الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اجتمعت لديه في ذلك العصر من مطولات ومختصرات، ومتون وشروح، ومجردات ومقرونات بأدلتها، ومذهبيات وخلافيات. ومن هنا يظهر لنا قيمة هذا العالم ومنزلته في الفقه الحنبلي، بل في الفقه الإسلامي المقارن، حتى قيل فيه: إنه لا يعلم أحد في زمنه في المذاهب الأربعة له محفوظات أكثر منه (1)، وإن القارئ لكتابه "الفروع" ليجد مصداق هذا الكلام واضحًا جليًا.
-
علاء الدين المرداوي (817 - 885 ه
ـ):
يعتبر علاء الدين علي بن سليمان المرداوي، فاتحة المتأخرين من الحنابلة (2)، ورأسهم ورئيسهم، خرج من بلاده مَرْدَا الفلسطينية في سن الشباب، فسكن الخليل بقصد تعلم القرآن، ثم توجه إلى دمشق التي كانت آنذاك - وصالحيتها على وجه أخص- قد حلت محل بغداد في احتضان العلم والعلماء، وكادت تنقطع الرحلة إلا إليها.
تفقه العلاء على الشيخ تقي الدين ابن قندس البعلي، شيخ الحنابلة في وقته، فبرع وفضل في فنون من العلوم، وتدرج حتى انتهت إليه رئاسة المذهب الحنبلي. وصار قوله حجة في المذهب، يعمل به، ويعول عليه في الفتوى والأحكام في جميع مملكة الإسلام (3).
عمل المرداوي في نيابة القضاء مدة طويلة، فكان ذلك تجربة ميدانية لما تعلم من علم، ثم فُتح عليه في التأليف، فألف كتبًا كثيرة (4) ، وعلى رأس تلك التأليفات ثلاثة كتب تكون حجر الزاوية، وهي في جملتها وضعت خصيصًا لتصحيح الخلاف، وهي:
- الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف.
- التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع.
- الدر المنتقى والجوهر المجموع في معرفة الراجح من الخلاف المطلق في الفروع.
(1) المقصد الأرشد 2/ 519.
(2)
وذلك أن متأخري الأصحاب اصطلحوا على تقسيم علماء المنصب الذين اشتهروا بالتأليف فيه إلى ثلاث طبقات زمانية: المقدمون: وخاتمتهم الحسن بن حامد (403 هـ)، والمتوسطون: وخاتمتهم البرهان ابن مفلح (884 هـ)، والمتأخرون: وفاتحتهم العلاء المرداوي. المدخل المفصل 1/ 455.
(3)
المنهج الأحمد 5/ 290، 291.
(4)
جريدة الكتب التي أمكن التعرف عليها مع التعليق المناسب فى مقدمة تحقيق "الإنصاف" المطبوع مع "المقنع" و"الشرح الكبير"، ص 19. =
وسلك المؤلف منهجًا دقيقًا في تأليف هذه الكتب الثلاثة، وفي ربط العلاقة بينها ربطًا متينًا:
فأما "الإنصاف" فقد وضعه على "المقنع" للموفق ابن قدامة، و"شرحه" لإبن أخيه شمس الدين، نظرًا لأهمية هذين الكتابين، فكان صنيع المرداوي إذن مع "المقنع" إكمالًا وتتميمًا للشرح الكبير، حيث اهتم بمواضع الخلاف في المذهب، واستطاع عن طريق مكتبته الحافلة (1) أن يبين رأي كل مؤلف أو إمام، والمنقول عن الإمام أحمد، والمنصوص عليه، وماذا يرجح كل مصنف أو مؤلف مع ذكر كتابه، وكان عمله هذا توثيقًا للمذهب، وجمعًا لأقوال علمائه، وبذلك استغنى مقتنيه عن الرجوع إلى مصادر كثيرة (2).
وأما "التنقيح" فهو اختصار للإنصاف، ليقرأه المتوسط والمستعجل.
وأما "الدر المنتقى" أو"تصحيح الفروع" فهو كتاب عمل فيه ما عمل في "الإنصاف" تقريبًا، وكانت مادته الأساسية في عمله في هذا الكتاب، هي "الإنصاف"، فقد قال في مقدمة "تصحيح الفروع": "
…
ولكن أعاننا على ذلك توفيق الله تعالى لنا على إكمال كتابنا المسمى بـ "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف"، وتصحيحه، فإن غالب المسائل التي في المذهب مما أطلق الأصحاب فيها الخلاف، أو بعضهم تتبعتها فيه، وصححت ما يسر الله تعالى علينا تصحيحه، فجاء بحمد الله تعالى وافيًا بالمراد في معناه، فبذلك هان علينا ما قصدنا فعله في هذا الكتاب وما أردناه" (3).
(1) السحب الوابلة، ص 742. ط. الرسالة.
(2)
مقدمة تحقيق "الإنصاف" المطبوع مع المقنع والشرح الكبير، ص 22.
(3)
الفروع، مع تصحيحه، 1/ 25.
ويعتبر ابن تيمية وابن القيم وابن رجب من أبرز علماء الإسلام، وأشهر حنابلة الشام، فكان ينبغي التنويه بأعمالهم والإشادة بمآثرهم في هذا لموضع، ولكنه لما أُفردوا بالكتابة والدراسة لم يُتطرق اليهم هنا تفاديًا للتكرار.
فعلى سبيل المثال كتب عن ابن القيم الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد ثلاثة كتب:
- ابن القيم وآثاره وموارده.
- التقريب لفقه ابن القيم.
- التقريب لعلوم ابن القيم. =