الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ غَيْرِ اسْتِخْبَارِهَا عَنْ حَجِّهَا لِنَفْسِهَا قَبْل ذَلِكَ، وَتَرْكُ الاِسْتِفْصَال يَتَنَزَّل مَنْزِلَةَ عُمُومِ الْمَقَال.
ثَالِثًا: شُرُوطُ صِحَّةِ الْحَجِّ الْوَاجِبِ عَنِِ الْغَيْرِ:
117 -
أ - يُشْتَرَطُ أَنْ يَأْمُرَ الأَْصِيل بِالْحَجِّ عَنْهُ، بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَيِّ.
أَمَّا الْمَيِّتُ فَلَا يَجُوزُ حَجُّ الْغَيْرِ عَنْهُ بِدُونِ وَصِيَّتِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ (1) .
وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ، إِذَا حَجَّ أَوْ أَحَجَّ عَنْ مُوَرِّثِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِيهِ، وَتَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمَيِّتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، مُسْتَدِلِّينَ بِحَدِيثِ الْخَثْعَمِيَّةِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُفَصِّل فِي حَقِّ السَّائِل هَل أَوْصَى أَوْ لَمْ يُوصِ، وَهُوَ وَارِثٌ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ: مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ حَجٌّ وَجَبَ الإِْحْجَاجُ عَنْهُ مِنْ جَمِيعِ تَرِكَتِهِ، سَوَاءٌ أَوْصَى بِهِ أَمْ لَا، كَمَا تُقْضَى مِنْهَا دُيُونُهُ سَوَاءٌ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا. فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ اسْتُحِبَّ لِوَارِثِهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ، فَإِنْ حَجَّ عَنْهُ بِنَفْسِهِ أَوْ أَرْسَل مَنْ حَجَّ عَنْهُ سَقَطَ الْحَجُّ عَنِ الْمَيِّتِ، وَلَوْ حَجَّ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْوَارِثُ،
(1) المسلك المتقسط ص 288، والدر بشرحه وحاشيته 2 / 328، وشرح الكبير 2 / 18 - 19، وإجزاء تبرع الأجنبي بحجة الفرض عمن لم يوص، رواية مرجوحة عند الحنفية. انظر رد المحتار 2 / 328، 34، 37.
كَمَا يُقْضَى دَيْنُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْوَارِثِ (1) "
وَمَأْخَذُهُمْ تَشْبِيهُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْحَجَّ بِالدَّيْنِ، فَأَجْرَوْا عَلَى قَضَاءِ الْحَجِّ أَحْكَامَ الدُّيُونِ. فَإِذَا مَاتَ وَالْحَجُّ فِي ذِمَّتِهِ يَجِبُ الإِْحْجَاجُ عَنْهُ مِنْ رَأْسِ الْمَال وَلَوْ لَمْ يُوصِ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى وَفَاءِ الدُّيُونِ، عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: مَنْ ضَاقَ مَالُهُ وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحَاصُّ نَفَقَةُ الْحَجِّ مِنَ الدَّيْنِ، وَيُؤْخَذُ لِلْحَجِّ حِصَّتُهُ فَيَحُجُّ بِهَا مِنْ حَيْثُ تَبْلُغُ (2) .
ب - أَنْ تَكُونَ نَفَقَةُ الْحَجِّ مِنْ مَال الآْمِرِ كُلُّهَا أَوْ أَكْثَرُهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، سِوَى دَمِ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ، فَهُمَا عَلَى الْحَاجِّ عِنْدَهُمْ. لَكِنْ إِذَا تَبَرَّعَ الْوَارِثُ بِالْحَجِّ عَنْ مُورَثِهِ تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمَيِّتِ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْصَى بِالإِْحْجَاجِ عَنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (3) .
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَقَدْ أَجَازُوا أَنْ يَتَبَرَّعَ بِالْحَجِّ عَنْ غَيْرِ الْمَيِّتِ مُطْلَقًا، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ (4) .
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَالأَْمْرُ عِنْدَهُمْ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ
(1) شرح المنهاج بحاشيتي قليوبي وعميرة 2 / 90، والسياق منها، والإيضاح مع حاشيته ص 209، والمجموع 7 / 78، والمغني لابن 3 / 241، والفروع 3 / 249.
(2)
المغني 3 / 244، والفروع 3 / 251.
(3)
رد المحتار 2 / 328، والتنوير وشروحه 2 / 338 - 339، وانظر المسلك المتقسط ص 289 - 290.
(4)
كما سبق إشارة لذلك في الشرط السابق، وانظر الفروع 3 / 250 وفيه قوله:" تجوزا لنيابة بلا مال ".
تَابِعٌ لِلْوَصِيَّةِ، وَلِتَنْفِيذِهَا بِعَقْدِ الإِْجَارَةِ، أَوْ لِتَبَرُّعِ النَّائِبِ، لَا لإِِسْقَاطِ الْفَرِيضَةِ عَنِ الْمَيِّتِ.
وَأَمَّا الْحَيُّ الْمَعْضُوبُ: إِذَا بُذِل لَهُ الْمَال أَوِ الطَّاعَةُ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُول ذَلِكَ لِلإِْحْجَاجِ عَنْ نَفْسِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ بَذَل لَهُ وَلَدُهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ مَالاً لِلأُْجْرَةِ لَمْ يَجِبْ قَبُولُهُ فِي الأَْصَحِّ. وَلَوْ وَجَدَ مَالاً أَقَل مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْل وَرَضِيَ بِهِ الأَْجِيرُ لَزِمَهُ الاِسْتِئْجَارُ، لأَِنَّهُ مُسْتَطِيعٌ، وَالْمِنَّةُ فِيهِ لَيْسَتْ كَالْمِنَّةِ فِي الْمَال.
وَلَوْ لَمْ يَجِدْ أُجْرَةً وَبَذَل لَهُ وَلَدُهُ الطَّاعَةَ بِأَنْ يَذْهَبَ هُوَ بِنَفْسِهِ لِلْحَجِّ عَنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ قَبُولُهُ، وَهُوَ الإِْذْنُ لَهُ فِي ذَلِكَ، لأَِنَّ الْمِنَّةَ فِي ذَلِكَ لَيْسَتْ كَالْمِنَّةِ فِي الْمَال. لِحُصُول الاِسْتِطَاعَةِ، وَكَذَا الأَْجْنَبِيُّ فِي الأَْصَحِّ.
وَيُشْتَرَطُ لِلُزُومِ قَبُول طَاعَتِهِمْ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ: أَنْ يَثِقَ بِالْبَازِل، وَأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ حَجٌّ وَلَوْ نَذْرًا، وَأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُمْ حَجَّةُ الإِْسْلَامِ، وَأَنْ لَا يَكُونَا مَعْضُوبَيْنِ (2) .
ج - يُشْتَرَطُ أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ مِنْ وَطَنِهِ إِنِ اتَّسَعَ ثُلُثُ التَّرِكَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ.
(1) لما هو مقرر عندهم في شرط الاستطاعة للزاد وآلة الركوب.
(2)
مغني المحتاج 1 / 469 - 470.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يُعْتَبَرُ اتِّسَاعُ جَمِيعِ مَال الْمَيِّتِ، لأَِنَّهُ دَيْنٌ وَاجِبٌ، فَكَانَ مِنْ رَأْسِ الْمَال كَدَيْنِ الآْدَمِيِّ. لَكِنْ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَجِبُ قَضَاؤُهُ عَنْهُ مِنَ الْمِيقَاتِ لأَِنَّ الْحَجَّ يَجِبُ مِنَ الْمِيقَاتِ، وَقَال الْحَنَابِلَةُ: الْحَجُّ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ بَلَدِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَنُوبَ عَنْهُ مِنْهُ (1) ".
د - النِّيَّةُ: أَيْ نِيَّةُ الْحَاجِّ الْمَأْمُورِ أَدَاءَ الْحَجِّ عَنِ الأَْصِيل.
بِأَنْ يَنْوِيَ بِقَلْبِهِ وَيَقُول بِلِسَانِهِ (وَالتَّلَفُّظُ أَفْضَل) : أَحْرَمْتُ بِالْحَجِّ عَنْ فُلَانٍ، وَلَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ عَنْ فُلَانٍ.
وَإِنِ اكْتَفَى بِنِيَّةِ الْقَلْبِ كَفَى ذَلِكَ، اتِّفَاقًا. وَلَوْ نَسِيَ اسْمَهُ وَنَوَى أَنْ يَكُونَ الْحَجُّ عَنِ الشَّخْصِ الْمَقْصُودِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ يَصِحُّ، وَيَقَعُ الْحَجُّ عَنِ الأَْصِيل (2) .
هـ - أَنْ يَحُجَّ الْمَأْمُورُ بِنَفْسِهِ: نَصَّ عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ. فَلَوْ مَرِضَ الْمَأْمُورُ أَوْ حُبِسَ فَدَفَعَ الْمَال إِلَى غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ لَا يَقَعُ الْحَجُّ عَنِ الْمَيِّتِ، وَالْحَاجُّ الأَْوَّل وَالثَّانِي ضَامِنَانِ لِنَفَقَةِ الْحَجِّ، إِلَاّ إِذَا قَال الآْمِرُ
(1) المسلك ص 291، والشرح الكبير 2 / 19، وشرح المنهاج 2 / 90، والمغني 3 / 241، والفروع 3 / 249، والمهذب 7 / 88، والمجموع 7 / 89.
(2)
المسلك ص 292، ومواهب الجليل 3 / 7 وفيه التصريح بالاتفاق، والمجموع 7 / 79.