الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ج -
قَطْعُ نَبَاتِ الْحَرَمِ:
10 -
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ قَطْعِ أَوْ قَلْعِ نَبَاتِ الْحَرَمِ إِذَا كَانَ مِمَّا لَا يَسْتَنْبِتُهُ النَّاسُ عَادَةً وَهُوَ رَطْبٌ، كَالطُّرَفَاءِ، وَالسَّلَمِ، وَالْبَقْل، الْبَرِّيِّ، وَنَحْوِهَا، سَوَاءٌ أَكَانَ شَجَرًا أَمْ غَيْرَهُ، وَالأَْصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا (1) } .
وَلِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: حَرَّمَ اللَّهُ مَكَّةَ إِِلَى قَوْلِهِ: لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا (2) .
وَيَسْتَوِي فِي الْحُرْمَةِ الْمُحَرَّمُ وَغَيْرُهُ، لأَِنَّهُ لَا تَفْصِيل فِي النُّصُوصِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلأَْمْنِ. وَلأَِنَّ حُرْمَةَ التَّعَرُّضِ لأَِجْل الْحَرَمِ، فَيَسْتَوِي فِيهِ الْمُحَرَّمُ وَغَيْرُهُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ (3) .
وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ الإِِْذْخِرُ، لِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَال فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ: لَا يُعْضَدُ
(1) سورة العنكبوت / 67.
(2)
حديث: " حرم الله مكة. . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 213 - ط السلفية) .
(3)
البدائع 5 / 200 وما بعدها، وتبيين الحقائق 2 / 70، وجواهر الإكليل 1 / 198، 199، ومغني المحتاج 1 / 527، والأحكام السلطانية للماوردي ص 167، ولأبي يعلى ص 194، والمغني لابن قدامة 3 / 349 - 352، والشرقاوي 1 / 464.
شَجَرُهَا قَال الْعَبَّاسُ رضي الله عنه إِلَاّ الإِِْذْخِرَ يَا رَسُول اللَّهِ فَإِِنَّهُ مَتَاعٌ لأَِهْل مَكَّةَ لِحَيِّهِمْ وَمَيِّتِهِمْ، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِلَاّ الإِِْذْخِرَ (1) . وَالْمَعْنَى فِيهِ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْعَبَّاسُ رضي الله عنه وَهُوَ حَاجَةُ أَهْل مَكَّةَ إِِلَى ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِمْ وَمَمَاتِهِمْ (2) .
وَأَلْحَقَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ) بِالإِِْذْخِرِ السِّنَّا وَالسِّوَاكَ وَالْعَصَا وَمَا أُزِيل مِنَ النَّبَاتِ بِقَصْدِ السُّكْنَى بِمَوْضِعِهِ لِلضَّرُورَةِ. كَمَا أَلْحَقَ بِهِ جُمْهُورُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ الشَّوْكَ كَالْعَوْسَجِ وَغَيْرِهِ مِنْ كُل مَا هُوَ مُؤْذٍ (3) .
وَأَطْلَقَ غَيْرُهُمُ الْقَوْل بِالْحُرْمَةِ لِيَشْمَل سَائِرَ الأَْشْجَارِ وَالْحَشِيشَ إِلَاّ مَا وَرَدَ النَّصُّ بِاسْتِثْنَائِهِ وَهُوَ الإِِْذْخِرُ، وَذَلِكَ لِمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: وَلَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا أَيْ مَكَّةَ. وَلأَِنَّ الْغَالِبَ فِي شَجَرِ الْحَرَمِ الشَّوْكُ، فَلَمَّا حَرَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَطْعَ شَجَرِهِ وَالشَّوْكُ غَالِبُهُ كَانَ ظَاهِرًا فِي تَحْرِيمِهِ (4) .
(1) حديث: " حرم الله مكة. . . " سبق تخريجه آنفا.
(2)
نفس المراجع.
(3)
الشرح الصغير 2 / 110، 111، والحطاب 3 / 178، وجواهر الإكليل 1 / 198، 199، والمغني 3 / 350.
(4)
المغني 3 / 350 - 351.