الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وطُبع منه إلى الآن أربعة أجزاء؛ من أول الكتاب إلى آخر العقيقة، بدراسة وتحقيق الدكتور مساعد بن قاسم الفالح. نشرته مكتبة المعارف بالرياض في أربعة أجزاء.
مقتطفات من الكتاب:
من كتاب الزكاة:
باب زكاة التجارة:
حكم قيم عروض التجارة في الزكاة، كحكم الناض (1)، فإذا بلغت قيمتها نصابا قدره مقدار نصاب الناض، وحال الحول، ولم ينقص عن ذلك وجبت زكاتها، وهي كزكاة الناض ربع العشر، وما زاد على النصاب فبحسابه، وإن قل، ويخرج من القيمة لا من العروض.
فإن نقصت قيمتها في بعض الحول عن النصاب فلا زكاة إلا أن يكون في ملكه ناض زكوي، فيكمل الجميع نصابًا فتجب الزكاة.
وكل عروض التجارة تقوم إذا تم الحول، سواء كانت مما تجب الزكاة في عينه، كبهيمة الأنعام أو غير ذلك، وسواء كانت مما ينقل، كاللآلئ والجواهر جميعها، والمكيل والموزون والمذروع، والعبيد، وسائر الحيوان، أو مما لا ينقل، كالعقار والغراس (2).
•
المغني:
عنوان الكتاب:
يعرف هذا الكتاب بـ"المغني" بدون أي شيء زائد، والظاهر أن هذا الإسم وضعه المؤلف على ظهر الكتاب، لأنه لم يذكر في المقدمة أنه سماه باسم معين، والذي يدل على أن المؤلف سماه بهذا الإسم شهرة هذا العنوان في عصر المؤلف، فقد قال ابن أخيه الشيخ عبد الرحمن بن أبي عمر في مقدمة "الشرح الكبير": اعتمدت في جمعه على كتابه "المغني" وذكرت فيه من غيره ما لم أجده فيه من الفروع والوجوه والروايات، ولم أترك من كتاب "المغني" إلا شيئًا يسيرًا من الأدلة. . . إلخ.
(1) أي: الدراهم والدنانير المضروية في لغة أهل الحجاز، وقال أبو عبيد: إنما يسمونه ناضا إذا تحول الثمن عينًا بعد أن كان متاعًا. المصباح المنير "نضَّ"
(2)
المستوعب 3/ 295.
المؤلف:
هو عبد الله بن أحمد بن قدامة، موفق الدين، أبو محمد المقدسي، ثم الصالحي الفقيه الزاهد. المولود بجمّاعيل سنة 541 هـ، والمتوفى يوم السبت يوم عيد الفطر سنة 620 هـ بمنزله بدمشق.
وصف الكتاب وطريقة تصنيفه وأهميته:
يعتبر كتاب "المغني" من أوسع الكتب المصنفة في المذهب، وأكبرها حجمًا، فهو يقع في (9) مجلدات كبار بخط مصنفه (1).
واعتبر كثير من العلماء كتاب "المغني" أحسن شروح الخرقي، من حيث التوسع وكثرة الفوائد، وغير ذلك.
قهو إذن شرح على "مختصر الخرقي". لكن الذي يبدو من منهج الموفق رحمه الله، وقصده في هذا الكتاب، هو تكوين موسوعة للفقه الحنبلي، وليس شرح مختصر الخرقي بالذات، وإنما بناه على المختصر، وجعل مسائله كتراجم لأبحاث كتاب "المغني". وهذا ما نلمسه واضحًا في مقدمته الوجيزة للكتاب، إذ جاء فيها:
وقد أحببت أن أشرح مذهبه -أي الإمام أحمد - واختياره، ليعلم ذلك من اقتفى آثاره، وأبين في كثير من المسائل ما اختلف فيه مما أجمع عليه، وأذكر لكل إمام ماذهب إليه، تبركًا بهم (2)، وتعريفًا لمذاهبهم، وأشير إلى دليل بعض أقوالهم على سبيل الإختصار، والإقتصار من ذلك على المختار، وأعزو ما أمكنني عزوه من الأخبار، إلى كتب الأئمة من علماء الآثار، لتحصل الثقة بمدلولها، والتمييز بين صحيحها ومعلولها، فيعتمد على معروفها ويعرض عن مجهولها.
ثم بنيت ذلك على شرح مختصر الخرقي أبي القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله الخرقي رحمه الله لكونه كتابا مباركًا نافعًا، ومختصرًا موجزًا جامعًا، ومؤلفه إمام كبير
(1) المدخل، لإبن بدران، ص 425.
(2)
تجاوز رحمه الله في هذا التعبير؛ لأنه لا يجوز التبرك بالصالحين، لأن الصحابة لم يكونوا يفعلونه مع غير النبي صلى الله عليه وسلم في حياته؛ لا مع أبي بكر ولا غيره، ولا فعله التابعون مع قادتهم في العلم والدين. وللنبي صلى الله عليه وسلم خصائص في حال حياته لا يصلح أن يشاركه فيها غيره، فلا يجوز أن يقاس عليه أحد من الأئمة، هذا لو كانوا على قيد الحياة، فكيف وهم أموات!! إن الأمر إذًا أشدّ، ولا يجوز إطلاقًا.
صالح، ذو دين، أخو ورع، جمع العلم والعمل، فنتبرك بكتابه (1)، ونجعل الشرح مرتبًا على مسائله وأبوابه (2).
فالكتاب يعد شرحًا للمذهب، وليس لمختصر الخرقي فحسب، كما يعتبر أصله مختصرًا لفقه الإمام أحمد، وليس مختصرًا لكتاب آخر.
طريقة ابن قدامة في المغني:
طريقة المصنف في هذا الكتاب: أنه يكتب المسألة من مختصر الخرقي، ويجعلها كالترجمة للبحث، ثم يأتي على شرحها وتبيينها، وما دلت عليه بمنطوقها ومفهومها ومضمونها، ثم يتبع ذلك ما يشابهها مما ليس بمذكور في الكتاب، فتحصل المسائل كتراجم الأبواب (3).
ويلتزم صاحب المغني في عناوين الكتاب وتراجمه، ما في مختصر الخرقي، بحيث يقسم الكتاب كله إلى مجموعة كتب، ككتاب الطهارة، وكتاب الصلاة. . . . ويقسم الكتاب الواحد إلى عدة أبواب، كباب الآنية، باب الحيض. . . ويقسم الباب إلى عدة مسائل، كل مسألة يجعلها كالترجمة للبحث.
ثم إنه يورد المباحث والأحكام التي لم ينص عليها الخرقي تحت فصول غير مترجمة. فيقول مثلاً: فصل: وحكم المستحاضة حكم التيمم. . . الخ، فصل: يستحب أن يكون ابتداء تكبيره مع ابتداء رفع رأسه. . . .
العناية بالخلاف والأدلة في المغني:
يعنى المؤلف بذكر الخلاف والأدلة في هذا الكتاب، وهو قبل أن يكون مصدرًا لمعرفة الخلاف، فهو مصدر لمعرفة الإجماع، إذ أخذ على نفسه أن يبين في كثير من المسائل ما اختلف فيه مما أجمع عليه.
قال الشيخ رشيد رضا رحمه الله في تقدمته لطبع "المغني" و"الشرح الكبير": الفائدة الخامسة: إن الذي يقرأ الكتابين أو يراجع المسائل فيهما يقف على مسائل
(1) هذه مبالغة منه رحمه الله لأنه ليس هناك كتاب يعتقد فيه البركة غير كتاب الله عز وجل؛ قال تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} [الأنعام: 92]، ولأنه معصوم من الخطأ، وما عداه من الكتب فهو عرضة للخطأ. والله أعلم.
(2)
المغني 1/ 5، ط. دار هجر (1406 هـ - 1986 م)
(3)
المغني 1/ 3.
الإجماع، وهي الواجبة قطعًا على جميع المسلمين، فلا يسع أحدًا منهم ترك شيء منها إلا بعذر شرعي (1). اهـ.
ونلاحظه تارة يحيل في حكاية الإجماع على ابن المنذر، وتارة يتكفل ذلك بنفسه، فيقول مثلا: لا نعلم في ذلك خلافًا. أو نحو هذه العبارة.
وأما الخلاف والأدلة:
فيذكر ابن قدامة في "المغني" الخلاف في حكاية المذهب على روايتين أو أكثر متى وجد، وينسب كل رواية لصاحبها، ويوجهها بوجوه من النظر والدليل، كما يعنى بذكر الخلاف بين الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من الأئمة الأربعة وغيرهم، ويستدل لكل مذهب بدليل مقتضب، وقد صرح بذلك في المقدمة، فقال: وأشير إلى دليل بعض أقوالهم على سبيل الإختصار، والإقتصار من ذلك على المختار (2). اهـ. ويرجح في الأخير ما يراه راجحًا على طريقة فن الخلاف والجدل، ويتوسع في فروع المسألة.
قيمة كتاب المغني وأهميته:
بعد هذا التعريف الموجز بشأن هذا الكتاب العظيم، يتبين أنه ديوان الإسلام في الفقه، وليس كتابًا للحنابلة فحسب، وليس أدل على ذلك من مسارعة العلماء في الاقتناء له على اختلاف مذاهبهم، فهو في الفقه الإسلامي بمنزلة تفسير ابن جرير الطبري في تفسير القرآن، أو تفسير القرطبي في جمع أحكامه، وبمنزلة "السنن الكبرى" للبيهقي في جمع أحاديث الأحكام. وقديمًا قال سلطان العلماء العز بن عبد السلام: ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل "المحَلَّى والمجلَّى"(3) وكتاب "المغني" للشيخ موفق الدين ابن قدامة، في جودتهما وتحقيق ما فيهما.
ونقل عنه أيضًا قوله: لم تطب نفسي بالفتيا حتى صار عندي نسخة من "المغني"(4).
وعلق الذهبي على الكلمة الأولى بقوله: قلت: لقد صدق الشيخ عز الدين. وثالثهما: "السنن الكبرى للبيهقي"، ورابعها:"التمهيد" لإبن عبد البر.
(1) مقدمة "المغني" ص 27، ومقدمة "المغني مع الشرح الكبير" ص 18، ط. دار الكتاب العربي.
(2)
المغني 1/ 2.
(3)
يعني كتاب ابن حزم الشهير بـ "المحلى" واسمه الكامل "المحلَّى بالآثار في شرح المجلى بالأخبار".
(4)
ذيل طبقات الحنابلة 2/ 142.
فمن حصل هذه الدواوين، وكان من أذكياء الفتين، وأدمن المطالعة فيها، فهو العالم- حقا (1) اهـ.
وقد كتب الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله مقدمة حافلة لطبعة "المغني" الأولى التي طبعت مع "الشرح الكبير" لإبن أخي الموفق، والتي كانت بأمر الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله.
وكان الشيخ رشيد يتمنى قبل ذلك طبع الكتاب، ويقول: وإذا يسر الله تعالى لكتاب "المغني" من يطبعه فأنا أموت آمنا على الفقه الإسلامي أن يموت (2).
ونلخص أهم فوائد "المغني" وكذلك "الشرح الكبير" فيما يلي:
- إن الكتابين مصدران من مصارد الإجماع.
- وكذلك يعتبران مصدرين من مصادر معرفة اختلاف الصحابة والتابعين، فأغنى هذان الكتابان عن مراجعة كتب السنن الآثار المعرفة بمذاهب الصحابة والتابعين إجماعًا وخلافًا، كمصنف ابن أبي شيبة، ومصنف عبد الرزاق، وكتب الأثرم، وكتب ابن المنذر.
- إن المطالع لهذين الكتابين بإدمان ومواظبة، ليتدرب على تكوين آلة الإجتهاد وحسن النظر في فقه الأدلة والخلاف بين العلماء، فيخرج من رِبْقَةِ الجمود على التقليد المحض المذموم.
- وقد سلك الوفق وابن أخيه في عرض مسائل الخلاف ومناقشتها مسلك الأدب العالي مع جميع علماء الأمصار، عند ى خلاف صاحب "المُحلَّى" رحمه الله، مما يدل على أن المسائل الخلافية لم تكن بعد ذاتها سببًا للتفرق أو التعادي بين المسلمين، ولا للمفاضلة بين علمائهم، لولا ذلك التعصب المقيت الذي سلكه بعض أنصار المذاهب في كتبهم.
وكتاب "الشرح الكبير" لا يختلف عن "المغني" في الطريقة والمنهج، بل وفي المحتوى إلا شيئًا قليلًا، فمن أجل ذلك رأينا أن ما قيل عن في "المغني" يكفي في التعريف بـ "الشرح الكبير" فهو المقنع والكافي والمغني إن شاء الله.
(1) سبر أعلام النبلاء 18/ 193.
(2)
مقدمة طبعة المغني ص 16.