المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَة

- ‌تَمْهِيدْ

- ‌أولًا - كلمة "مذهب

- ‌1 - المذهب لغة:

- ‌2 - المذهب عرفًا:

- ‌3 - المذهب اصطلاحًا:

- ‌ثانيًا - نشأة المذاهب الفقهية وسببها:

- ‌ثالثًا - أهمية المذاهب الفقهية في خدمة الشريعة الإسلامية:

- ‌الفصل الأولفي سيرة الإمام أحمد وعلمه

- ‌المبحث الأولالحياة السياسية في عصر الإمام أحمد

- ‌المبحث الثانيالحياة الثقافية في عصر الإمام أحمد

- ‌المبحث الثالثالحياة الإجتماعية في عصر الإمام أحمد

- ‌المبحث الرابعسيرة الإمام أحمد

- ‌الطور الأولالنشأة والطفولة

- ‌الطور الثانىطلبه للعلم والرحلة فيه

- ‌الطور الثالثحياة الإمام أحمد في بغداد إلى بداية المحنة

- ‌الطور الرابعالمحنة أسبابها. مراحلها. نتائجها

- ‌أسباب المحنة

- ‌مراحل المحنة

- ‌المرحلة الأولىالمحنة في زمن المأمون

- ‌المرحلة الثانيةالمحنة في زمن المعتصم

- ‌المرحلة الثالثةالمحنة في زمن الواثق

- ‌نتائج المحنة

- ‌المبحث الخامس‌‌وفاة الإمام أحمدومجمل مناقبه وعلمه

- ‌وفاة الإمام أحمد

- ‌مجمل مناقب الإمام أحمد وصفاته:

- ‌علم الإمام أحمد

- ‌أولاً: شهادة الناس له بالعلم:

- ‌ثانياً. في الرواية عنه:

- ‌ثالثاً: في مؤلفاته:

- ‌ما نسب إلى الإمام أحمد من كتب:

- ‌رسائل الإمام أحمد

- ‌المسندديوان السنة النبوية

- ‌ تاريخ تأليف المسند:

- ‌ وصف المسند:

- ‌ رواية المسند:

- ‌ منزلة المسند بين كتب الحديث:

- ‌ الأعمال التي تمت على المسند:

- ‌1 - غريب الحديث، لغلام ثعلب (261 هـ - 345 ه

- ‌2 - ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج لهم أحمد بن حنبل في "المسند" لإبن عساكر (499 هـ - 571 ه

- ‌3 - خصائص المسند، للحافظ أبي موسى المديني (501 هـ -581 ه

- ‌5 - التذكرة في رجال العشرة، لإبن حمزة الحسيني (715 هـ - 765 ه

- ‌6 - الإكمال في ذكر من له رواية في مسند الإمام أحمد من الرجال سوى من ذُكر في تهذيب الكمال:

- ‌8 - ترتيب المسند، لأبي بكر بن المحب (712 هـ - 789 ه

- ‌9 - ترتيب المسند، لإبن زريق (ت 803 ه

- ‌10 - إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال، لإبن الملقن (723 هـ -804 ه

- ‌11 - مختصر المسند

- ‌12 - غاية المقصد في زوائد المسند، للهيثمي (735 هـ - 807 ه

- ‌13 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد:

- ‌14 - جزء للحافظ الهيثمي:

- ‌15 - ترتيب مسند أحمد على حروف المعجم، للمقدسي (ت 820 ه

- ‌16 - ذيل الكاشف، لإبن العراقي (762 هـ - 826 ه

- ‌17 - المصعد الأحمد في ختم مسند الإمام أحمد، للحافظ ابن الجزري (751 هـ - 833 ه

- ‌18 - المقصد الأحمد في رجال أحمد

- ‌19 - المسند الأحمد فيما يتعلق بمسند أحمد

- ‌20 - ترتيب المسند المسمى "الكواكب الدراري في ترتيب مسند الإمام أحمد على أبواب البخاري"، لإبن زكنون (758 هـ - 837 ه

- ‌21 - زوائد المسانيد المسمى بـ: "إتحاف السادة المهرة بزوائد العشرة" للبوصيري (762 هـ - 840 ه

- ‌22 - القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد، للحافظ ابن حجر العسقلاني (773 هـ - 852 ه

- ‌23 - إطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي:

- ‌24 - تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة:

- ‌25 - التعريف الأجود بأوهام من جمع رجال السند:

- ‌26 - الذيل الممهد على القول المسدد، للسيوطي (ت 911 ه

- ‌27 - عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد:

- ‌29 - شرح المسند، للشيخ أبي الحسن السندي (ت 1139 ه

- ‌30 - نفثات الصدر المُكْمَد وقرّة عين السعد بشرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد، للسفاريني (1114 هـ - 1189 ه

- ‌31 - ذيل القول المسدد، لمحمد صبغة الله المدراسي:

- ‌32 - الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني للساعاتي (ت 1378 ه

- ‌33 - بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني:

- ‌34 - تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر للمسند:

- ‌35 - الموسوعة الحديثية الكبرى:

- ‌دعوى كون الإمام أحمد محدثًا غير فقيهٍ والرَّد عليها:

- ‌الفصل الثانيفي أدوار المذهب ومواطن انتشاره

- ‌الدور الأولالنشأة والتأسيس

- ‌تَمْهِيدْ

- ‌المبحث الأولوصف عام لأصحاب الإمام أحمد

- ‌المبحث الثانيفي التعريف بأصحابه الذين سمعوا منه ورووا فقهه

- ‌تصنيف رواة المسائل عن الإمام أحمد:

- ‌التعريف بأشهر أصحاب الإمام أحمد

- ‌1 - إبراهيم الحَرْبي (198 هـ - 285 ه

- ‌2 - إسحاق بن إبراهيم بن هانئ (218 هـ - 285 ه

- ‌3 - أحمد بن حُميد (أبو طالب) (؟ - 244 ه

- ‌4 - أحمد المرّوذي (؟ - 275 ه

- ‌5 - أحمد الأثرم (؟ - 273 ه

- ‌6 - إسحاق الكَوْسَج (170 هـ - 251 ه

- ‌7 - حرب الكرماني (؟ - 280 ه

- ‌8 - حنبل بن إسحاق (؟ - 273 ه

- ‌9 - سليمان بن الاشعث أبو داود (202 هـ - 275 ه

- ‌10 - صالح بن الإمام أحمد (203 هـ - 266 ه

- ‌11 - عبد الله بن الإمام أحمد (213 هـ - 290 ه

- ‌12 - عبد لله بن محمد (فوران) (- 256 ه

- ‌13 - عبد الملك الميموني (- 274 ه

- ‌14 - مُهَنّا بن يحيى الشامي:

- ‌الدور الثانيالنقل والنمو

- ‌تَمْهِيدْ

- ‌المبحث الأولمميزات هذا الدور

- ‌المبحث الثاني‌‌أشهر علماء هذا الدوروأبرز أعمالهم

- ‌أشهر علماء هذا الدور

- ‌1 - الخلال (311 ه

- ‌2 - ابن المنادي (256 هـ - 336 ه

- ‌3 - أبو بكر النجاد (253 هـ - 348 ه

- ‌4 - الخِرَقي (334 ه

- ‌5 - الآجُرّي (360 ه

- ‌6 - غلام الخلَّال (285 هـ - 3763 ه

- ‌7 - ابن بَطة العُكْبَري (304 هـ - 387 ه

- ‌8 - ابن المُسْلِم (387 ه

- ‌9 - الحسن بن حامد (403 ه

- ‌أبرز أعمال علماء هذا الدور

- ‌أولاً - الجمع للمسائل

- ‌ثانياً - الإختصار الفقهي

- ‌ثالثا - شروح المختصرات

- ‌رابعاً - التآليف الجزئية المفردة

- ‌خامساً - الكتابة في أصول الفقه الحنبلي

- ‌الدور الثالثالإنتشار - الإزدهار - الإستقرار

- ‌تَمْهِيدْ

- ‌المبحث الأولالمذهب في العراق

- ‌1 - القاضي أبو يَعْلى (380 - 458 ه

- ‌2 - أبو الخَطّاب (432 - 510 ه

- ‌3 - ابن المَنِّي (501 - 583 ه

- ‌المبحث الثانيالمذهب في حَرَّان

- ‌آل تيمية وجهودهم في خدمة المذهب الحنبلي:

- ‌المبحث الثالثالمذهب في بلاد الشام

- ‌المقادسة وجهودهم

- ‌نتائج جهود المقادسة

- ‌أشهر الفقهاء الشاميين الذين خدموا المذهب:

- ‌ موفق الدين عبد الله بن قدامة المقدسي (541 - 620 ه

- ‌ شمس الدين ابن مفلح (712 - 763 ه

- ‌ علاء الدين المرداوي (817 - 885 ه

- ‌حالة المذهب الحنبلي بعد المقادسة

- ‌الشيخ عبد القادر ابن بدران (1280 - 1346 ه

- ‌المبحث الرابعالمذهب في مصر

- ‌1 - ابن النجار الفُتُوحي (898 هـ - 972 ه

- ‌2 - منصور بن يونس البُهُوتي (1000 - 1051 ه

- ‌المبحث الخامسالمذهب في الجزيرة العربية

- ‌ الشيخ أحمد بن يحيى بن عطوة (948 ه

- ‌ الشيخ عبد الله بن محمد بن ذهلان (1099 ه

- ‌الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته

- ‌نتائج دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌1 - الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1165 - 1244 ه

- ‌2 - الشيخ عبد لله بن عبد الرحمن الملقب بـ "أبا بُطين" (1194 - 1282 ه

- ‌3 - الشيخ عبد الرحمن بن حسن أل آلشيخ (1193 - 1285 ه

- ‌أثر الملكة العربية السعودية في ازدهار الفقه الحنبلي

- ‌خلاصة ما تمّ في المملكة العربية السعودية من جهود في خدمة المذهب الحنبلي

- ‌1 - الشيخ سعد بن حمد بن علي ابن عتيق (1267 - 1349 ه

- ‌2 - الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الرحمن العنقري (1290 - 1373 ه

- ‌3 - الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي (1307 - 1376 ه

- ‌4 - الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع (1300 - 1385 ه

- ‌5 - الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (1311 - 1386 ه

- ‌الفصل الثالثسمات الحنابلة

- ‌تَمْهِيدْ

- ‌المبحث الأولأثر سيرة الإمام أحمد على الحنابلة

- ‌المبحث الثانيالإعتناء بعلوم الحديث الشريف

- ‌المبحث الثالثالحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌المبحث الرابعالإتباع للسلف ومناهضة البدع

- ‌المبحث الخامسالحنابلة والسلطة السياسية

- ‌المبحث السادسأضواء على الإجتهاد عند فقهاء الحنابلة

- ‌ تعريف "الإختيارات

- ‌ التأليف في الإختيارات:

- ‌ اختيارات ابن تيمية ومميزاتها:

- ‌ الأسس التي ترتكز عليها اختيارات شيخ الإسلام:

- ‌ مرتبة ابن تيمية في طبقات المجتهدين:

- ‌ منهج ابن تيمية في الفتوى والإجتهاد:

- ‌الفصل الرابعأبرز مؤلفات المذهب الحنبلي

- ‌تَمْهِيدْ

- ‌المبحث الأولفي فنون الفقه التي توزعتها التصانيف

- ‌المبحث الثانيفي ترتيب المكتبة الفقهية الحنبلية

- ‌كيفية التعرف على كتاب من الكتب الفقهية

- ‌كيفية ترتيب المكتبة الفقهية الحنبلية

- ‌المبحث الثالثفي التعريف بأشهر الكتب المعتمدة في المذهب

- ‌ الجامع للخلال:

- ‌ مختصر الخرقي:

- ‌ الإرشاد إلى سبيل الرشاد:

- ‌ الخلاف الكبير للقاضي أبي يعلى:

- ‌ كتاب الروايتين والوجهين:

- ‌ شرح مختصر الخرقي للقاضي أبي يعلى:

- ‌ الانتصار في المسائل الكبار:

- ‌ المستوعب:

- ‌ المغني:

- ‌ العمدة

- ‌ المقنع

- ‌الكافي

- ‌ المحرر:

- ‌ الفروع:

- ‌الإنصاف

- ‌الإقناع

- ‌ منتهى الإرادات:

الفصل: ‌ رواية المسند:

•‌

‌ رواية المسند:

انفرد عبدُ الله بن أحمد بن حنبل برواية "المسند" عن أييه، مع أنه سمعه مع أخيه صالح وابن عم أبيه حنبل بن إسحاق، وصالح -وهو أكبر أولاد الإمام - كان كثيراً ما يتغيَّبُ عن السماع سعياً وراء عياله (1)، ولعلَّ حنبلَ بن إسحاق اهتمَّ بفقه الإمام أحمد أكثر من اهتمامه بحديثه (2)، ومن ثَمَّ انفرد عبد الله بسماع سائر "المسند" عن أبيه (3)، بل إن بعض الأحاديث سمعها منه مرتين وثلاثاً (4)، وقد روى لنا "المسند" كما سمعه وزاد عليه أحاديث عن عوالي شيوخه وقد بلغ عددهم مئة وثلاثةً وسبعين شيخاً.

وعبد الله وثَّقه النسائي والدارقطني والخطيب وغيرهم، وحدَّث عنه النسائي وابن صاعد، وأبو علي بن الصواف، وأبو بكر بن النجاد، وأبو بكر القطيعي، وخلق كثير.

كانت ولادته سنة (213 هـ)، وتوفي سنة (290 هـ) عن سبع وسبعين سنة (5).

وقد نقل "المسند" برواية ابن الحُصين عن ابن المُذْهب، عن القطيعي، عن عبد الله بن أحمد، عن الإمام أحمد.

• ترجمة القطيعي (الراوي عن عبد الله):

هو أبو بكر أحمدُ بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعيُّ، ولد سنة (274 هـ)، وسمع "المسند" مع عمِّ أمه عبد الله بن الجصَّاص، وكان لأبيه جعفر اتصالٌ بالدولة، وكان عبد الله ابن الإمام أحمد يقرأ "المسند" لإبن ذلك السلطان، فحضر القطيعيُّ أيضاً، وسمعه منه (6).

وقد اتهمه ابنُ أبي الفوارس، فقال: لم يكن بذاك، له في بعض "المسند" أصولٌ فيها نظر، ذُكر أنه كتبها بعد الغرق (7). وكانت القطيعة -موطن سكناه- قد غرقت، فغرق فيها

(1) طبقات الحنابلة 1/ 182.

(2)

طبقات الحنابلة 1/ 143.

(3)

السير 11/ 181، 13/ 517.

(4)

السير 13/ 520.

(5)

السير: 516/ 13 - 526.

(6)

السير 16/ 212.

(7)

السير 16/ 212.

ص: 114

بعض كتبه، فغمزه الناس لاستحداث نسخها من كتاب لم يكن فيه سماعه (1). وقد دافع ابن الجوزي عن هذه التهمة بقوله: ومثلُ هذا لا يُطعنُ به عليه، لأنه يجوز أن تكون تلك الكتب التي غرقت قد قُرئت عليه، وعورض بها أصله، وقد روى عنه الأئمة كالدارقطني، وابن شاهين، والبرقاني وأبي نعيم والحاكم (2).

وقال الخطيب البغدادي: لم يمتنع أحدٌ من الرواية عنه، ولا ترك الإحتجاج به (3).

وقال الحاكم: ثقة مأمون (4).

توفي أبو بكر سنة (368 هـ) وله خمس وتسعون سنة (5)

• ترجمة ابن المُذهِب (الراوي عن القطيعي):

هو أبو علي الحسنُ بن علي ابن المُذْهِب، البغدادي الواعظ.

ولدَ سنة (355 هـ).

قالَ الخطيب البغدادي: كَتَبْنا عنه، وكان يروي عن ابن مالك القَطيعي "مسند" أحمد ابن حنبل بأسره، وكان سماعه صحيحاً إلا في أجزاء منه، فإنه ألْحقَ اسمَه فيها (6).

وقد دافع ابن الجوزي عن هذه التهمة أيضاً بقوله: هذا لا يوجب القدح، لأنه إذا تيقن سماعه للكتاب جاز أن يكتب سماعه بخطه (7).

وقال أبو بكر ابن نقطة: ليتَ الخطيب نبَّه في أيِّ مسند تلك الأجزاء التي استثنى، ولو فعل لأتى بالفائدة، وقد ذكرنا أن مسندي فضالة بن عبيد، وعوف بن مالك لم يكونا في

(1) تاريخ بغداد 4/ 73.

(2)

المنتظم 7/ 93.

(3)

تاريخ بغداد 4/ 73.

(4)

ميزان الاعتدال 1/ 88.

(5)

السير 16/ 213.

(6)

تاريخ بغداد 7/ 390.

(7)

المنتظم 8/ 155.

ص: 115

نسخة ابن المذهب، وكذلك أحاديث من مسند جابر، لم توجد في نسخته، رواها الحرَّاني عن القطيعي، ولو كان ممن يُلحقُ اسمه كما قيل لألحق ما ذكرناه أيضاً، والعجب من الخطيب يَرُدّ قوله بفعله (1).

وقد روى الحافظ ابن عساكر "المسند" من طريق ابن المذهب وليس في نسخته مسند فضالة بن عبيد وعوف بن مالك، قال في كتابه "ترتيب أسماء الصحابة": عوفُ بن مالك الأشجعي في جزءٍ فيه فضالة بن عبيد، ولم يقع إلينا مسموعاً (2).

وقال ابن حجر في "أطراف المسند": وهو فوتٌ لإبن المُذهب على القطيعي لم يسمعه منه، وقد رواه عن القطيعي أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران، وحدَّث به عنه أبو الحسن علي بن العلاف، وهذا العلاّف قد أجاز لأبي القاسم بن عساكر ولأبي موسى المديني وطائفة، فيمكن اتصاله بالإجازة من طريق بعضهم (3).

توفي ابن المُذهب سنة (444 هـ)(4).

• ترجمة ابن الحصين (الراوي عن ابن المُذْهب):

هو أبو القاسم هبةُ الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحُصين الشيباني البغدادي. ولد سنة (432 هـ).

قال ابن الجوزي؛ كان ثقةً، صحيح السماع، وسمعتُ منه "مسند" الإمام أحمد جميعه (5).

وقال السمعاني: شيخٌ، ثقة، دَيِّنٌ، صحيح السماع، واسعُ الرواية (6).

وقد حدَّث عن ابن الحُصين أيضاً أبو القاسم بن عساكر، وأبو موسى المديني، وحنبل ابن عبد الله المكبِّر.

(1) السير 17/ 642.

(2)

ترتيب أسماء الصحابة ص 87.

(3)

أطراف المسند 1/ ورقة 225.

(4)

السير 17/ 640 - 643.

(5)

المنتظم 10/ 24.

(6)

السير 19/ 538.

ص: 116

وعن ابن الحصين اشتهرت روايةُ "المسند" وذاع في جميع البلدان، ورواه العددُ الجمُّ من الحفاظ الثقات، وتصدوا لإسماعه وروايته. توفي ابن الحُصين سنة (525 هـ)(1).

• طريق أخرى في رواية المسند:

وللحافظ أبي موسى المديني (2) طريقٌ آخر للمسند ينتهي إلى القطيعي، قال عنه في كتابه "خصائص المسند": فإن مما أنعم الله علينا أن رزقنا سماع كتاب المسند للإمام الكبير، إمام الدين أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني رحمه الله تعالى - فحصّل لي والدي رحمه الله وجزاه عني خيراً - إحضاري قراءته سنة خمس وخمس مئة على الشيخ المقرئ بقية المشايخ أبي علي الحسن بن الحداد، وكان سماعه لأكثره عن أبي نعيم أحمد ابن عبد الله الحافظ -وما فاته منه قرئ عليه بإجازته له- وأبو نعيم كان يرويه عن شيخيه أبي علي محمد بن أحمد بن الحسن الصواف، وأبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي، على ما تنطقُ فهرست مسموعاتي بخط والدي رحمه الله (3):

1 -

أما أبو علي ابن الحدّاد، فهو مسند العصر، الحسن بن أحمد بن الحسن بن محمد بن علي بن مهرة الأصفهاني، شيخ أصبهان في القراءات والحديث جميعاً.

ولد سنة (419 هـ)، وبدأ بالسماع سنة (424 هـ) وبعدها، وأكثر عن أبي نعيم الحافظ، ومن جملة ما سمع منه "مسند" الإمام أحمد.

قال السمعاني: هو أجلُّ شيخٍ أجاز لي، رَحَل الناس إليه، وكان خيراً صالحاً ثقة. توفي سنة (515 هـ)(4).

2 -

وأما أبو نعيم: فهو الحافظ، الثقة، أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران، الأصبهاني، صاحب كتاب "حلية الأولياء"، و"تاريخ أصبهان"، و"معرفة الصحابة"، و"المستخرج على الصحيحين".

ولد سنة (336 هـ).

(1) السير 19/ 536 - 539.

(2)

هو العلامة الحافظ الكبير الثقة شيخ المحدثين، أبو موسى بن أبي بكر عمر بن أي عيسى أحمد بن عمر بن محمد بن أحمد بن أبي عيسى، المديني، الأصبهاني، الشافعي، صاحب التصانيف. ولد سنة (501 هـ) وتوفي سنة (581 هـ). "سير أعلام النبلاء" 21/ 152.

(3)

خصائص المسند ص 4.

(4)

السير 19/ 303 - 307.

ص: 117

كان حافظاً مبرِّزاً، عاليَ الإسناد، تفرَّد في الدنيا بشيء كثيرٍ من العوالي، وهاجر إلى لُقِيِّهِ الحفاظ.

توفي سنة (430 هـ)(1).

3 -

وأما أبو علي ابن الصواف: فهو الشيخ، المحدث، الثقة، الحجة، محمد بن أحمد ابن الحسن بن إسحاق البغدادي.

ولد سنة (270 هـ).

قال الدارقطني: ما رأت عيناي مثلَ أبي علي ابن الصواف.

وقال ابن أبي الفوارس: كان أبو علي ثقة مأموناً، ما رأيتُ مثله في التحرز.

توفي سنة (359 هـ) وله تسع وثمانون سنة (2).

وممن سمع "المسند" من ابن الحصين: المسند، المعمَّر، الصالح، أبو علي حنبل بن عبد الله بن الفرج بن سعادة، الواسطي البغدادي، الرُّصافي، المكبِّر، وهو آخرُ من روي "المسند" عنه، فالحق الصغار بالكبار (3).

ولد سنة (511 هـ)، فبادر والدُه إلى الشيخ عبد القادر الكيلاني، فأعلمه أنه ولد له ولدٌ ذكر فقال: سمِّ ابنك حنبلاً، وأسمعه "المسند" فإنه يُعمَّر ويُحتاج إليه (4). فسمَّعه أبوه وهو في الثانية عشرة من عمره جميعَ "المسند" من ابن الحصين بقراءة نحويِّ عصره أبي محمد بن الخشَّاب، وذلك في رجب وشعبان سنة (523 هـ)(5).

قال ابن الأنماطي (6): تتَّبعتُ سماع حنبل للمسند من عدة نُسخ وأثبات، وخطوط أئمة أثبات، إلى أن شاهدتُ بها أصول سماعه لجميع "المسند" سوى أجزاء من مسند ابن عباس، شاهدت بها نقل سماعه بخط من يوثق به. وسمعتُ منه جميع "المسند" ببغداد في نيف وعشرين مجلساً، ثم أخذتُ أرغِّبه في السفر إلى الشام، وقلتُ له: يحصُلُ لك من

(1) السير 17/ 453 - 463.

(2)

السير 16/ 184 - 186.

(3)

ذيل الروضتين ص 62.

(4)

المصعد الأحمد ص 29.

(5)

السير 21/ 431.

(6)

هو الشيخ العالم الحافظ المجوِّد البارع مفيد الشام، تقي الدين أبو الطاهر، إسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن بن أبي بكر بن هبة الله، الأنصاري، المصري، الشافعي، المعروف بـ"ابن الأنماطي". ولد سنة (570 هـ) وتوفي كهلاً سنة (610 هـ). "سير أعلام النبلاء" 22/ 173.

ص: 118

الدنيا شيء، وتُقْبلُ عليك وجوه الناس، فقال: دعني، فوالله ما أسافرُ من أجلهم، ولا لما يحصُل منهم، إنما أسافر خدمةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أروي أحاديثه في بلد لا تروى.

قال: ولما علم الله تعالى نيته الصالحة، أقبل بوجوه الناس عليه، وحرك الهمم

للسماع عليه، فاجتمع عليه جماعةٌ ما اجتمعوا بمجلس بدمشق.

قال ابن الجزري: وذلك في مجالس، آخرها في صفر سنة ثلاث وست مئة.

قال ابن الأنماطي: فحدَّث بالمسند بالبلد (يعني دمشق) مرة، وبالجامع المظفري (أي: بالصالحية) أخرى، وازدحم عليه الخلقُ، وسمع منه السلطان الملك المعظم وأقاربه، وأبو عمر الزاهد، وسائر المقادسة، وحدّث عنه الكبار بالمسند، كالشيخ الفقيه ببعلبك (ت: 617 هـ) (1)، وقاضي الحنفية شمس الدين عبد الله بن عطاء (ت: 673 هـ) (2)، والشيخ تقي الدين بن أبي اليسر (ت: 672 هـ) (3)، والشيخ شمس الدين ابن قدامة (ت: 682 هـ) (4)، والشيخ شمس الدين أبي الغنائم ابن علّان (ت: 631 هـ) (5)، والشيخ أبي العباس ابن شيبان (ت: 685 هـ) (6)، والشيخ فخر الدين ابن البخاري (ت: 690 هـ) (7)، والمرأة الصالحة زينب بنت مكِّي (ت: 688 هـ) (8).

وأما من حدَّث عنه ببعض "المسند" فعددٌ كثير، ورجع إلى وطنه، فمرّ على حلب، فحدَّث بالمسند بها، ثم بالمَوْصل، فحدث بالمسند بها أيضًا ويإربل، ودخل إلى بغداد بخيرٍ كثير.

فتوفي بالرصافة في نصف المحرَّم سنة (604 هـ) عن نحو ثلاث وتسعين سنة -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- (9).

(1) السير 22/ 101.

(2)

الجواهر المضية 2/ 336.

(3)

الوافي بالوفيات 9/ 71.

(4)

ذيل طبقات الحنابلة 2/ 304.

(5)

السير 22/ 362.

(6)

الوافي 6/ 417.

(7)

ذيل طبقات الحنابلة 2/ 325.

(8)

العبر 5/ 358.

(9)

المصعد الأحمد: ص 29 - 30.

ص: 119

• طرق المتأخرين في رواية المسند:

وعن حنبل روى "المسند" الإمامُ، العالم، المحدِّث، الفقيه، الصَّالح، الثقة، الأمين، فخر الدين، أبو الحسن، علي بن أحمد بن عبد الواحد، السَّعدي، المقدسى، الحنبلي، الشهير بابن البخاري، المتوفى سنة (690 هـ) بجبل قاسيون.

قال ابن الجزري: وقد قرئ عليه "المسند" مرات، آخرها في سنة (689 هـ)، سمعه منه جماعات بقراءة الإمام كمال الدين أحمد بن أحمد بن محمد ابن الشريشي (ت: 718 هـ) (1)، منهم شيختنا أم محمد ست العرب بنت محمد (ت: 767 هـ) (2)، وآخرهم شيخنا صلاح الدين محمد بن أحمد (3).

وصلاح الدين: هو الشيخ الصالح، الصدوق، الدَّيِّن، الخيِّر، المُسْنِد، محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن شيخ الإسلام أبي عمر محمد بن أحمد بن قُدامة، المقدسي، الحنبلي.

قال ابن الجزري: أخذتُ عنه "المسند" كاملاً بقراءتي وقراءة غيري في نحو سبع سنين.

وسببه أن نسخة أصل سماعه كانت بخط الحافظ الضياء -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- فوُجد بعضها، وكان شيخنا الحافظ الكبير شمس الدين أبو بكر ابن المحب يُحرضنا على سماع "المسند" منه، ويقول: لا تشكُّوا في أنه سمعه كاملاً، فكنا نقرؤه من نسخة وَقْفِ الباذرائية (مدرسة لا تزال إلى يومنا هذا بمحلة العمارة الجُوَّانية في الشمال الشرقي من جامع بني أمية) لوضوحها، وكان بعض المحدثين قد احتاط عليها، ولا يُعطي منها شيئاً إلا بعد تعب كثير فطالت المدة لذلك.

وسمعه أيضاً كلاملاً الشيخُ صدرُ الدين سليمان الياسوفي (ت: 789 هـ)(4)، والشيخ بدر الدين محمد بن مكتوم، والشيخ شهاب الدين أحمدُ بن شيخنا عماد الدين بن الحُسباني (ت: 815 هـ) (5)، والشيخ شهاب الدين أحمد بن الشيخ علاء الدين حِجِّي

(1) الدرر الكامنة 1/ 252.

(2)

شذرات الذهب 6/ 208.

(3)

المصعد الأحمد: ص 33.

(4)

الدرر الكامنة 2/ 166

(5)

إنباء الغمر 7/ 78

ص: 120

(ت: 816 هـ)(1)، والمُحدِّث شمس الدين محمد بن محمود بن إسحاق الحلبي، والشيخُ الإمام ناصرُ الدين محمد بن ظُهيرة المكي (ت: 817 هـ) (2)، وصاحبنا أبو عبد الله محمد ابن محمد بن ميمون البَلوي الأندلسي (ت: بعد التسعين وسبع مئة) (3)، والفقيهُ الفاضل شمس الدين محمد بن عثمان بن سعد بن السَّقَّا المالكي وغيرهم.

وسمع بعضه عليه جماعة كثيرون.

ولم يظهر سماعُه بالمجلد الثاني من مسند أبي هريرة، ولا بمسند عبد الله بن عمرو بن العاص، وفي آخره مسند أبي رِمثة نحو ثلاث أوراق، ولا بمسند الكوفيين، ومسند ابن مسعود، ومسند ابن عمر، ومسند الشاميين، ومسند المكيين، لعدم وقوفنا على ذلك من نسخة الحافظ الضياء، فكنا نقرأ ذلك عليه إجازةً إن لم يكن سماعاً، فظهر قبل موته مجلدان من ذلك بخطِّ الحافظ الضياء، وفيهما أصلُ سماعه، فقال لنا الحافظ ابن المحبِّ: ألم أقل لكم: إنه سمع جميع "المسند". ثم بعد وفاة الشيخ صلاح الدين ظهر تتمَّةُ "المسند" بخط الحافظ الضياء، وظهر سماعُه فسُرَّ طلبةُ الحديث بذلك.

وكانت وفاته سنة (780 هـ) بمنزله بدَيْر الحنابلة بسَفْح قاسيون (4).

وذكر المُحَدِّثُ المتقنُ الشيخ أبو بكر محمدُ بن خير الإشبيلي، التوفى سنة (575 هـ)، في "فهرسته"(5) من مروياته "مسند" الإمام أحمد، وقال: حدثني به الشيخ أبو محمد بن عتاب إجازةً، قال: حدثنا به أبو عمر بنُ عبد البر إجازةً، عن أبي محمد عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن، قال: حدثنا أبو بكر أحمدُ بن جعفر بن حمدان بن مالك، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنا أبي رحمه الله.

ثم قال: قال ابن عبد البر: وكذلك ناوَلَنيه وأجازه لي أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الوَهراني، عن أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه رحمه الله.

(1) إنباء الغمر 7/ 121

(2)

العقد الثمين 2/ 53

(3)

غاية النهاية 2/ 255.

(4)

المصعد الأحمد: 34 - 36.

(5)

فهرست ابن خير ص 139.

ص: 121

قال أبو محمد ابن عتاب: وحدثني به أيضاً أبو عمر أحمد بن محمد بن الحذَّاء، وأبو القاسم حاتِمُ بن محمد الطرابُلسي، قالا: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الوهراني، عن أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك، عن عبد الله بن أحمد ابن حنبل، عن أبيه.

وذكر أيضاً إسناده من طريق ابن الحُصين.

وقال القاسم بن يوسف التُّجيبيُّ السبَّتي المتوفى سنة (735 هـ) في "برنامجه"(1) ص 121 - 122: سمعتُ يسيراً من "المسند"، وذلك جميع مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه، على الشيخ الفقيه المفتي علاء الدين أبي الحسن علي بن إبراهيم بن داود بن سلمان بن سليمان بن سالم بن سلامة الدمشقي الشافعي، المعروف بابن العطار، وأجازنا جميعه بحقِّ سماعه من أبي علي حنبل بن عبد الله بن الفرج بن سعادة الرُّصافي البغدادي المكبِّر بجامع المهدي بالرصافة، بحقّ سماعه لجميعه من أبي علي الحسن بن علي بن المذهب التميمي، بسماعه من الإمام أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي، بسماعه من أبي عبد الرحمن عبد الله بن أحمد، بسماعه من أبيه أحمد بن محمد بن حنبل، رحمهم الله أَجْمَعِينْ-.

وأخبرنا أيضًا به الشيخُ الفقيهُ الإمامُ -جار الله تعالى ونزيل حَرَمه- الأمين فخر الدين أبو عمرو عثمان بن محمد المالكي فيما شافهنا به من إذنه، وأقرَّ لنا بروايته، قال: قرأتُه على سفير الخلافة العباسية نجيب الدين أبي الفرج عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني في سنة إحدى وستين وست مئة بمنزله من القاهرة، بحقِّ سماعه من أبي محمد عبد الله بن أحمد الحربي في سنة ست وتسعين وخمس مئة ببغداد، بسماعه من أبي القاسم ابن الحصين المذكور بالسند المذكور.

وكتب إلينا عامّاً المسنِدُ الأجلُّ، فخر الدين، أبو الحسن عليُّ بن اللإمام أبي العباس أحمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور المقدسي الحنبلي،

(1) البرنامج والفهرس والمعجم والمشيخة والثَّبَت، موضوعها واحد في اصطلاح المحدثين، وهو الكتاب الجامع لأسماء شيوخ المُحدث ومروياته عنهم، إلا أن أهل المشرق يستعملون كلمة ثَبَت ومعجم ومشيخة، وأهل المغرب والأندلس يستعملون كلمة الفهرس والبرنامج.

ص: 122