المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَة

- ‌تَمْهِيدْ

- ‌أولًا - كلمة "مذهب

- ‌1 - المذهب لغة:

- ‌2 - المذهب عرفًا:

- ‌3 - المذهب اصطلاحًا:

- ‌ثانيًا - نشأة المذاهب الفقهية وسببها:

- ‌ثالثًا - أهمية المذاهب الفقهية في خدمة الشريعة الإسلامية:

- ‌الفصل الأولفي سيرة الإمام أحمد وعلمه

- ‌المبحث الأولالحياة السياسية في عصر الإمام أحمد

- ‌المبحث الثانيالحياة الثقافية في عصر الإمام أحمد

- ‌المبحث الثالثالحياة الإجتماعية في عصر الإمام أحمد

- ‌المبحث الرابعسيرة الإمام أحمد

- ‌الطور الأولالنشأة والطفولة

- ‌الطور الثانىطلبه للعلم والرحلة فيه

- ‌الطور الثالثحياة الإمام أحمد في بغداد إلى بداية المحنة

- ‌الطور الرابعالمحنة أسبابها. مراحلها. نتائجها

- ‌أسباب المحنة

- ‌مراحل المحنة

- ‌المرحلة الأولىالمحنة في زمن المأمون

- ‌المرحلة الثانيةالمحنة في زمن المعتصم

- ‌المرحلة الثالثةالمحنة في زمن الواثق

- ‌نتائج المحنة

- ‌المبحث الخامس‌‌وفاة الإمام أحمدومجمل مناقبه وعلمه

- ‌وفاة الإمام أحمد

- ‌مجمل مناقب الإمام أحمد وصفاته:

- ‌علم الإمام أحمد

- ‌أولاً: شهادة الناس له بالعلم:

- ‌ثانياً. في الرواية عنه:

- ‌ثالثاً: في مؤلفاته:

- ‌ما نسب إلى الإمام أحمد من كتب:

- ‌رسائل الإمام أحمد

- ‌المسندديوان السنة النبوية

- ‌ تاريخ تأليف المسند:

- ‌ وصف المسند:

- ‌ رواية المسند:

- ‌ منزلة المسند بين كتب الحديث:

- ‌ الأعمال التي تمت على المسند:

- ‌1 - غريب الحديث، لغلام ثعلب (261 هـ - 345 ه

- ‌2 - ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج لهم أحمد بن حنبل في "المسند" لإبن عساكر (499 هـ - 571 ه

- ‌3 - خصائص المسند، للحافظ أبي موسى المديني (501 هـ -581 ه

- ‌5 - التذكرة في رجال العشرة، لإبن حمزة الحسيني (715 هـ - 765 ه

- ‌6 - الإكمال في ذكر من له رواية في مسند الإمام أحمد من الرجال سوى من ذُكر في تهذيب الكمال:

- ‌8 - ترتيب المسند، لأبي بكر بن المحب (712 هـ - 789 ه

- ‌9 - ترتيب المسند، لإبن زريق (ت 803 ه

- ‌10 - إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال، لإبن الملقن (723 هـ -804 ه

- ‌11 - مختصر المسند

- ‌12 - غاية المقصد في زوائد المسند، للهيثمي (735 هـ - 807 ه

- ‌13 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد:

- ‌14 - جزء للحافظ الهيثمي:

- ‌15 - ترتيب مسند أحمد على حروف المعجم، للمقدسي (ت 820 ه

- ‌16 - ذيل الكاشف، لإبن العراقي (762 هـ - 826 ه

- ‌17 - المصعد الأحمد في ختم مسند الإمام أحمد، للحافظ ابن الجزري (751 هـ - 833 ه

- ‌18 - المقصد الأحمد في رجال أحمد

- ‌19 - المسند الأحمد فيما يتعلق بمسند أحمد

- ‌20 - ترتيب المسند المسمى "الكواكب الدراري في ترتيب مسند الإمام أحمد على أبواب البخاري"، لإبن زكنون (758 هـ - 837 ه

- ‌21 - زوائد المسانيد المسمى بـ: "إتحاف السادة المهرة بزوائد العشرة" للبوصيري (762 هـ - 840 ه

- ‌22 - القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد، للحافظ ابن حجر العسقلاني (773 هـ - 852 ه

- ‌23 - إطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي:

- ‌24 - تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة:

- ‌25 - التعريف الأجود بأوهام من جمع رجال السند:

- ‌26 - الذيل الممهد على القول المسدد، للسيوطي (ت 911 ه

- ‌27 - عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد:

- ‌29 - شرح المسند، للشيخ أبي الحسن السندي (ت 1139 ه

- ‌30 - نفثات الصدر المُكْمَد وقرّة عين السعد بشرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد، للسفاريني (1114 هـ - 1189 ه

- ‌31 - ذيل القول المسدد، لمحمد صبغة الله المدراسي:

- ‌32 - الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني للساعاتي (ت 1378 ه

- ‌33 - بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني:

- ‌34 - تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر للمسند:

- ‌35 - الموسوعة الحديثية الكبرى:

- ‌دعوى كون الإمام أحمد محدثًا غير فقيهٍ والرَّد عليها:

- ‌الفصل الثانيفي أدوار المذهب ومواطن انتشاره

- ‌الدور الأولالنشأة والتأسيس

- ‌تَمْهِيدْ

- ‌المبحث الأولوصف عام لأصحاب الإمام أحمد

- ‌المبحث الثانيفي التعريف بأصحابه الذين سمعوا منه ورووا فقهه

- ‌تصنيف رواة المسائل عن الإمام أحمد:

- ‌التعريف بأشهر أصحاب الإمام أحمد

- ‌1 - إبراهيم الحَرْبي (198 هـ - 285 ه

- ‌2 - إسحاق بن إبراهيم بن هانئ (218 هـ - 285 ه

- ‌3 - أحمد بن حُميد (أبو طالب) (؟ - 244 ه

- ‌4 - أحمد المرّوذي (؟ - 275 ه

- ‌5 - أحمد الأثرم (؟ - 273 ه

- ‌6 - إسحاق الكَوْسَج (170 هـ - 251 ه

- ‌7 - حرب الكرماني (؟ - 280 ه

- ‌8 - حنبل بن إسحاق (؟ - 273 ه

- ‌9 - سليمان بن الاشعث أبو داود (202 هـ - 275 ه

- ‌10 - صالح بن الإمام أحمد (203 هـ - 266 ه

- ‌11 - عبد الله بن الإمام أحمد (213 هـ - 290 ه

- ‌12 - عبد لله بن محمد (فوران) (- 256 ه

- ‌13 - عبد الملك الميموني (- 274 ه

- ‌14 - مُهَنّا بن يحيى الشامي:

- ‌الدور الثانيالنقل والنمو

- ‌تَمْهِيدْ

- ‌المبحث الأولمميزات هذا الدور

- ‌المبحث الثاني‌‌أشهر علماء هذا الدوروأبرز أعمالهم

- ‌أشهر علماء هذا الدور

- ‌1 - الخلال (311 ه

- ‌2 - ابن المنادي (256 هـ - 336 ه

- ‌3 - أبو بكر النجاد (253 هـ - 348 ه

- ‌4 - الخِرَقي (334 ه

- ‌5 - الآجُرّي (360 ه

- ‌6 - غلام الخلَّال (285 هـ - 3763 ه

- ‌7 - ابن بَطة العُكْبَري (304 هـ - 387 ه

- ‌8 - ابن المُسْلِم (387 ه

- ‌9 - الحسن بن حامد (403 ه

- ‌أبرز أعمال علماء هذا الدور

- ‌أولاً - الجمع للمسائل

- ‌ثانياً - الإختصار الفقهي

- ‌ثالثا - شروح المختصرات

- ‌رابعاً - التآليف الجزئية المفردة

- ‌خامساً - الكتابة في أصول الفقه الحنبلي

- ‌الدور الثالثالإنتشار - الإزدهار - الإستقرار

- ‌تَمْهِيدْ

- ‌المبحث الأولالمذهب في العراق

- ‌1 - القاضي أبو يَعْلى (380 - 458 ه

- ‌2 - أبو الخَطّاب (432 - 510 ه

- ‌3 - ابن المَنِّي (501 - 583 ه

- ‌المبحث الثانيالمذهب في حَرَّان

- ‌آل تيمية وجهودهم في خدمة المذهب الحنبلي:

- ‌المبحث الثالثالمذهب في بلاد الشام

- ‌المقادسة وجهودهم

- ‌نتائج جهود المقادسة

- ‌أشهر الفقهاء الشاميين الذين خدموا المذهب:

- ‌ موفق الدين عبد الله بن قدامة المقدسي (541 - 620 ه

- ‌ شمس الدين ابن مفلح (712 - 763 ه

- ‌ علاء الدين المرداوي (817 - 885 ه

- ‌حالة المذهب الحنبلي بعد المقادسة

- ‌الشيخ عبد القادر ابن بدران (1280 - 1346 ه

- ‌المبحث الرابعالمذهب في مصر

- ‌1 - ابن النجار الفُتُوحي (898 هـ - 972 ه

- ‌2 - منصور بن يونس البُهُوتي (1000 - 1051 ه

- ‌المبحث الخامسالمذهب في الجزيرة العربية

- ‌ الشيخ أحمد بن يحيى بن عطوة (948 ه

- ‌ الشيخ عبد الله بن محمد بن ذهلان (1099 ه

- ‌الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته

- ‌نتائج دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌1 - الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1165 - 1244 ه

- ‌2 - الشيخ عبد لله بن عبد الرحمن الملقب بـ "أبا بُطين" (1194 - 1282 ه

- ‌3 - الشيخ عبد الرحمن بن حسن أل آلشيخ (1193 - 1285 ه

- ‌أثر الملكة العربية السعودية في ازدهار الفقه الحنبلي

- ‌خلاصة ما تمّ في المملكة العربية السعودية من جهود في خدمة المذهب الحنبلي

- ‌1 - الشيخ سعد بن حمد بن علي ابن عتيق (1267 - 1349 ه

- ‌2 - الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الرحمن العنقري (1290 - 1373 ه

- ‌3 - الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي (1307 - 1376 ه

- ‌4 - الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع (1300 - 1385 ه

- ‌5 - الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (1311 - 1386 ه

- ‌الفصل الثالثسمات الحنابلة

- ‌تَمْهِيدْ

- ‌المبحث الأولأثر سيرة الإمام أحمد على الحنابلة

- ‌المبحث الثانيالإعتناء بعلوم الحديث الشريف

- ‌المبحث الثالثالحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌المبحث الرابعالإتباع للسلف ومناهضة البدع

- ‌المبحث الخامسالحنابلة والسلطة السياسية

- ‌المبحث السادسأضواء على الإجتهاد عند فقهاء الحنابلة

- ‌ تعريف "الإختيارات

- ‌ التأليف في الإختيارات:

- ‌ اختيارات ابن تيمية ومميزاتها:

- ‌ الأسس التي ترتكز عليها اختيارات شيخ الإسلام:

- ‌ مرتبة ابن تيمية في طبقات المجتهدين:

- ‌ منهج ابن تيمية في الفتوى والإجتهاد:

- ‌الفصل الرابعأبرز مؤلفات المذهب الحنبلي

- ‌تَمْهِيدْ

- ‌المبحث الأولفي فنون الفقه التي توزعتها التصانيف

- ‌المبحث الثانيفي ترتيب المكتبة الفقهية الحنبلية

- ‌كيفية التعرف على كتاب من الكتب الفقهية

- ‌كيفية ترتيب المكتبة الفقهية الحنبلية

- ‌المبحث الثالثفي التعريف بأشهر الكتب المعتمدة في المذهب

- ‌ الجامع للخلال:

- ‌ مختصر الخرقي:

- ‌ الإرشاد إلى سبيل الرشاد:

- ‌ الخلاف الكبير للقاضي أبي يعلى:

- ‌ كتاب الروايتين والوجهين:

- ‌ شرح مختصر الخرقي للقاضي أبي يعلى:

- ‌ الانتصار في المسائل الكبار:

- ‌ المستوعب:

- ‌ المغني:

- ‌ العمدة

- ‌ المقنع

- ‌الكافي

- ‌ المحرر:

- ‌ الفروع:

- ‌الإنصاف

- ‌الإقناع

- ‌ منتهى الإرادات:

الفصل: ‌ منتهى الإرادات:

وتعتبر كتب الحجاوي بصورة عامة مقررات الطلاب والعلماء في الديار النجدية وما حولها منذ عدة قرون، وكان من جملة من رحل إلى الحجاوي من النجديين، وقرأ عليه "الإقناع" أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن أبي جدّه، المعروف بـ "ابن أبي حمُيدان" المولود سنة 925 هـ تقريبًا، والمتوفى في آخر القرن العاشر.

فقد رحل إلى الشام للتزود من العلم، وقرأ على علمائها، وأشهر مشايخه فيها العلامة الحجاوي، فلازمه أكثر من سبع سنين ملازمة تامة، حتى استفاد منه فائدة تامة، وأجازه إجازة مطولة، أثنى عليه فيها، وجاء في تلك الإجازة ما يلي:"وبعد: فقد قرأ وسمع علي الإمام العالم العلامة محمد أبو عبد الله شمس الدين بن الشيخ إبراهيم بن محمد بن أبي حميدان، الشهير بنسبه الكريم بـ "أبي جَدّه". . قراءة وسماعًا ببحث وتحقيق وتدقيق كتابي "الإقناع". . فقد قرأ جميع ذلك في مدة لا تريد على سبع سنين

" (1).

كما نلاحظ قيمة كتاب "الإقناع" جلية في رسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، ومكاتباته، خصوصًا باب الردة، فإنه كان مادة الشيخ في فتاويه واحتجاجه على الخصوم، مما يدل على أهمية هذا الباب في هذا الكتاب، حتى إن العلامة السفاريني (1188 هـ) وضع بإزائه كتابًا سماه: الذخائر لشرح منظومة الكبائر الواقعة في "الإقناع"(2).

•‌

‌ منتهى الإرادات:

عنوان الكتاب:

يعرف هذا الكتاب بعنوان "منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات" صرح بتسميته بذلك مصنفه في خطبة الكتاب.

المؤلف:

هو محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي بن إبراهيم بن رُشيد الفُتُوحي، تقي

(1) علماء نجد خلال ثمانية قرون 5/ 481 - 482.

(2)

النعت الأكمل ص 302،

ص: 469

الدين أبو بكر شهاب الدين، الشهير بـ "ابن النجار" قاضي القضاة، ابن شيخ الإسلام قاضي القضاة. المولود في القاهرة سنة 898 هـ، والمتوفى بها عصر يوم الجمعة ثامن صفر سنة 972 هـ.

وصف الكتاب وطريقة تصنيفه وأهميته:

هذا الكتاب عبارة عن متن من المتون المجردة، المصححة، المبنية على قول واحد، والخالية من الدليل والتعليل، شأن "الإقناع"، فـ "المنتهى" و"الإقناع" متنان متشابهان إلى حد بعيد، إلا أن "الإقناع" أغزر وأوعب من "المنتهى". قال ابن حميد في "الدر المنضد" عن "المنتهى": إنه يقع في مجلد واحد متوسط الحجم.

ويعتبر كتاب "منتهى الإرادات" جمعًا لكتابين جليلين، كما أفاد ذلك عنوان الكتاب وخطبته، ألف بينهما ومزجهما مزجًا عجيبًا، وأضاف إلى ذلك زيادات وأشياء، ليخرج عمله عن مجرد الجمع، إلى التحقيق والتكميل والتحرير.

وهذان الكتابان هما:

وكتاب "المقنع" لموفق الدين، عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي المتوفى سنة (620 هـ).

- وكتاب "التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع" للقاضي علاء الدين، علي بن سليمان؛ المرداوي المتوفى سنة (885 هـ)، الذي تتبع في كتابه هذا كتاب "المقنع" ورجح فيه الأوجه التي أطلقها مؤلفه.

فجاء كتاب "منتهى الإرادات" جامعًا بين هذين الكتابين، ضاما ما نُثِر فيهما من فوائد وشوارد، مما لاغنى عنه لطالب العلم، ومريد معرفة دقائق المذهب.

ولا ريب أن هناك سببًا وهدفًا حدا بابن النجار إلى صرف همته للجمع بين هذين الكتابين وسبكهما في متن واحد، صار فيما بعدُ عمدة للفتوى والقضاء. وقد كشف هو بنفسه عن هذا السبب وهذا الهدف في شرحه على المنتهى المسمى "معونة أولي النُّهى في شرح المنتهى" فقال (باختصار): ويعد، فـ"التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع" في الفقه، كان المذهب محتاجًا إلى مثله، فإنه صحح ما أطلقه الشيخ الموفق في "المقنع" من الروايتين أو الروايات، ومن الوجهين أو الأوجه، وقيد ما أخل به من شرط، وفسر ما فيه من إبهام في حكم أو لفظ،

ص: 470

واستثنى من عموم ألفاظه ما هو مستثنى على المذهب، حتى خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وما هو مقيد للإطلاق، وكمل على بعض فروع مسائله ما هو مرتبط بها، وزاد عليه مسائل محررة مصححة، فصار تصحيحًا لغالب ما في المطولات. وأما ما قطع به الشيخ في "المقنع" من الحكم أو قَدَّمه أو صححه وذكر أنه المذهب، وكان موافقًا للصحيح، ومفهومه مخالفًا لمنطوقه، فإنه لم يتعرض إليه غالبًا، ولم يذكره في "التنقيح". فاحتاج مَنْ عنده "التنقيح" أن يكون عنده "المقنع" فاستخرت الله تعالى أن أجمع مسائلهما في كتاب واحد، مع ضم ما تيسر عقله من الفوائد الشوارد (1).

وفكرة الجمع بين "المقنع" و"التنقيح" كانت أمنية في أذهان فقهاء المذهب قبل ابن النجار، وحاول بعض العلماء أن يحققها، منهم الشيخ أحمد بن عبد الله بن أحمد العسكري الصالحي (910 هـ). قال عنه الغزي:"وألف كتابًا في الفقه، جمع فيه بين "المقنع" و"التنقيح" ومات قبل أن يتمه"(2). وقال ابن طولون الدمشقي: "وقد صنف صاحب الترجمة كتابا جمع فيه بين "المقنع" في الفقه لإبن قدامة و"التنقيح" لأبي الحسن علي المرداوي، وهو كتاب مفيد، لكنه اخترمته المنية قببل إكماله. وقد بلغني أن صاحبنا الشهاب الشويكاني تلميذه شرع في تكملته"(3). وممن جمع "التنقيح" مع "المقنع" أيضًا: الشيخ أحمد بن أحمد الشويكي النابلسي الصالحي (948 هـ) في كتاب سماه "التوضيح "(4).

طريقة المصنف في هذا الكتاب:

رتب الشيخ ابن النجار كتابه هذا على ترتيب أصليه "المقنع" و"التنقيح" في الكتب والأبواب والفصول، إلا أنه أخلاها من العناوين، فتراه يعقد الكتاب أو الباب أو الفصل، عاريًا عن الترجمة، إلا أنه يأتي بالكلمة الأولى من النص على أنها تمثل العنوان والمفتاح، ثم ينسقها مع ما يليها، فيقول مثلاً: كتاب: الطهارة: ارتفاع حدث وما في معناه

. الخ. باب: المياه ثلاثة: طهور يرفع الحديث

الخ. فصل: سنن وضوء استقبال قبلة وسواك

الخ.

(1) معونة أولي النُّهى في شرح المنتهى 1/ 154. دراسة وتحقيق د. عبد الملك بن عبد الله دهيش، ط. دار خضر، بيروت، 1995.

(2)

النعت الأكمل ص 78.

(3)

المصدر السابق ص 86، وانظر المدخل، لإبن بدران، ص 440.

(4)

المدخل ص 440.

ص: 471

ثم إنه يورد الفروع في مواضعها بسبك عجيب، وتأليف بارع، في وضوح عبارة، وسهولة أسلوب. فهو يُشبه إلى حدّ كبير كتاب "الإقناع" لتلميذه موسى الحجاوي.

ونلاحظ عند المقارنة مع "المقنع" أنه زاد عليه زيادات وافرة وتفصيلات مفيدة، حتى كأنه شرح له، فلا شك أنه استوعبه مع "التنقيح" وزاد عليهما، إلا أنه حذف ما رآه مستغنى عنه أو مرجوحًا، وفي جملة ذلك يقول:

ولا أحذف منهما إلا المستغنى عنه والمرجوح وما بني عليه، ولا أذكر قولاً غير ما قدم، أو صحح في "التنقيح" إلا إذا كان عليه العمل، أو شُهر، أو قوي الخلاف، فربما أشير إليه. وحيث قلت: قيل وقيل -ويندر ذلك- فلعدم الوقوف على تصحيح، وإن كان لواحد، فلإطلاق احتماليه (1).

أهمية الكتاب وقيمته:

يعتبر متن "منتهى الإرادات" كسَمِيِّه "الإقناع" خلاصة الفقه الحنبلي منذ القرن العاشر إلى الآن، في جمع الفروع وترتيبها، وتحريرها، وتصحيحها، وتجريدها من الخلاف.

وتظهر أهمية هذا المتن في مرآة التقاريظ التي كتبت عليه، بالإضافة إلى منزلة مصنفه في فقهاء الحنابلة، ثم بالجهود التي وضعت عليه.

فأما تقاريظ العلماء عليه فكثيرة، منها قول ابن بدران: هو كتاب مشهور، عمدة المتأخرين في المذهب، وعليه الفتوى فيما بينهم (2).

وقال ابن حُميد النجدي ثم المكي: وقد ألف مصنَّفَه المشهور المنعوت "منتهى الإرادات" حرر مسائله على الراجح من المذهب، فاشتغل به عامة طلبة الحنابلة في عصره، واقتصروا عليه، وقُرئ على والده مرات بحضرته، فأثنى على المؤلف، وشرحه المصنف شرحًا مفيدًا في ثلاث مجلدات، أحسن فيه ما شاء (3).

(1) منتهى الإرادات وبهامشه حاشية النجدي 1/ 6، ط مؤسسة الرسالة، 1999.

(2)

المدخل ص 439.

(3)

السحب الوابلة 2/ 854.

ص: 472

وقال الشيخ منصور بن يونس البهوتي (1051 هـ) في خطبة شرحه على "المنتهى": "وبعد، فإن كتاب "المنتهى" لعلم الفضائل، وأوحد العلماء الأماثل؛ محمد تقي الدين ابن شيخ الإسلام أحمد شهاب الدين ابن النجار الفتوحي الحنبلي، تغمده الله تعالى برحمته ورضوانه، وأسكنه فسيح جنانه، كتاب وحيد في بابه، فريد في ترتيبه واستيعابه، سلك فيه منهاجًا بديعًا ورضّعه ببدائع الفوائد ترصيعًا، عُدَّ ذلك الكتاب من المواهب، وسار في المشارق والمغارب"(1).

وأما منزلة مصنفه فهي المنزلة الرفيعة بين فقهاء الحنابلة، فهو عَلم في الفتيا والتدريس والقضاء وفصل الأحكام.

يقول عنه العلامة عبد القادر الجزيري فيما نقله عنه ابن حُميد: "وانفرد بعد والده بالإفتاء والتدريس بالأقطار المصرية، ثم بعد وفاة شيخنا الشهاب الشويكي بالمدينة المنورة، وتلميذه العلامة الشيخ موسى الحجاوي بالشام، انفرد -فيما أعلم- في سائر أقطار الأرض، وقصد بالأسئلة من البلاد الشاسعة، كاليمن وغيره، وتصدى لنفع المسلمين بالمدرسة الصالحية؛ بخط بين القصرين -مكان مسكنه بخلوة الحنابلة- وكانت أيامه جميعًا اشتغالاً بالفتيا، أو بالتدريس، أو بالتصنيف، مع جلوسه في ديوان الحنابلة للقضاء وفصل الأحكام .. إلى أن قال: وبالجملة فلم يكن من يضاهيه في مذهبه، ولا من يماثله في منصبه، وكان قلمه أحسن من لفظه، وله في تحرير الفتاوي اليد العليا، والكتابة المقبولة على الوجه الصحيح الأولى"(2).

ومما يدل على علو شأن "المنتهى" ما عني به علماء المذهب شرحًا وتحشية وجمعًا مع غيره واختصارًا له.

فقد شرحه الشيخ منصور بن يونس البهوتي (1051 هـ)(3) شيخ الحنابلة في عصره، اعتمد فيه على شرح المصنف، ووضع حاشية على شرح المصنف الذكور، كما حشّاه حفيد المصنف الشيخ عثمان بن أحمد الفتوحي القاهري (1064 هـ)، وحشاه الشيخ عثمان بن أحمد النجدي (1097 هـ) حاشية نفيسة ومفيدة، جردها من هوامش

(1) شرح منتهى الإرادات، لمنصور البهوتي، 1/ 5، ط. عالم الكتب، بيروت، 1996.

(2)

السحب الوابلة 2/ 855 - 856.

(3)

وقد طبع هنا الشرح سابقاً، ووفقني الله لإعادة نشره محققًا على عدة نسخ خطية، وصدر عن مؤسسة الرسالة سنة (1421 هـ) في ستة مجلدات مع ملحق بفهارسه.

ص: 473

نسخته تلميذُه ابن عوض النابلسي، فجاءت في مجلد ضخم محررًا تحريرًا نفيسًا، فصار من أنفس كتب المذهب (1).

كما جمع بينه وبين الإقناع الشيخ مرعي بن يوسف الكرمي المقدسي (1033 هـ) في كتابه "غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى" واختصره أيضًا في كتابه "دليل الطالب".

والجمع بين "الإقناع" و"المنتهى" دليل على أنهما صنوان.

ومن أجل ذلك قام الشيخ منصور البهوتي بشرح الكتابين معًا، فشرح "الإقناع" أولاً في كتاب سماه "كشاف القناع على متن الإقناع"، وهو مطبوع مشهور متداول، ثم شرح "المنتهى"، واعتمد في ذلك على شرح "الإقناع"، وعلى شرح المصنف المسمى بـ "معونة أولي النُّهى"، فكان الشرحان من حيث الأهمية، كالمتنين في الرجوع إليهما والإعتماد عليهما، حتى اعتُبرا من المصادر المعتمدة في الفقه في المحاكم في المملكة العربية السعودية.

فما اتفق عليه هذان الشرحان، أو انفرد به أحدهما، فهو المتبع، وما اختلفا فيه فالعمل بما في المنتهى (2).

* * *

وبهذا خُتم الجزء الأول من المذهب الحنبلي، ويليه الجزء الثاني في مصادر الفقه الحنبلي وأصوله، والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب.

(1) وقد يسر الله لي تحقيق هذه الحاشية وطبعها مع المتن، وصدرت في مجلدين سنة (1419 هـ/ 1999 م) عن مؤسسة الرسالة.

(2)

مجموعة النظم الحكومية، قسم القضاء الشرعي 14.

ص: 474