الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَجَازِيِّ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ إِِذْ كُل حَدٍّ جِنَايَةٌ وَلَيْسَ كُل جِنَايَةٍ حَدًّا، وَأَمَّا عَلَى الإِِْطْلَاقِ الأَْوَّل فَبَيْنَهُمَا تَبَايُنٌ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
6 -
إِِقَامَةُ الْحُدُودِ فَرْضٌ عَلَى وَلِيِّ الأَْمْرِ وَدَلِيل ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالإِِْجْمَاعُ، وَالْمَعْقُول.
أَمَّا الْكِتَابُ فَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى فِي الزِّنَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ (1) } .
وَفِي السَّرِقَةِ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا (2) } الآْيَةَ وَفِي حَدِّ الْقَذْفِ: {وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا (3) . . .} وَفِي قَطْعِ الطَّرِيقِ: {إِِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَْرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} الآْيَةَ (4) .
وَأَمَّا السُّنَّةُ: فَحَدِيثُ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ، وَالْعَسِيفِ (5) وَغَيْرِهَا مِنَ الأَْحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ.
(1) سورة النور / 2.
(2)
سورة المائدة / 38.
(3)
سورة النور / 4.
(4)
سورة المائدة / 33.
(5)
حديث ماعز والغامدية أخرجه مسلم (صحيح مسلم 3 / 1321 - 1322) ط الحلبي.
وَقَدْ وَقَعَ الإِِْجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ إِِقَامَةِ الْحُدُودِ.
وَأَمَّا الْمَعْقُول: فَهُوَ أَنَّ الطِّبَاعَ الْبَشَرِيَّةَ، وَالشَّهْوَةَ النَّفْسَانِيَّةَ مَائِلَةٌ إِِلَى قَضَاءِ الشَّهْوَةِ، وَاقْتِنَاصِ الْمَلَاذِ، وَتَحْصِيل مَقْصُودِهَا وَمَحْبُوبِهَا مِنَ الشُّرْبِ وَالزِّنَى وَالتَّشَفِّي بِالْقَتْل وَأَخْذِ مَال الْغَيْرِ، وَالاِسْتِطَالَةِ عَلَى الْغَيْرِ بِالشَّتْمِ وَالضَّرْبِ، فَاقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ شَرْعَ هَذِهِ الْحُدُودِ حَسْمًا لِهَذَا الْفَسَادِ، وَزَجْرًا عَنِ ارْتِكَابِهِ، لِيَبْقَى الْعَالَمُ عَلَى نَظْمِ الاِسْتِقَامَةِ، فَإِِنَّ إِِخْلَاءَ الْعَالَمِ عَنْ إِِقَامَةِ الزَّاجِرِ يُؤَدِّي إِِلَى انْحِرَافِهِ، وَفِيهِ مِنَ الْفَسَادِ مَا لَا يَخْفَى (1) .
وَلِذَا قَال صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: وَالْمَقْصِدُ الأَْصْلِيُّ مِنْ شَرْعِهِ الاِنْزِجَارُ عَمَّا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْعِبَادُ (2) .
أَنْوَاعُ الْحُدُودِ:
7 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَا يُطَبَّقُ عَلَى جَرِيمَةِ كُلٍّ مِنَ الزِّنَى وَالْقَذْفِ، وَالسُّكْرِ، وَالسَّرِقَةِ، وَقَطْعِ الطَّرِيقِ يُعْتَبَرُ حَدًّا، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِِلَى أَنَّهَا سِتَّةٌ، وَذَلِكَ بِإِِضَافَةِ حَدِّ الشُّرْبِ لِلْخَمْرِ خَاصَّةً. وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْحُدُودَ سَبْعَةٌ، فَيُضِيفُونَ إِِلَى الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ الرِّدَّةَ وَالْبَغْيَ، فِي حِينِ يَعْتَبِرُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ
(1) ابن عابدين 3 / 140، والاختيار 4 / 79، والطحطاوي 1 / 388، والفتاوى الهندية 2 / 143.
(2)
فتح القدير 5 / 3 ط دار إحياء التراث العربي.