الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسُقُوطِ الْحِسْبَةِ عَلَى الْمُتَعَلِّمِ إِذَا لَمْ يَجِدْ إِلَاّ مُعَلِّمًا وَاحِدًا وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الرِّحْلَةِ إِِلَى غَيْرِهِ، وَعَلِمَ أَنَّ الْمُحْتَسِبَ عَلَيْهِ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَسُدَّ عَلَيْهِ طَرِيقَ الْوُصُول إِلَيْهِ، كَكَوْنِ الْعَالِمِ مُطِيعًا لَهُ أَوْ مُسْتَمِعًا لِقَوْلِهِ، فَالصَّبْرُ عَلَى الْجَهْل مَحْذُورٌ، وَالسُّكُوتُ عَلَى الْمُنْكَرِ مَحْذُورٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُرَجِّحَ أَحَدَهُمَا وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِتَفَاحُشِ الْمُنْكَرِ وَشِدَّةِ الْحَاجَةِ إِِلَى الْعِلْمِ لِتَعَلُّقِهِ بِمُهِمَّاتِ الدِّينِ (1) . وَنَاطَ الاِحْتِسَابَ وَتَرَكَهُ بِاجْتِهَادِ الْمُحْتَسِبِ حَتَّى يَسْتَفْتِيَ فِيهَا قَلْبَهُ، وَيَزِنَ أَحَدَ الْمَحْذُورَيْنِ بِالآْخَرِ وَيُرَجِّحَ بِنَظَرِ الدِّينِ لَا بِمُوجِبِ الْهَوَى وَالطَّبْعِ (2) .
رَابِعًا - احْتِسَابُ الرَّعِيَّةِ عَلَى الأَْئِمَّةِ وَالْوُلَاةِ:
39 -
أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ طَاعَةِ الأَْئِمَّةِ وَالْوُلَاةِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَعَلَى تَحْرِيمِهَا فِي الْمَعْصِيَةِ (3) وَيَرَى الْغَزَالِيُّ أَنَّ الْجَائِزَ فِي الْحِسْبَةِ مِنَ الرَّعِيَّةِ عَلَى الأَْئِمَّةِ وَالْوُلَاةِ رُتْبَتَانِ: التَّعْرِيفُ وَالْوَعْظُ، أَمَّا مَا تَجَاوَزَ ذَلِكَ فَإِِنَّهُ يُحَرِّكُ الْفِتْنَةَ وَيُهَيِّجُ الشَّرَّ، وَيَكُونُ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ مِنَ الْمَحْذُورِ أَكْثَرَ (4) . وَزَادَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَإِِنْ لَمْ يَخَفْ إِلَاّ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (5) .
(1) الإحياء 2 / 411.
(2)
الإحياء 2 / 411، 412.
(3)
شرح النووي على مسلم 12 / 220 - 221.
(4)
إحياء علوم الدين، مطبعة الاستقامة، 2 / 343.
(5)
الآداب الشرعية، 1 / 196، 197.
خَامِسًا - الاِحْتِسَابُ عَلَى أَهْل الذِّمَّةِ:
40 -
أَهْل الذِّمَّةِ عَاهَدُوا الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، إِذْ هُمْ مُقِيمُونَ فِي الدَّارِ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِخِلَافِ أَهْل الْهُدْنَةِ فَإِِنَّهُمْ صَالَحُوا الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنْ يَكُونُوا فِي دَارِهِمْ، وَلَا تَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الإِِْسْلَامِ، وَبِخِلَافِ الْمُسْتَأْمَنِينَ فَإِِنَّ إِقَامَتَهُمْ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ اسْتِيطَانٍ لَهَا، وَلِذَلِكَ كَانَ لأَِهْل الذِّمَّةِ أَحْكَامٌ تَخُصُّهُمْ دُونَ هَؤُلَاءِ (1) .
وَمِنْ هَذِهِ الأَْحْكَامِ أَنَّهُمْ إِنْ أَقَامُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ فَإِِنَّهُ يُحْتَسَبُ عَلَيْهِمْ فِي كُل مَا يُحْتَسَبُ فِيهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَكِنْ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ فِيمَا لَا يُظْهِرُونَهُ فِي كُل مَا اعْتَقَدُوا حِلَّهُ فِي دِينِهِمْ مِمَّا لَا أَذَى لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَاِتِّخَاذِهِ، وَنِكَاحِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ، فَلَا تَعَرُّضَ لَهُمْ فِيمَا الْتَزَمْنَا تَرْكَهُ، وَمَا أَظْهَرُوهُ مِنْ ذَلِكَ تَعَيَّنَ إِنْكَارُهُ عَلَيْهِمْ، وَيُمْنَعُونَ مِنْ إِظْهَارِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ (2) .
(1) أحكام أهل الذمة 2 / 475، 476، السير الكبير 4 / 1529.
(2)
السير الكبير 4 / 1532، والرتاج شرح أحكام الخراج 2 / 312، نصاب الاحتساب 122، 123، تحفة الناظر وغنية الذاكر 164، 165، الشرح الصغير 2 / 315، التاج والإكليل لمختصر خليل على هامش مواهب الجليل 3 / 385، الخرشي 3 / 148، 149، المهذب 253 - 255، معالم القربة 38 - 45، الآداب الشرعية 1 / 210 - 212، المغني 5 / 249، 9 / 223، 347 - 353، الشرقاوي على التحرير 2 / 413.