الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ مِنَ التَّعْزِيرِ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ (1) .
وَمِنْ آكَدِ وَأَلْزَمَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ الْمُحْتَسِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَحَلِّيًا بِالْعِلْمِ وَالرِّفْقِ وَالصَّبْرِ، الْعِلْمُ قَبْل الأَْمْرِ وَالنَّهْيِ، وَالرِّفْقُ مَعَهُ، وَالصَّبْرُ بَعْدَهُ (2) فَإِِذَا جَمَعَ إِِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ بُعْدَ النَّظَرِ مَعَ الْفَطِنَةِ وَالصِّدْقِ فِي الْقَوْل وَالْعَمَل وَالصَّرَامَةِ فِي الْحَقِّ وَأَحْكَمَ أُمُورَهُ وَتَحَرَّى الإِِْصَابَةَ فِيهَا فَإِِنَّهُ حَرِيٌّ أَنْ تُثْمِرَ هَذِهِ الْوِلَايَةُ أَطْيَبَ الثِّمَارِ، وَتُحَقِّقَ الْغَايَةَ الْمَرْجُوَّةَ مِنْهَا.
عَزْل الْمُحْتَسِبِ:
20 -
أَجْمَل الْمَاوَرْدِيُّ أَسْبَابَ الْعَزْل مِنَ الْوِلَايَةِ فِي عِدَّةِ أُمُورٍ: أَحَدُهَا الْخِيَانَةُ، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ سَبَبُهُ الْعَجْزُ وَالْقُصُورُ، وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ اخْتِلَال الْعَمَل مِنْ عَسْفٍ وَجَوْرٍ، أَوْ ضَعْفٍ وَقِلَّةِ هَيْبَةٍ، وَالْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُهُ وُجُودُ مَنْ هُوَ أَكْفَأُ مِنْهُ (3) .
وَذَكَرَ صَاحِبُ مَعَالِمِ الْقُرْبَةِ أَنَّهُ إِذَا بَلَغَ الْمُحْتَسِبَ أَمْرٌ وَتَرَكَهُ أَثِمَ، وَإِِنْ تَكَرَّرَ شَكْوَى ذَلِكَ مِنْهُ وَلَمْ يَأْخُذْ لَهُ بِحَقِّهِ سَقَطَتْ وِلَايَتُهُ شَرْعًا، أَوْ خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْحِسْبَةِ وَسَقَطَتْ مُرُوءَتُهُ وَعَدَالَتُهُ، وَلَا يَبْقَى مُحْتَسِبًا شَرْعًا، وَإِِنْ عَجَزَ عَنْ
(1) نهاية الرتبة للشيرازي 9.
(2)
الحسبة الإسلامية لابن تيمية 86، الإحياء 2 / 425 - 428، الآداب الشرعية 1 / 214، نصاب الاحتساب 199.
(3)
قوانين الوزارة 119 - 123، قواعد الأحكام 12 / 80، 81، الفروق للقرافي 4 / 39.
ذَلِكَ يَرْفَعُهُ إِِلَى وَلِيِّ الأَْمْرِ وَهُوَ الإِِْمَامُ أَوْ نَائِبُهُ، وَاَلَّذِي يَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ إِدْرَارُ رِزْقِهِ الَّذِي يَكْفِيهِ وَتَعْجِيلُهُ، وَبَسْطُ يَدِهِ، وَتَرْكُ مُعَارَضَتِهِ، وَرَدُّ الشَّفَاعَةِ عِنْدَهُ مِنَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ (1) .
الرُّكْنُ الثَّانِي الْمُحْتَسَبُ فِيهِ (مَا تَجْرِي فِيهِ الْحِسْبَةُ) :
21 -
تَجْرِي الْحِسْبَةُ فِي كُل مَعْرُوفٍ إِذَا ظَهَرَ تَرْكُهُ، وَفِي كُل مُنْكَرٍ إِذَا ظَهَرَ فِعْلُهُ، وَيَجْمَعُهَا لَفْظُ (الْخَيْرِ) فِي قَوْله تَعَالَى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (2) فَالْخَيْرُ يَشْمَل كُل شَيْءٍ يُرْغَبُ فِيهِ مِنَ الأَْفْعَال الْحَسَنَةِ (3) وَكُل مَا فِيهِ صَلَاحٌ دِينِيٌّ وَدُنْيَوِيٌّ (4) وَهُوَ جِنْسٌ يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: التَّرْغِيبُ فِي فِعْل مَا يَنْبَغِي وَهُوَ الأَْمْرُ بِالْمَعْرُوفِ.
وَالثَّانِي: التَّرْغِيبُ فِي تَرْكِ مَا لَا يَنْبَغِي وَهُوَ النَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ. فَذَكَرَ الْحَقُّ جَل وَعَلَا الْجِنْسَ أَوَّلاً وَهُوَ الْخَيْرُ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِنَوْعَيْهِ مُبَالَغَةً فِي الْبَيَانِ (5) .
مَعْنَى الْمَعْرُوفِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ:
22 -
ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ جُمْلَةَ مَعَانٍ لِلْمَعْرُوفِ بَيْنَهَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ.
(1) معالم القربة في أحكام الحسبة 221، 222.
(2)
سورة آل عمران / 104.
(3)
لباب التأويل في معاني التنزيل 1 / 399.
(4)
إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم 2 / 67.
(5)
غرائب القرآن ورغائب الفرقان 4 / 27، 28، مفاتح الغيب 3 / 28.