الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأن الإيمان غير مخلوق، وهو قول باللسان، وإخلاص بالجنان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة، وينقص بالأوزار .... وأن محمدًا خاتم النبيين، وأفضل القرن الذين صحبوه أربع عشرة مائة بايعوه بيعة الرضوان (1).
باب الغصب:
الغاصب ظالم متعد ضامن لما غصب. فإن رد ذلك بعينه، فلا شيء عليه غيره، إلا أن يكون لمثله أجرة فيلزمه أجرة مثله لمدة كونه في يده، انتفع به أو لم ينتفع.
فإن استعمله فأخلقه -أي أبلاه- لزمه مع أجرته ما نقص من قيمته، فإن كانت له قيمة يوم غصبه، فنقصت في يده، ثم رده، فعليه رد ما نقص من قيمته، وقيل عنه: إن لم يتغير في عينه، وإنما نقصت قيمته لنقصان السعر رده كما غصبه، ولم يلزمه رد نقصان القيمة معه (2).
•
الخلاف الكبير للقاضي أبي يعلى:
التعريف بعنوان الكتاب:
سماه ولده أبو الحسين "الخلاف الكبير" ويسمى أيضاً: "التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة"، وهو العنوان الموجود على المخطوط الذي عُرف. وقد يسمى "الحلاف" على الَّاختصار، أو"مسائل الخلاف على مذهب أحمد بن حنبل". وفي هذا الخلاف في تسمية الكتاب دخل الوهم على بعض المؤلفين، فظنوا هذه العناوين كتبًا مختلفة للمؤلف.
المؤلف:
هو القاضي محمد بن الحسين بن محمد، أبو يعلى، المعروف بابن الفراء، البغدادي، شيخ الحنابلة في وقته. المولود سنة 380 هـ ببغداد، والمتوفى بها سنة 458 هـ.
من ذكر الكتاب من المصنفين:
ذكره كل من: ولده أبي الحسين في "طبقات الحنابلة"، والذهبي في "سير أعلام النبلاء"، والبعلي الحنبلي في "القواعد والفوائد الأصولية"، وعلاء الدين المرداوي في مقدمة "الإنصاف"، وابن رجب في "الإستخراج لأحكام الخراج"، والعليمي في "المنهج
(1) الإرشاد ص 7.
(2)
الإرشاد ص 257.
الأحمد"، وابن بدران في "المدخل"، وصاحب "العقود الدرية" وحاجي خليفة في "كشف الظنون" (1).
مكان وجود الكتاب:
يوجد من هذا الكتاب المجلد الرابع في دار الكتب المصرية تحت رقم 140 فقه حنبلي. ونسخة مصورة عنها في معهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية ذات رقم 18 اختلاف الفقهاء (2).
وصف الكتاب وطريقة تصنيفه وأهميته:
يتكون كتاب "التعليق الكبير" من أحد عشر مجلداً، كما وصفه لنا شيخ الإسلام تقي الدين أحمد ابن تيمية، إذ جاء في رسالة له أرسلها إلى أهله في الشام وهو في مصر: وترسلون أيضاً من تعليق القاضي أبي يعلى الذي بخط القاضي أبي الحسين إن أمكن الجميع، وهو أحد عشر مجلداً، وإلا فمن أوله مجلداً، أو مجلدين، أو ثلاثة (3). اهـ.
ومن حرص ابن تيمية على اقتناء الكتاب واستصحابه في الغربة والسفر، تظهر
أهميته وقيمته في المكتبة الحنبلية.
ويعتبر هذا الكتاب ذخيرة للحنابلة في مسائل الخلاف، أو الفقه المقارن، من حيث إنه أبان عن حجج الحنابلة، وأدلتهم، والرد على مخالفيهم فيما ذهبوا إليه من مسائل الخلاف.
قال الشيخ عبد القادر بدران: وأجمع ما رأيته لأصحابنا في هذا النوع "الخلاف الكبير" للقاضي أبي يعلى، وهو في مجلدات لم أطلع منه إلا على المجلد الثالث، وهو ضخم، أوله كتاب الحج، وآخره باب السلم، وقد سلك فيه مسلكاً واسعًا، وتفنن في هدم كلام الخصم تفنناً لم أره في غيره (4).
وطريقة المؤلف في هذا الكتاب أن يصدر الكلام بذكر رأي الحنابلة في المسألة، فيورد الروايات عن الإمام أحمد رحمه الله، وأقوال أصحابه، ثم يردف رأي الحنابلة برأي
(1) القاضي أبو يعلى وكتابه الأحكام السلطانية، للدكتور عبد القادر أبو فارس، ص 199.
(2)
فهرس المخطوطات المصورة لمعهد المخطوطات 1/ 330، تصنيف فؤاد سيد، ط. القاهرة، 1954.
(3)
العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية، للحافظ محمد بن عبد الهادي، ص 258، تحقيق محمد حامد الفقي، القاهرة، 1938.
(4)
المدخل ص 450.
من وافقهم من غيرهم من أصحاب المذاهب، ثم بعد ذلك يتعرض لأقوال المخالفين، ثم يعود ليذكر أدلة الحنابلة بالتفصيل والإسهاب الكثير، ثم يذكر بعض أدلة المخالفين، ويناقشها ويورد بعض اعتراضات الخصوم أو المخالفين، ويرد عليها (1).
مقتطفات من الكتاب:
جاء في المجلد الرابع قوله في المسألة الأولى من كتاب الحج:
مسألة:
من شروط وجوب الحج: وجود الزاد والراحلة. نص عليها في رواية حنبل. فقال: السبيل: الزاد والراحلة. وليس عليه أن يحج راجلًا إلا أن يتطوع بنفسه، وكذلك نقل صالح قول أبي حنيفة والشافعي.
وقال مالك وداود: الراحلة غير معتبرة، فمن قدر على المشي لزمه ذلك. ولم يقف وجوبه على وجود الراحلة، وأما الزاد فلا يعتبر ملكه، وإنما يعتبر القدرة عليه، فإن كان ذا صنعة يمكنه الإكتساب بها لزمه.
دليلنا: قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]. فلها دليلان: أحدهما: من جهة الإستنباط، والثاني: من جهة التفسير. وأما الإستنباط: فهو أن كل عبادة أمر بفعلها اقتضى ذلك القدرة على الفعل؛ كالصوم والصلاة وغيرها. فلما اشترط في الحج استطاعة السبيل اقتضى ذلك زيادة على القدرة التي اعتبرها مالك، وليس ذلك الإستطاعة التي نعتبرها.
وأما التفسير: فروى أبو بكر (2) بإسناده عن الحسن قال: قيل: يا رسول الله، ما السبيل؟ قال:"من وجد زاداً وراحلة"(3). رواه الدارقطني عن ابن مسعود، وابن عمر، وعمرو بن شعيب، وعلي، وأنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم -قيل له: ما السبيل؟ قال: "الزاد والراحلة "(4).
(1) وقد وضع ابن الجوزي على هذا الكتاب كتاباً سماه "التحقيق في مسائل التعليق" تعقب فيه القاضي أبا يعلى في الأحاديث التي استدل بها.
(2)
هو عبد العزيز المعروف بـ "غلام الخلّال".
(3)
الحديث رواه عبد الله بن أحمد في "المسائل" 2/ 675، وأبو داود في "المسائل"(ص 97) أيضاً. كلاهما عن الإمام أحمد عن هشيم بن بشير عن يونس عن الحسن. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 4/ 327، من طريق سفيان عن يونس عن الحسن.
(4)
سنن الدارقطني 2/ 215 - 218.