الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَفْعُول، أَوِ الْمُرَادُ بِهِ الْحِمَايَةُ وَالتَّحْجِيرُ. يُقَال: هَذَا شَيْءٌ حِمًى. أَيْ مَحْظُورٌ لَا يُقْرَبُ.
وَشَرْعًا: أَنْ يَحْمِيَ الإِِْمَامُ أَرْضًا مِنَ الْمَوَاتِ، فَيَمْنَعَ النَّاسَ مِنْ رَعْيِ مَا فِيهَا مِنَ الْكَلأَِ لِيَخْتَصَّ بِهَا دُونَهُمْ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ لَا لِنَفْسِهِ.
وَعَرَّفَ الْمَالِكِيَّةُ الْحِمَى الشَّرْعِيَّ بِقَوْلِهِمْ: أَنْ يَحْمِيَ الإِِْمَامُ مَكَانًا خَاصًّا لِحَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ.
وَحِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ (1) كَمَا فِي الْحَدِيثِ: الْمَعَاصِي حِمَى اللَّهِ، مَنْ يَرْتَعْ حَوْل الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ (2) .
فَالْحِمَى وَالْحَرِيمُ فِي بَعْضِ إِطْلَاقَاتِهِمَا اللُّغَوِيَّةِ مُتَّفِقَانِ. وَأَمَّا فِي الاِصْطِلَاحِ فَمُخْتَلِفَانِ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
3 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِحْيَاءُ حَرِيمِ الْبِئْرِ وَالنَّهْرِ، وَالْعَيْنِ، وَكُل مَمْلُوكٍ لَا يَجُوزُ إِحْيَاءُ مَا تَعَلَّقَ بِمَصَالِحِهِ، لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فِي غَيْرِ حَقِّ مُسْلِمٍ فَهِيَ لَهُ (3) . لأَِنَّهُ تَابِعٌ لِلْمَمْلُوكِ، فَلَوْ
(1) الشرح الصغير 4 / 92، والقليوبي 3 / 92، 93 ط دار إحياء الكتب العربية وشرح الزرقاني 7 / 66، 67 ط دار الفكر، والمغني 5 / 580 ط الرياض.
(2)
حديث: " المعاصي حمى الله، من يرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 290 - ط السلفية) من حديث النعمان بن بشير.
(3)
حديث: " من أحيا أرضا ميتة في غير حق مسلم فهي له " أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده كما في فتح الباري لابن حجر (5 / 19 - ط السلفية) وأعله بضعف أحد رواته. والحديث دون قوله " في غير حق مسلم " ذكر ابن حجر تخريجه في الفتح وقال: " في أسانيدها مقال، لكن يتقوى
جُوِّزَ إِحْيَاؤُهُ لَبَطَل الْمِلْكُ فِي الْعَامِرِ عَلَى أَهْلِهِ.
وَكَذَلِكَ اتَّفَقَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَمَلُّكُ حَرِيمِ الأَْرَاضِيِ الْعَامِرَةِ لأَِنَّهُ تَابِعٌ لِلْعَامِرِ، فَلَا يُمْلَكُ، لَكِنَّ صَاحِبَ الأَْرَاضِيِ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ.
وَقَال الشَّافِعِيُّ: يُمْلَكُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْل الْخِرَقِيِّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ فِي حَرِيمِ الْبِئْرِ، وَالنَّهْرِ، لأَِنَّهُ مَكَانٌ اسْتَحَقَّهُ بِالإِِْحْيَاءِ، فَمَلَكَهُ كَالْمَحْمِيِّ، وَلأَِنَّ مَعْنَى الْمِلْكِ مَوْجُودٌ فِيهِ، لأَِنَّهُ يَدْخُل فِي الْبَيْعِ يَخْتَصُّ بِهِ صَاحِبُهَا (1) .
4 -
وَالأَْصْل فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْحَرِيمِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَعَل لِلْبِئْرِ وَالْعَيْنِ وَكُل أَرْضٍ حَرِيمًا، بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فَلَهُ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا عَطَنًا لِمَاشِيَتِهِ (2) .
(1) تبيين الحقائق 6 / 36، 37 ط دار المعرفة، والشرح الصغير 4 / 88، 89 ط دار المعارف، وروضة الطالبين 5 / 281، 282، والمغني 5 / 566، 567، 569، وكشاف القناع 4 / 191، 192.
(2)
حديث: " من حفر " أخرجه ابن ماجه (2 / 831 ط عيسى الحلبي) والدارمي (2 / 186 ط دار المحاسن) من حديث عبد الله بن مغفل. وأخرجه الحاكم (4 / 97 نشر الكتاب العربي) موصولا ومرسلا، وأخرجه أحمد (2 / 494 ط المكتب الإسلامي) من حديث أبي هريرة وهو حديث حسن بمجموع طرقه.