الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقِيل: حُكْمُ الْقَنَاةِ عِنْدَ خُرُوجِ الْمَاءِ كَالْعَيْنِ، وَقَبْلَهُ مُفَوَّضٌ إِِلَى رَأْيِ الإِِْمَامِ، قِيل: هَذَا قَوْلُهُمَا، أَمَّا عَلَى قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا حَرِيمَ لِلْقَنَاةِ مَا لَمْ يَظْهَرِ الْمَاءُ، لأَِنَّهُ نَهْرٌ مَطْوِيٌّ فَيُعْتَبَرُ بِالنَّهْرِ الظَّاهِرِ، وَلَا حَرِيمَ لِلنَّهْرِ عِنْدَهُ فِي قَوْلٍ كَمَا سَيَأْتِي.
وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ: أَنَّهَا كَالْبِئْرِ (1) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِِلَى أَنَّ حَرِيمَ الْقَنَاةِ الْمُحَيَّاةِ، لَا لِلاِسْتِسْقَاءِ مِنْهَا الْقَدْرُ الَّذِي لَوْ حُفِرَ فِيهِ لَنَقَصَ مَاؤُهَا، أَوْ خِيفَ مِنْهُ انْهِيَارٌ أَوِ انْكِبَاسٌ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِصَلَابَةِ الأَْرْضِ وَرَخَاوَتِهَا، وَهَذَا هُوَ الأَْصَحُّ، وَفِي وَجْهٍ حَرِيمُهَا حَرِيمُ الْبِئْرِ الَّتِي يُسْتَقَى مِنْهَا، وَلَا يُمْنَعُ مِنَ الْحَفْرِ إِذَا جَاوَرَهُ وَإِِنْ نَقَصَ الْمَاءُ، وَبِهَذَا الْوَجْهِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَمَنْ تَابَعَهُ (2) .
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْعَيْنِ (3) .
د -
حَرِيمُ النَّهْرِ:
9 -
الأَْصَحُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ لِلنَّهْرِ حَرِيمًا بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لإِِِلْقَاءِ الطِّينِ وَنَحْوِهِ، فِيمَا لَوْ أَحْيَاهُ فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ، وَقِيل: لَا حَرِيمَ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
(1) ابن عابدين 5 / 280، والبدائع 6 / 195، وتبيين الحقائق 6 / 37، 38.
(2)
نهاية المحتاج 5 / 332، 337، وروضة الطالبين 5 / 283، 284، ورحمة الأمة في اختلاف الأئمة / 182.
(3)
كشاف القناع 4 / 192.
ثُمَّ اخْتَلَفَ أَئِمَّةُ الْحَنَفِيَّةِ فِيمَا لَوْ كَانَ النَّهْرُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ:
فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا حَرِيمَ لِلنَّهْرِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ إِلَاّ بِبُرْهَانٍ، لأَِنَّ الظَّاهِرَ لَا يَشْهَدُ لَهُ، بَل لِصَاحِبِ الأَْرْضِ، لأَِنَّهُ مِنْ جِنْسِ أَرْضِهِ، وَالْقَوْل لِمَنْ يَشْهَدُ لَهُ الظَّاهِرُ، إِلَاّ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ. وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَهُ حَرِيمٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، لأَِنَّ اسْتِحْقَاقَ الْحَرِيمِ لِلْحَاجَةِ، وَصَاحِبُ النَّهْرِ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ كَصَاحِبِ الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ، إِذْ إِنَّهُ يَحْتَاجُ إِِلَى الْمَشْيِ عَلَى حَافَّتَيِ النَّهْرِ، كَمَا يَحْتَاجُ إِِلَى مَوْضِعٍ لإِِِلْقَاءِ الطِّينِ عَلَيْهِ عِنْدَ كَرْيِ النَّهْرِ.
ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِهِ:
فَقَدَّرَهُ مُحَمَّدٌ بِقَدْرِ عَرْضِ النَّهْرِ مِنْ كُل جَانِبٍ، وَاخْتَارَهُ الْكَرْخِيُّ، وَهُوَ أَرْفَقُ، لأَِنَّهُ قَدْ لَا يُمْكِنُهُ إِلْقَاءُ التُّرَابِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ فَيَحْتَاجُ إِِلَى إِلْقَائِهِ فِي أَحَدِهِمَا، وَقَدَّرَهُ أَبُو يُوسُفَ بِنِصْفِ عَرْضِهِ وَاخْتَارَهُ الطَّحَاوِيُّ، لأَِنَّ الْمُعْتَبَرَ الْحَاجَةُ الْغَالِبَةُ وَذَلِكَ بِنَقْل تُرَابِهِ إِِلَى حَافَّتَيْهِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
وَذَكَرَ ابْنُ عَابِدِينَ قَوْل الْقُهُسْتَانِيِّ الَّذِي عَزَاهُ إِِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيِّ: أَنَّ الاِخْتِلَافَ الْمَذْكُورَ بَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ فِي نَهْرٍ كَبِيرٍ لَا يَحْتَاجُ إِِلَى كَرْيِهِ (حَفْرِهِ) فِي كُل حِينٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ النَّهْرُ صَغِيرًا