذلك القول (2).
وطريقة المؤلف في هذا الكتاب: أن يورد المسألة تحت عنوان "مسألة" ويذكر بعدها رأي الإمام أحمد في رواياته المتعددة، كما يذكر وجوه الأصحاب عند عدم النص من الإمام، ويحرص دائمًا على تقديم الرواية المعتمدة للمذهب في نظره، ثم يذكر من وافقه ومن خالفه من الفقهاء. وبعد الإنتهاء من تصوير المسألة وعرض الأقوال، يأخذ أبو الخطاب في الإنتصار والإحتجاج لمذهب الإمام أحمد بقوله: لنا: كذا، أو: دليلنا: كذا، أو: ونصرة اختيار أصحابنا كذا. وعند اختلاف الرواية يقول: وجه الأولى كذا .. ووجه الثانية: كذا .. ثم يسرد الأدلة مرتبة، وهي: الكتاب، ثم السنة، ثم القياس والمعقول.
ويمتاز أبو الخطاب بإطالة النفس في للراد اعتراضات الخصوم، بقوله: فإن قيل كذا. . . ثم يرد عليها بقوله: قلنا: كذا. . .
(1) نشرته مكتبة العبيكان بالرياض، 1993.
(2)
مقدمة تحقيق كتاب الصلاة، للدكتور عوض رجاء بن فريح، ص 77.
وتبرز أهمية الكتاب في نواح عديدة، منها:
- أنه يعد مصدرًا من مصادر معرفة خلافيات أبي الخطاب واختياراته داخل المذهب الحنبلي.
- أنه معتمد كثير من فقهاء الحنابلة في معرفة الخلاف في المسائل الفقهية بين الأئمة، ومعرفة دليل الحنابلة، وقد عول عدد كبير من العلماء في تصنيفه على كتاب "الإنتصار"، وخاصة ابن رجب في "القواعد".
- أنه مصدر من مصادر معرفة الراجح من الخلاف في المذهب. وقد ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاويه (1).
وبالجملة: فإن هذا الكتاب يعد ذخيرة علمية لا يستهان بها، لولا أنه ناقص، فهو قد حوى خلاصة لآراء الأئمة الأربعة وغيرهم في أمهات المسائل الخلافية، كما أنه تضمن نصوصًا من كتب تعتبر في حكم المفقود حاليًا، مثل "سنن هبة الله الطبري" و"علل الحديث للسَّاجي" وغيرهما (2).
مقتطفات من الكتاب:
من كتاب الزكاة:
مسألة [رقم 11]: للخلطة تأثير في إيجاب الزكاة وإسقاطها، نص عليه في رواية جماعة من أصحابه، وبه قال مالك، والشافعي. وقال أبو حنيفة: لا تؤثر في ذلك.
لنا: ما تقدم من خبر أنس أن أبا بكر رضي الله عنه كتب كتاب الصدقة: هذه فريضة الصدقة التي فرض الله على المسلمين، وأمره لرسوله. . . وقال فيه: لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، وما كان من خليطين، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية. أخرجه البخاري وابن خزيمة وابن أبي حاتم. وخبر ابن عمر: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب الصدقة، ففرضه (3) بسيفه، وعمل به
(1) مجموع الفناوي 20/ 227.
(2)
مقدمة تحقيق كتاب الطهارة للدكتور سليمان بن عبد الله العمير، ص 72.
(3)
كذا في "الإنتصار"، وفي سنن أبي داود والترمذي: فَقَرَنَه.