المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الشيخ عبد الله بن محمد بن ذهلان (1099 ه - المذهب الحنبلي دراسة في تاريخه وسماته - جـ ١

[عبد الله بن عبد المحسن التركي]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَة

- ‌تَمْهِيدْ

- ‌أولًا - كلمة "مذهب

- ‌1 - المذهب لغة:

- ‌2 - المذهب عرفًا:

- ‌3 - المذهب اصطلاحًا:

- ‌ثانيًا - نشأة المذاهب الفقهية وسببها:

- ‌ثالثًا - أهمية المذاهب الفقهية في خدمة الشريعة الإسلامية:

- ‌الفصل الأولفي سيرة الإمام أحمد وعلمه

- ‌المبحث الأولالحياة السياسية في عصر الإمام أحمد

- ‌المبحث الثانيالحياة الثقافية في عصر الإمام أحمد

- ‌المبحث الثالثالحياة الإجتماعية في عصر الإمام أحمد

- ‌المبحث الرابعسيرة الإمام أحمد

- ‌الطور الأولالنشأة والطفولة

- ‌الطور الثانىطلبه للعلم والرحلة فيه

- ‌الطور الثالثحياة الإمام أحمد في بغداد إلى بداية المحنة

- ‌الطور الرابعالمحنة أسبابها. مراحلها. نتائجها

- ‌أسباب المحنة

- ‌مراحل المحنة

- ‌المرحلة الأولىالمحنة في زمن المأمون

- ‌المرحلة الثانيةالمحنة في زمن المعتصم

- ‌المرحلة الثالثةالمحنة في زمن الواثق

- ‌نتائج المحنة

- ‌المبحث الخامس‌‌وفاة الإمام أحمدومجمل مناقبه وعلمه

- ‌وفاة الإمام أحمد

- ‌مجمل مناقب الإمام أحمد وصفاته:

- ‌علم الإمام أحمد

- ‌أولاً: شهادة الناس له بالعلم:

- ‌ثانياً. في الرواية عنه:

- ‌ثالثاً: في مؤلفاته:

- ‌ما نسب إلى الإمام أحمد من كتب:

- ‌رسائل الإمام أحمد

- ‌المسندديوان السنة النبوية

- ‌ تاريخ تأليف المسند:

- ‌ وصف المسند:

- ‌ رواية المسند:

- ‌ منزلة المسند بين كتب الحديث:

- ‌ الأعمال التي تمت على المسند:

- ‌1 - غريب الحديث، لغلام ثعلب (261 هـ - 345 ه

- ‌2 - ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج لهم أحمد بن حنبل في "المسند" لإبن عساكر (499 هـ - 571 ه

- ‌3 - خصائص المسند، للحافظ أبي موسى المديني (501 هـ -581 ه

- ‌5 - التذكرة في رجال العشرة، لإبن حمزة الحسيني (715 هـ - 765 ه

- ‌6 - الإكمال في ذكر من له رواية في مسند الإمام أحمد من الرجال سوى من ذُكر في تهذيب الكمال:

- ‌8 - ترتيب المسند، لأبي بكر بن المحب (712 هـ - 789 ه

- ‌9 - ترتيب المسند، لإبن زريق (ت 803 ه

- ‌10 - إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال، لإبن الملقن (723 هـ -804 ه

- ‌11 - مختصر المسند

- ‌12 - غاية المقصد في زوائد المسند، للهيثمي (735 هـ - 807 ه

- ‌13 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد:

- ‌14 - جزء للحافظ الهيثمي:

- ‌15 - ترتيب مسند أحمد على حروف المعجم، للمقدسي (ت 820 ه

- ‌16 - ذيل الكاشف، لإبن العراقي (762 هـ - 826 ه

- ‌17 - المصعد الأحمد في ختم مسند الإمام أحمد، للحافظ ابن الجزري (751 هـ - 833 ه

- ‌18 - المقصد الأحمد في رجال أحمد

- ‌19 - المسند الأحمد فيما يتعلق بمسند أحمد

- ‌20 - ترتيب المسند المسمى "الكواكب الدراري في ترتيب مسند الإمام أحمد على أبواب البخاري"، لإبن زكنون (758 هـ - 837 ه

- ‌21 - زوائد المسانيد المسمى بـ: "إتحاف السادة المهرة بزوائد العشرة" للبوصيري (762 هـ - 840 ه

- ‌22 - القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد، للحافظ ابن حجر العسقلاني (773 هـ - 852 ه

- ‌23 - إطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي:

- ‌24 - تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة:

- ‌25 - التعريف الأجود بأوهام من جمع رجال السند:

- ‌26 - الذيل الممهد على القول المسدد، للسيوطي (ت 911 ه

- ‌27 - عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد:

- ‌29 - شرح المسند، للشيخ أبي الحسن السندي (ت 1139 ه

- ‌30 - نفثات الصدر المُكْمَد وقرّة عين السعد بشرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد، للسفاريني (1114 هـ - 1189 ه

- ‌31 - ذيل القول المسدد، لمحمد صبغة الله المدراسي:

- ‌32 - الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني للساعاتي (ت 1378 ه

- ‌33 - بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني:

- ‌34 - تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر للمسند:

- ‌35 - الموسوعة الحديثية الكبرى:

- ‌دعوى كون الإمام أحمد محدثًا غير فقيهٍ والرَّد عليها:

- ‌الفصل الثانيفي أدوار المذهب ومواطن انتشاره

- ‌الدور الأولالنشأة والتأسيس

- ‌تَمْهِيدْ

- ‌المبحث الأولوصف عام لأصحاب الإمام أحمد

- ‌المبحث الثانيفي التعريف بأصحابه الذين سمعوا منه ورووا فقهه

- ‌تصنيف رواة المسائل عن الإمام أحمد:

- ‌التعريف بأشهر أصحاب الإمام أحمد

- ‌1 - إبراهيم الحَرْبي (198 هـ - 285 ه

- ‌2 - إسحاق بن إبراهيم بن هانئ (218 هـ - 285 ه

- ‌3 - أحمد بن حُميد (أبو طالب) (؟ - 244 ه

- ‌4 - أحمد المرّوذي (؟ - 275 ه

- ‌5 - أحمد الأثرم (؟ - 273 ه

- ‌6 - إسحاق الكَوْسَج (170 هـ - 251 ه

- ‌7 - حرب الكرماني (؟ - 280 ه

- ‌8 - حنبل بن إسحاق (؟ - 273 ه

- ‌9 - سليمان بن الاشعث أبو داود (202 هـ - 275 ه

- ‌10 - صالح بن الإمام أحمد (203 هـ - 266 ه

- ‌11 - عبد الله بن الإمام أحمد (213 هـ - 290 ه

- ‌12 - عبد لله بن محمد (فوران) (- 256 ه

- ‌13 - عبد الملك الميموني (- 274 ه

- ‌14 - مُهَنّا بن يحيى الشامي:

- ‌الدور الثانيالنقل والنمو

- ‌تَمْهِيدْ

- ‌المبحث الأولمميزات هذا الدور

- ‌المبحث الثاني‌‌أشهر علماء هذا الدوروأبرز أعمالهم

- ‌أشهر علماء هذا الدور

- ‌1 - الخلال (311 ه

- ‌2 - ابن المنادي (256 هـ - 336 ه

- ‌3 - أبو بكر النجاد (253 هـ - 348 ه

- ‌4 - الخِرَقي (334 ه

- ‌5 - الآجُرّي (360 ه

- ‌6 - غلام الخلَّال (285 هـ - 3763 ه

- ‌7 - ابن بَطة العُكْبَري (304 هـ - 387 ه

- ‌8 - ابن المُسْلِم (387 ه

- ‌9 - الحسن بن حامد (403 ه

- ‌أبرز أعمال علماء هذا الدور

- ‌أولاً - الجمع للمسائل

- ‌ثانياً - الإختصار الفقهي

- ‌ثالثا - شروح المختصرات

- ‌رابعاً - التآليف الجزئية المفردة

- ‌خامساً - الكتابة في أصول الفقه الحنبلي

- ‌الدور الثالثالإنتشار - الإزدهار - الإستقرار

- ‌تَمْهِيدْ

- ‌المبحث الأولالمذهب في العراق

- ‌1 - القاضي أبو يَعْلى (380 - 458 ه

- ‌2 - أبو الخَطّاب (432 - 510 ه

- ‌3 - ابن المَنِّي (501 - 583 ه

- ‌المبحث الثانيالمذهب في حَرَّان

- ‌آل تيمية وجهودهم في خدمة المذهب الحنبلي:

- ‌المبحث الثالثالمذهب في بلاد الشام

- ‌المقادسة وجهودهم

- ‌نتائج جهود المقادسة

- ‌أشهر الفقهاء الشاميين الذين خدموا المذهب:

- ‌ موفق الدين عبد الله بن قدامة المقدسي (541 - 620 ه

- ‌ شمس الدين ابن مفلح (712 - 763 ه

- ‌ علاء الدين المرداوي (817 - 885 ه

- ‌حالة المذهب الحنبلي بعد المقادسة

- ‌الشيخ عبد القادر ابن بدران (1280 - 1346 ه

- ‌المبحث الرابعالمذهب في مصر

- ‌1 - ابن النجار الفُتُوحي (898 هـ - 972 ه

- ‌2 - منصور بن يونس البُهُوتي (1000 - 1051 ه

- ‌المبحث الخامسالمذهب في الجزيرة العربية

- ‌ الشيخ أحمد بن يحيى بن عطوة (948 ه

- ‌ الشيخ عبد الله بن محمد بن ذهلان (1099 ه

- ‌الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته

- ‌نتائج دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌1 - الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1165 - 1244 ه

- ‌2 - الشيخ عبد لله بن عبد الرحمن الملقب بـ "أبا بُطين" (1194 - 1282 ه

- ‌3 - الشيخ عبد الرحمن بن حسن أل آلشيخ (1193 - 1285 ه

- ‌أثر الملكة العربية السعودية في ازدهار الفقه الحنبلي

- ‌خلاصة ما تمّ في المملكة العربية السعودية من جهود في خدمة المذهب الحنبلي

- ‌1 - الشيخ سعد بن حمد بن علي ابن عتيق (1267 - 1349 ه

- ‌2 - الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الرحمن العنقري (1290 - 1373 ه

- ‌3 - الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي (1307 - 1376 ه

- ‌4 - الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع (1300 - 1385 ه

- ‌5 - الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (1311 - 1386 ه

- ‌الفصل الثالثسمات الحنابلة

- ‌تَمْهِيدْ

- ‌المبحث الأولأثر سيرة الإمام أحمد على الحنابلة

- ‌المبحث الثانيالإعتناء بعلوم الحديث الشريف

- ‌المبحث الثالثالحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌المبحث الرابعالإتباع للسلف ومناهضة البدع

- ‌المبحث الخامسالحنابلة والسلطة السياسية

- ‌المبحث السادسأضواء على الإجتهاد عند فقهاء الحنابلة

- ‌ تعريف "الإختيارات

- ‌ التأليف في الإختيارات:

- ‌ اختيارات ابن تيمية ومميزاتها:

- ‌ الأسس التي ترتكز عليها اختيارات شيخ الإسلام:

- ‌ مرتبة ابن تيمية في طبقات المجتهدين:

- ‌ منهج ابن تيمية في الفتوى والإجتهاد:

- ‌الفصل الرابعأبرز مؤلفات المذهب الحنبلي

- ‌تَمْهِيدْ

- ‌المبحث الأولفي فنون الفقه التي توزعتها التصانيف

- ‌المبحث الثانيفي ترتيب المكتبة الفقهية الحنبلية

- ‌كيفية التعرف على كتاب من الكتب الفقهية

- ‌كيفية ترتيب المكتبة الفقهية الحنبلية

- ‌المبحث الثالثفي التعريف بأشهر الكتب المعتمدة في المذهب

- ‌ الجامع للخلال:

- ‌ مختصر الخرقي:

- ‌ الإرشاد إلى سبيل الرشاد:

- ‌ الخلاف الكبير للقاضي أبي يعلى:

- ‌ كتاب الروايتين والوجهين:

- ‌ شرح مختصر الخرقي للقاضي أبي يعلى:

- ‌ الانتصار في المسائل الكبار:

- ‌ المستوعب:

- ‌ المغني:

- ‌ العمدة

- ‌ المقنع

- ‌الكافي

- ‌ المحرر:

- ‌ الفروع:

- ‌الإنصاف

- ‌الإقناع

- ‌ منتهى الإرادات:

الفصل: ‌ الشيخ عبد الله بن محمد بن ذهلان (1099 ه

•‌

‌ الشيخ عبد الله بن محمد بن ذهلان (1099 ه

ـ):

وهو الشيخ عبد الله بن محمد بن ذهلان، النجديّ، المِقْرِنيّ، من كبار علماء نجد قبل دعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، وشيخ قضاتها ومفتيها.

ولد في مدينة العيينة، ونشا فيها، وتلقى العلم في المراحل الأولى عن مشايخها؛ ومن أشهرهم: الشيخ محمد بن إسماعيل الأشيقري النجدي، وأحمد بن ناصر بن محمد بن ناصر المشرفي (1).

ولما أنهى دراسته الأولية، ويلغ مبلغ الرحلة، سافر إلى الشام، فاخذ عمن هناك من أعيان حنابلة القرن الحادي عشر، وتتلمذ بصفة خاصة على الشيخ شمس الدين محمد ابن بدر الدين البَلْبَاني البعلي ثم الدمشقي الصالحي؛ الذي انتهت إليه رئاسة العلم بالصالحية آنذاك.

وجدَّ الشيخ ابن ذهلان في تحصيل العلم حتى بلغ المبلغ الأوفى، ثم رجع إلى بلاده، فتولى قضاء الرياض، فذاع صيته وعلا قدره، واستفاد منه خلق كثير (2).

وعلى الرغم من أن ابن ذهلان لم يشتغل بالتأليف، ولا ترك من التصانيف شيئاً

يؤثر، فإنه يعتبر شيخاً لكثير من علماء نجد في القرن الحادي عشر، منهم:

- العلامة المحقق الشيخ عثمان بن قائد النجدي، ثم الدمشقي، ثم المصري، صاحب المؤلفات البديعة التي منها:"هداية الراكب شرح عمدة الطالب" وهو شرح مفيد مسبوك سبكاً حسناً، حرره تحرراً نفيساً، فصار من أنفس كتب المذهب (3). ومنها: حاشيته على "منتهى الإرادات" التي حقق فيها ودقق، وفصل فيها، وقسم في مواضع كثيرة، وحل فيها كثيراً من غوامض متن المنتهى، فجاءت نفيسة جدا (4).

(1) عنوان المجد 1/ 97، علماء نجد 4/ 411.

(2)

علماء نجد 4/ 412.

(3)

المدخل ص 444، السحب الوابلة 2/ 699.

(4)

علماء نجد 5/ 133.

ص: 299

- العلامة الفقيه أحمد بن محمد المنقور، فقد رحل إليه من الحوطة إلى الرياض خمس مرات ذكرها في "تاريخه"(1)، وقرأ عليه عدة كتب، منها:"الإقناع" للحجاوي، قراءة تحقيق ويحث، وأكثر من الإسناد إليه والعزو له في "مجموعه" الفقهي، وإذا قال في كتابه المذكور:"شيخنا"، فمراده بذلك الشيخ عبد الله بن ذهلان. وقد جاء في مقدمة هذا الكتاب:

"ويعد: فهذه مسائل مفيدة، وقواعد عديدة

لخصتها من كلام العلماء

غالبها بعد الإشارة من شيخنا وقدوتنا الشيخ عبد الله بن محمد بن ذهلان - بلّل الله بالرحمة ثراه- ومسائل قررها في مجلس الدرس وغيره، فأحببت أن أضبط كلامه بعضه بالحرف وبعضه بالمعنى" (2).

ويهذا يظهر أن للشيخ ابن ذهلان جهوداً كبيرة في مجموع المنقور الشهير. وكذلك له جهود كبيرة في "حاشية ابن فيروز" على الروض المربع (3).

ويالجملة يعتبر المنقور من خيرة تلاميذ ابن ذهلان، فقد اشتهر بالثقة في نجد، والمشايخ النجديون يعولون على نقله ويعتمدون عليه (4).

نجد قبل الدعوة الإصلاحية:

يلاحظ المتأمل في تراجم علماء نجد الذين سبقوا ظهور الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله أن كثيراً من أولئك العلماء قد ولدوا في بلدة أشيقر وتعلَّموا فيها، وأن بعضاً ممن لم يولد فيها قد وفد إليها لتلقي العلم عن مشايخها، ويلاحظ أيضاً أن كثيراً من العلماء النجديين في تلك الفترة ينتمون إلى آل وهبة من تميم، وإلى فرع واحد من آل وهبة. وهو آل مشرف أسرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (5).

(1) هامش السحب الوابلة 2/ 649، علماء نجد 1/ 518.

(2)

الفواكه العديدة 1/ 3.

(3)

عمل عبد الوهاب بن فيروز (1205 هـ) حاشية على الروض لم تكمل، وحاشية على شرح المقنع، وحاشية على شرح منصور البهوتي للمنتهى، وشرحاً على أخصر المختصرات لإبن ببان البعلي الدمشقي. السحب الوابلة 2/ 682 - 683، علماء نجد 5/ 63، المدخل المفصل 2/ 1010.

(4)

من الترجمة التي كتبها الشيخ العلامة محمد بن محمد العزيز بن مانع للمنقور في تصديره لكتابه "الفواكه العديدة"، ص (هـ).

(5)

تاريخ المملكة العربية السعودية، للدكتور عبد الله صالح العثيمين، 1/ 492، ط 1، 1984. وعلماء نجد 1/ 156.

ص: 300

ويلاحظ -كما تقدمت الإشارة إليه- أن الدراسة تركزت في تلك الأحقاب على مادة الفقه، وانصرف جل الإهتمام بالمسائل الفرعية بحثاً وتحريراً وتحقيقاً، وحفظاً للمتون، واستيعاباً للشروح والحواشي، أما العلوم الشرعية الأخرى فالإهتمام بها قليل فيما بيدو لناظر، فلم تكن هناك عناية بالتوحيد والعقيدة، ولا بالتفسير وعلوم القرآن، ولا بالحديث وشروحه، بل حتى العلوم العربية لم يكن الإهتمام بها بالمحلّ الذي يتجاوز المقررات الأولية.

حالة المسلمين بعامة قبل ظهور الدعوة الإصلاحية:

بدأ المسلمون في الضعف والتراجع منذ سقوط الأندلس في أيدي الصليبيين أواخر القرن التاسع، وظل هذا الضعف والتمزق يتنامى في الأوضاع السياسية والدينية والإجتماعية، إلى أن بلغ النهاية في القرن الثاني عشر، وهو القرن الذي شهدت فيه الدولة العثمانية مرحلة الشيخوخة والهرم، ودبت فيها عوامل الضعف والتدهور في مختلف مجالات الحياة العامة، الأمر الذي أغرى كثيراً من دول الغرب وزعمائه فيما يعد بالسعي إلى تجهيز حملة صليبية جديدة يكون الهدف منها القضاء على الدولة، ثم اقتسام بلاد المسلمين فيما بينهم، ظانين أن تلك هي الفرصة الثمينة، والكرّة النهائية التي لا تقوم للإسلام بعدها قائمة.

وقد صور المؤرخ الأمريكي لوثروب ستودارد تلك الحالة المتضعضعة، فقال:

"في القرن الثامن عشر (يعني الثاني عشر الهجري) كان العالم الإسلامي قد بلغ من التضعضع أعظم مبلغ، ومن التدني والإنحطاط أعمق دركة، فاربدَّ جوّه، وطبّقت الظلمة كل صقع من أصقاعه، ورَجا من أرجائه، وانتشر فيها فساد الأخلاق والآداب، وتلاشى ما كان باقياً من آثار التهذيب العربي، واستغرقت الأمم الإسلامية فى اتباع الأهواء والشهوات، وماتت الفضيلة في الناس، وساد الجهل، وانطفأت قبسات العلم الضئيلة، وانقلبت الحكومات الإسلامية إلى مطايا استبداد، وفوض واغتيال، فليس يُرى في العالم الإسلامي في ذلك العهد سوى المستبدين الغاشمين، كسلطان تركية وأواخر ملوك المغول في الهند، يحكمون حكماً واهناً فاشي القوة متلاشي الصبغة، وقام كثير من الولاة والأمراء يخرجون على الدولة التي خرجوا عليها، فكان هؤلاء الخوارج لا يستطيعون إخضاع من في

ص: 301

حكمهم من الزعماء هنا وهناك، فكثر السلب والنهب، وفُقد الأمن، وصارت السماء تمطر ظلماً وجوراً، وجاء فوق جميع ذلك رجال الدين المستبدون، يزيدون الرعايا إرهاقاً فوق إرهاق (1)، فغُلت الأيدي، وقُعد عن طلب الرزق، وكاد العزم يتلاشى في نفوس المسلمين، ويارت التجارة بواراً شديداً، وأهملت الزراعة أيما إهمال.

وأما الدين فقد غشيته غاشية سوداء، فألبست الوحدانية (2) التي علمها صاحب الرسالة الناسَ، سجفاً من الخرافات وقشور الصوفية، وخلت المساجد من أرياب الصلوات، وكثر عديد الأدعياء الجهلاء، وطوائف الفقراء والمساكين يخرجون من مكان إلى مكان، يحملون في أعناقهم التمائم والتعاويذ والسبحات، ويوهمون الناس بالباطل والشبهات، ويرغبونهم في الحج إلى قبور الأولياء (3)، ويزينون للناس التماس الشفاعة من دفناء القبور. وغابت عن الناس فضائل القرآن، فصار يشرب الخمر والأفيون في كل مكان، وانتشرت الرذائل وهتك ستر الحرمات على غير خشية ولا استحياء.

ونال مكة المكرمة والمدينة المنورة ما نال غيرهما من سائر مدن الإسلام، فصار الحج المقدس الذي فرضه النبي (4) على من استطاعه ضرباً من المستهزآت، وبالجملة فقد بدل المسلمون غير المسلمين، وهبطوا مهبطاً بعيد القرار، فلو عاد صاحب الرسالة إلى الأرض في ذلك العصر، ورأى ما كان يدهى الإسلام؛ لغضب وأطلق اللعنة (5) على من استحقها من المسلمين، كما يلعن المرتدون وعبدة الأوثان" (6).

(1) يريد أن يقتّم صورة علماء الإسلام بأنهم كانوا يدعون الناس إلى الإستسلام للواقع المر وأنه من صميم الإستسلام للقدر الذي هو ركان هن أركان الدين. وهذه دعوى غير صحيحة في واقع الأمر، إلا إذا كان يقصد أولئك الذين انتحلوا التصوف، وحولوا الممارسات الدينية إلى شعوذة ودروشة وتخريف.

(2)

يعني عقيدة التوحيد.

(3)

من ذلك المواسم التي كانت تقام سنوياً مرة أو مرتين على الضرائح والمشاهد.

(4)

الحج فرضه الله عز وجل ويلغه النبي عليه الصلاة والسلام، لأنه مبلغ وليس مشرعاً من عنده.

(5)

لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم طعًانا ولا لعًانا ولا صخاباً في الأسواق. كما في الحديث ومع ذلك فقد برئ ممن يغير الدين ويبدل فيه، وأنه محروم من الورود على حوضه ونيل شفاعته يوم القيامة.

(6)

حاضر العالم الإسلامي 1/ 259.

ص: 302

هكذا كان وضع العالم الإسلامي بصفة عامة، وأما وضع الجزيرة العربية، فقد كان صورة مصغرة، ونموذجاً لذلك الوضع العام الذي ساد العالم الإسلامي في تلك الحقبة الزمنية العصيبة.

ويصف الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله تلك الحالة القاتمة بأبلغ وصف، فيقول:"كان أهل عصره ومصره -يعني الشيخ محمد بن عبد الوهاب- في تلك الأزمان قد اشتدت غربة الإسلام بينهم، وعفت آثار الدين لديهم، وانهدمت قواعد الملة الحنيفية، وغلب على الأكثرين ما كان عليه أهل الجاهلية، وانطمست أعلام الشريعة في ذلك الزمان، وغلب الجهل والتقليد، والإعراض عن السنة والقرآن، وشب الصغير لا يعرف من الدين إلا ما كان عليه أهل تلك البلدان، وهرم الكبير على ما تلقاه عن الآباء والأجداد، وأعلام الشريعة مطموسة، ونصوص التنزيل وأصول السنة فيما بينهم مدروسة، وطريق الآباء والأسلاف مرفوعة الأعلام، وأحاديث الكهان والطواغيت مقبولة غير مردودة، ولا مدفوعة، قد خلعوا ربقة التوحيد والدين، وجذوا واجتهدوا في الإستعانة والتعلق بغير الله من الأولياء والصالحين، والأوثان والأصنام والشياطين، وعلماؤهم ورؤساؤهم على ذلك مقبلون، ويبحر الأجاج ساريون به، قد أغشتهم العوائد والمألوفات، وحبستهم الشهوات والإرادات عن الارتفاع إلى قلب الهدى من النصوص المحكمات والآيات البينات"(1).

وهكذا يتبين أن نجداً كانت في تلك الأيام بحاجة إلى دعوة إصلاح دينية توضح للجهال من الناس ما خفي عليهم من أمور الدين وأحكامه، وتقضي على كل ما من شأنه أن يخل بعقائد المسلمين، وتلزم من لم يكونوا يؤدون أركان الإسلام من صلاة وزكاة وصوم وحج، بأدائها.

ومن جهة أخرى، كانت في حاجة إلى حركة سياسية إصلاحية تجمع شتات إماراتها وقبائلها تحت راية واحدة ليسود الأمن والإستقرار فيها.

(1) حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، للدكتور سليمان بن عبد الرحمن الحقيل، ص 24.

ص: 303