الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
14 - مُهَنّا بن يحيى الشامي:
هو مُهنّا بن يحيى، أبو عبد الله، السلمي، الشامي.
حدث عن بقية بن الوليد، وسمرة بن رييعة، ومكي بن إبراهيم، ويزيد بن هارون، وعبد الرزاق الصنعاني.
وروى عنه حمدان الوراق، وابراهيم النيسابوري، وعبد الله بن الإمام أحمد، وسهل التستري.
ويعتبر مُهنّا من أكبر أصحاب الإمام أحمد، وأكثرهم ملازمة له، وإلحاحًا عليه في المسائل، فإنه قال عن نفسه: لزمت أبا عبد الله ثلاثًا وأربعين سنة.
ورحل معه إلى عبد الرزاق الصنعاني، ولازم أحمد إلى أن مات، وكان أبو عبد الله يكرمه، ويعرف له حق الصحبة.
وكان مُهنّا يسأل أبا عبد الله ويلح عليه حتى يضجره في بعض الأحيان، فكان في ذلك أشبه بابن جريج مع شيخه عطاء.
وكانت هذه الملازمة الطويلة والإلحاح الدائب قد فَوَّق مُهنّا على بقية أقرانه وأناف به على اليفاع. فقد حصل كثيرًا من العلم والأدب، وغير ذلك.
قال مُهنَّا:
"صحبت أبا عبد الله، فتعلمت منه العلم، والأدب، واكتسبت به مالًا. قال عبد الله: قلت له: فيف اكتسبت به مالًا؟ قال: فقال: وُلي أبو موسى الأنصاري على الصدقات، فكتب العلماءَ، فمضوا وأخذوا. قال: وجاء إلى أبي عبد الله، فعرض عليه في القول، فحرج منه، فلما كان بعد ذلك ضقت، فجئت إلى أبي عبد الله، فقلت له: اكتب لي إلى أبي موسى في الغارمين، فلم يفعل، وقال: لو بقي الإنسان على كذا وكذا -لشيء يذكره- ما كان ينبغي له أن يفعل هذا. قال: فسكت عنه مدة. قال: ثم عاودته الكلام، فسكت عني. قال: فسكت عنه مدة، قال: ثم عاودته الكلام، فقال: لن أفعل، ولا أفعل. قال: فلما قال: لا أفعل، علمت أنه لا يفعل، فسكت عنه مدة، ثم أتيته، فقلت: يا أبا عبد الله لي عليك حقوق: حق الجوار، وحق الصحبة. وجعلت أذكر له حقوقي عليه. وقد قلتَ: لا أفعل، فأكتب عن لسانك كتابًا؟ قال: فقال لي: افعل، أنت أعلم. قال: فكتبت عن لسانه، فلما جئت بالكتاب إلى أبي موسى أنكره، وقال: أحمد لا يكتب في مثل هذا، فهذا خطه؟ قال: فحدثته بالقصة، فقلت: إن شئت
قبلت، وإن شئت وجهت إليه وسألته. قال: واختبرني، وكتب لي إلى البصرة بأريعة آلاف، قال: وأحسب قال: كتب لي مرة أخرى. قال: فاشتريت وبعت. قال عبد الله: وكان ينسى، قال: فاكتسبت نحوًا من ثلاثين ألفًا" (1) ا. هـ.
وروى مُهّا كثيرًا من المسائل في الفقه والحديث وعلله وأصوله ورجاله، وغير ذلك من علوم الشريعة المطهرة. وكانت مسائله من الكثرة بحيث كان يفخر بها، ووصفها ابن أبي يعلى بأنها كانت أكثر من أن تحد لكثرتها. حتى إن عبد الله ابن الإمام تتلمذ عليه وأخذ عنه مسائل كئيرة جيادًا لم يسمعها عبد الله من أبيه، بل ولم تكن عند غير مُهنّا بن يحيى، وقد حددت ببضعة عشر جزءًا. وهى مبثوثة في متفرقات الكتب لا توجد في مجموع مخطوط فيما نعلم.
نماذج من مسائله:
أ - قال مُهنَّا: سألت أحمد عن رجل مات وترك كتبًا كثيرة من كتب الرأي، وترك عليه دينًا. فقلت له: فأي شيء يصنع بالكتب؟ قال: تدفن.
ب - وقال مُهنّا: سألت أحمد عن الرجل يحفظ الشيء، ويكون في الكتاب شيء، أيهما أحب إليك؟ قال: الكتاب.
جـ - وقال مُهنّا: سألت أحمد عن رجل يجد في كتابه الشيء، فيقول له الناس خلاف ما في كتابه؟ قال: يقول في كتابي كذا وكذا، ويقول الناس: كذا (2).
د- وقال مُهنّا: سألت أبا عبد الله عن رجل يختن ابنه لسبعة أيام؟ فكرهه، وقال: هذا فعل اليهود، وقال لي أحمد بن حنبل: كان الحسن يكره أن يختن الرجل ابنه لسبعة أيام.
قال الخلّال: إن ذلك قديم، والعمل على ما رواه حنبل وغيره (3).
* * *
(1) الطبقات 1/ 346 - 347، المنهج الأحمد 2/ 162.
(2)
الطبقات 1/ 345، والمنهج الأحمد 2/ 161.
(3)
الطبقات 2/ 175، وقوله:"على ما رواه حنبل وغيره، يعني: أنه لا يكره ختن الصبي على رأس الأسبوع ولا في أي وفت آخر، وكذلك لا يستحب وقت محدد أو عند سنن معينة ما لمِ يبلغ، فإذا بلغ ووجبت عليه الصلاة والصيام وجب عليه الختان. قال ابن المنذر: ليس في باب الختان خَبرٌ حتى يرجع إليه، ولا سنة تُتْبع، والأشياء على الإباحة. اهـ. قال ابن أبي عمر في "الشرح الكبير" 1/ 271 (طبعة هجر): ولا يثبت في ذلك توقيت، فمتى ختن قبل البلوغ كن مصيبًا. والله أعلم.