الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَرْأَةَ الشَّرِيفَةَ تُعَيَّرُ بِذَلِكَ، وَلَا تُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُل، لأَِنَّ الْوَلَدَ يَشْرُفُ بِشَرَفِ أَبِيهِ لَا أُمِّهِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ فِي الأُْمِّ.
وَقَدْ بَنَى الْفُقَهَاءُ اعْتِبَارَ الْكَفَاءَةِ فِي الْحِرْفَةِ عَلَى الْعُرْفِ وَعَادَةِ أَهْل الْبِلَادِ.
هَذَا وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْحِرْفَةِ هُوَ عُرْفُ بَلَدِ الزَّوْجَةِ لَا بَلَدِ الْعَقْدِ، لأَِنَّ الْمَدَارَ عَلَى عَارِهَا وَعَدَمِهِ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يُعْرَفُ بِالنِّسْبَةِ لِعُرْفِ بَلَدِهَا، أَيِ الَّتِي هِيَ بِهَا حَالَةَ الْعَقْدِ (1) .
وَاعْتِبَارُ الْحِرْفَةِ فِي الْكَفَاءَةِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ وَلَا يَضُرُّ زَوَالُهَا بَعْدَ الْعَقْدِ، فَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ كُفْئًا وَقْتَ الْعَقْدِ ثُمَّ زَالَتِ الْكَفَاءَةُ لَمْ يُفْسَخِ الْعَقْدُ.
لَكِنْ لَوْ بَقِيَ أَثَرُ الْحِرْفَةِ لَمْ يَكُنْ كُفْئًا.
أَمَّا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ حَال الْعَقْدِ غَيْرَ كُفْءٍ فِي حِرْفَتِهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي بُطْلَانِ النِّكَاحِ أَوْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ (2) وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (نِكَاحٌ - كَفَاءَةٌ) .
كَوْنُ الاِنْتِفَاعِ بِالْحِرْفَةِ مَهْرًا:
12 -
يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنْ يَكُونَ
(1) ابن عابدين 2 / 321، والبدائع 2 / 320، وحاشية الدسوقي 2 / 250، ونهاية المحتاج 6 / 253 - 254 والمغني 6 / 485 - 487 وكشاف القناع 5 / 68.
(2)
الدر المختار وحاشية ابن عابدين 2 / 317، 318، 322 - 323، ونهاية المحتاج 6 / 250 - 251 والمغني 6 / 480، 481.
الاِنْتِفَاعُ بِالْحِرْفَةِ مَهْرًا، فَيَصِحُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُل الْمَرْأَةَ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ، وَبِنَاءِ دَارٍ وَتَعْلِيمِ صَنْعَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُل مَا هُوَ مُبَاحٌ، وَيَجُوزُ أَخْذُ الأُْجْرَةِ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ شُعَيْبٍ مَعَ مُوسَى عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:{إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ (1) } . وَلأَِنَّ مَنْفَعَةَ الْحُرِّ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهَا فِي الإِِْجَارَةِ فَجَازَتْ صَدَاقًا (2)
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ خِلَافٌ مُلَخَّصُهُ أَنَّ مَا هُوَ مَالٌ أَوْ مَنْفَعَةٌ يُمْكِنُ تَسْلِيمُهَا يَجُوزُ التَّزَوُّجُ عَلَيْهَا، وَمَا لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ لَا يَجُوزُ وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجُ الْحُرُّ عَلَى خِدْمَتِهِ إِيَّاهَا سَنَةً، لأَِنَّ مَوْضُوعَ الزَّوْجِيَّةِ أَنْ تَكُونَ هِيَ خَادِمَةً لَهُ لَا بِالْعَكْسِ. لأَِنَّ خِدْمَةَ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ - كَمَا قِيل قَلْبٌ لِلأَْوْضَاعِ - لأَِنَّ الْمَفْرُوضَ أَنْ تَخْدُمَهُ هِيَ لَا الْعَكْسُ. وَأَمَّا إِذَا سَمَّى إِيجَارَ بَيْتٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ مَنَافِعِ الأَْعْيَانِ فَإِِنَّ هَذَا جَائِزٌ عِنْدَهُمْ.
وَأَمَّا مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ خِدْمَةً أَوْ لَا كَرَعْيِ غَنَمِهَا أَوْ زِرَاعَةِ أَرْضِهَا، فَإِِنَّ الرِّوَايَاتِ قَدِ اخْتَلَفَتْ فِي ذَلِكَ، كَمَا اخْتَلَفُوا فِيمَا هُوَ الأَْرْجَحُ (3) .
(1) سورة القصص / 27.
(2)
مغني المحتاج 3 / 238 - 239 وكشاف القناع 5 / 129 والمغني 6 / 683.
(3)
حاشية ابن عابدين - طبعة بولاق الأولى 2 / 333 - 334، وفتح القدير 3 / 224، 225.