الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
35 - الموسوعة الحديثية الكبرى:
إن آخر الأعمال العلمية المنجزة حول "المسند" هو التحقيق الذي قامت به "مؤسسة الرسالة" العامرة؛ ضمن "الموسوعة الحديثية الكبرى". وهو مشروع قد اعتزمت هذه المؤسسة الميمونة بعون الله وتوفيقه على أن تتولى إصداره، مبتدئة بـ:"مسند الإمام أحمد"، وتالية ببقية الدواوين الأخرى، كالصحيحين والسنن الأريعة، وغيرها من كتب السنة المسندة مما دونه المحدثون الثقات خلال القرون الخمسة الهجرية الأولى؛ ما طبع منها وما لم يطبع، متبعة في ذلك أمثل مناهج التحقيق الذي يعتمد على الأصول الخطية المتقنة الموثقة، وضبط النص وترقيمه، وسلامته من التحريف والتصحيف، ووضع الفهارس الميسِّرة للإفادة منها بأقرب الطرق.
وقد نشأت هذه الفكرة لدى موسسة الرسالة خطوة جديدة على الطريق الأصيل، والمنهج الإسلامي الواضح الذي سلكته في العناية بالتحقيق والطباعة والنشر للكتب النافعة والهادفة إلى إصلاح الأمة، وبما أنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، وأنه إنما صلح أول هذه الأمة بالتمسك بكتاب الله وسنة نبيه الخالية عن شوائب التشويه والتغيير، والدس والوضع، فقد رأت أن الطريق إلى صلاح آخر هذه الأمة ونهضتها والسبيل إلى إيجاد وعي إسلامي صحيح لدى أبنائها، بعيد عن الأهواء العاصفة، إنما يتمثل في إخراج أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ضمن إطار موسوعة حديثية كبرى تنتظم كتب السنة.
ويعتبر "المسند" أول كتاب في طريق تحقيق هذا المشروع الجليل، وباكورة السعد في إنجاز هذه الموسوعة المنشودة.
وقد عهدت مؤسسة الرسالة في القيام بمثل هذا العمل ذي الأهمية والخطورة من حيث إنه يتطلب كفاية واقتدارًا وصرفة بالصناعة الحديثية وطول مراسها، عهدت بذلك إلى ثلة من الأساتذة الذين لهم باع في هذا الشأن.
ولم يكن "المسند" ليحتل الصدارة في السعي في إنجاز هذه الموسوعة اعتباطًا، ولا وقع عليه الإختيار بضربة لازب، بل إن لتقديمه على غيره ما يبرره من الأسباب، ذلك أنه ما
من حديث -غالبًا- إلا وله أصل في هذا "السند" فعليه مدار السُّنة، وهو يكاد يستوعبها، ويالتالي فالقيام بتحقيقه سيوفر كثيرًا من الجهود في القيام بتحقيق كتب السنة الأخرى. أضف إلى ذلك أن الهيكل الذي يتم وفقه صنع هذه المعلمة الحديثية الكبرى يقوم على جمع حديث كل صحابي على حدة على طريقة أصحاب المسانيد، لأن ذلك يحقق الإستقراء التام، وهذا ما يساعد عليه المسند الحنبلي غاية المساعدة.
وتتمثل الجهود التي صُبَّت في هذا العمل الجليل في ثمانية أمور:
- توثيق النص بالمقابلة بين النسخ الخطية والمقارنة مع المطبوعة.
- ضبط النص ضبطا قريبًا من التمام.
-التنبيه على الملاحظات المتعلقة بالسقط والتحريف والتصحيف في المطبوع.
- تخريج أحاديث الكتاب من "الصحاح" و"السنن" و"المسانيد" و"المعاجم"، وغيرها من المظان بقدر ما تيسر، مع محاولة الإستيعاب والتقصي، مع الإحالة على مواضع تكرر الحديث بلفظه أو بمعناه في المسند نفسه.
- الحكم على أسانيد الأحاديث.
- التعليق على بعض المواضع بما يستدعيه المقام من تفسير لفظ غريب، أو توضيح معنى مستغلق.
- ترقيم الأحاديث مع ترميز المكررات، وزيادات عبد الله ابن الإمام، ووجاداته، وما رواه عن أبيه وعن شيخ أبيه أو غيره.
- صناعة فهارس لشيوخ أحمد وابنه عبد الله، والصحابة، والرواة، والأحاديث.
نسأل الله أن يجزل المثوبة لكل من أسهم في هذا المشروع العلمي الكبير، إنه سميع قريب مجيب.