الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَكِنْ مَنْ كَانَ صَاحِبَ حِرْفَةٍ يُمْكِنُهُ أَنْ يَكْتَسِبَ مِنْهَا أَثْنَاءَ سَفَرِهِ لِلْحَجِّ مَا يَكْفِيهِ فَهَل يُعْتَبَرُ مُسْتَطِيعًا وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ؟
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِِلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مُسْتَطِيعًا وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ إِذَا كَانَتِ الْحِرْفَةُ لَا تُزْرِي بِهِ وَيَكْتَسِبُ مِنْهَا، أَثْنَاءَ سَفَرِهِ وَعَوْدَتِهِ مَا يَكْفِيهِ وَعَلِمَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ كَسَادِهَا.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِِلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مُسْتَطِيعًا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ، لأَِنَّ الاِسْتِطَاعَةَ مِلْكُ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ.
لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَحُجَّ لأَِنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى إِسْقَاطِ الْفَرْضِ بِمَشَقَّةٍ لَا يُكْرَهُ تَحَمُّلُهَا، فَاسْتُحِبَّ لَهُ إِسْقَاطُ الْفَرْضِ كَالْمُسَافِرِ إِذَا قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ كَمَا يَقُول الشَّافِعِيَّةُ. وَخُرُوجًا مِنَ الْخِلَافِ كَمَا يَقُول الْحَنَابِلَةُ (1) . وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (حَجٌّ) .
سَادِسًا: الْقِيَامُ بِالْحِرَفِ فِي الْمَسَاجِدِ:
9 -
لِلْمَسَاجِدِ حُرْمَةٌ لأَِنَّهَا بُيُوتُ اللَّهِ أُقِيمَتْ لِلْعِبَادَةِ وَالذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ، وَيَجِبُ صِيَانَتُهَا عَنْ كُل مَا يَشْغَل عَنْ ذَلِكَ.
لَكِنْ هَل يُعْتَبَرُ الْقِيَامُ بِالْحِرَفِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ تِجَارَةً أَمْ صِنَاعَةً فِي الْمَسَاجِدِ مُنَافِيًا لِحُرْمَتِهَا؟
(1) الشلبي على الزيلعي 2 / 4 وفتح القدير 2 / 322 ومنح الجليل 1 / 437 والمهذب 1 / 204 وكشاف القناع 2 / 388.
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَنْعِهِ.
وَاسْتَدَلُّوا جَمِيعًا بِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَال: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْبَيْعِ وَالاِشْتِرَاءِ فِي الْمَسْجِدِ (1) .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا: لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ. وَإِِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا: لَا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْكَ (2)
وَقَدْ رَأَى عُمَرُ رضي الله عنه رَجُلاً (يُسَمَّى الْقَصِيرَ) يَبِيعُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَال لَهُ: يَا هَذَا إِنَّ هَذَا سُوقُ الآْخِرَةِ فَإِِنْ أَرَدْتَ الْبَيْعَ فَاخْرُجْ إِِلَى سُوقِ الدُّنْيَا.
وَاخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ الْمَنْعِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِِلَى الْكَرَاهَةِ، وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِِلَى التَّحْرِيمِ.
وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمُعْتَكِفِ. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُعْتَكِفِ فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ يَجُوزُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ، فَإِِنْ كَانَ
(1) حديث: " نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البيع والاشتراء في المسجد " أخرجه الترمذي (2 / 139 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عمر، وقال: حديث حسن.
(2)
حديث: " إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع. . . " أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (ص 220 - ط الرسالة) والحاكم (2 / 56 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.