الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِاسْتِيفَائِهِ، وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ، لأَِنَّ الاِسْتِيفَاءَ لِغَيْرِهِ أَزْجَرُ لَهُ (1) .
وَقَدْ بَيَّنَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالأَْئِمَّةِ مِنْ أَصْل الدِّينِ وَفُرُوعِهِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمْ مِنْ أَحْكَامِ الدُّنْيَا، وَمَا يَلْزَمُهُمْ فِي حِفْظِ أَهْل الإِِْسْلَامِ عَنِ النَّوَائِبِ، وَالتَّغَالُبِ، وَالتَّقَاطُعِ، وَالتَّدَابُرِ، وَالتَّوَاصُل، وَأَنَّ الْحُدُودَ بِجُمْلَتِهَا مَنُوطَةٌ إِِلَى الأَْئِمَّةِ وَاَلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ الأُْمُورَ مِنْ جِهَتِهِمْ (2) .
الشَّرْطُ السَّابِعُ: الذُّكُورَةُ
.
17 -
اشْتَرَطَتْ طَائِفَةٌ فِيمَنْ يَتَوَلَّى الْحِسْبَةَ أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا، وَأَيَّدَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ، وَتَبِعَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَقَال: إِنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَتَأَتَّى مِنْهَا أَنْ تَبْرُزَ إِِلَى الْمَجَالِسِ، وَلَا أَنْ تُخَالِطَ الرِّجَال، وَلَا تُفَاوِضَهُمْ مُفَاوَضَةَ النَّظِيرِ لِلنَّظِيرِ، لأَِنَّهَا إِنْ كَانَتْ فَتَاةً حَرُمَ النَّظَرُ إِلَيْهَا وَكَلَامُهَا، وَإِِنْ كَانَتْ مُتَجَالَّةً بَرِزَةً لَمْ يَجْمَعْهَا وَالرِّجَال مَجْلِسٌ تَزْدَحِمُ فِيهِ مَعَهُمْ، وَتَكُونُ مُنَظِّرَةً لَهُمْ، وَلَنْ يُفْلِحَ قَطُّ مَنْ تَصَوَّرَ هَذَا وَلَا مَنِ اعْتَقَدَهُ (3) . وَاسْتُدِل عَلَى مَنْعِهَا مِنَ الْوِلَايَةِ بِحَدِيثِ: لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ
(1) المصدر السابق.
(2)
غياث الأمم في التياث الظلم 133 - 162 وما بعدها، الحاوي للفتاوى 1 / 248، تحفة الناظر 54.
(3)
أحكام القرآن 3 / 1446، الجامع لأحكام القرآن 13 / 183.
امْرَأَةً (1) وَقَال: فِيمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَدَّمَ امْرَأَةً عَلَى حِسْبَةِ السُّوقِ إِنَّهُ لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ مِنْ دَسَائِسِ الْمُبْتَدِعَةِ (2) .
وَأَجَازَ تَوْلِيَتَهَا آخَرُونَ لِمَا ثَبَتَ مِنْ أَنَّ سَمْرَاءَ بِنْتَ نَهِيكٍ الأَْسَدِيَّةَ كَانَتْ تَمُرُّ فِي الأَْسْوَاقِ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَتَنْهَى النَّاسَ عَنْ ذَلِكَ بِسَوْطٍ مَعَهَا (3) . وَيُسْتَدَل عَلَى جَوَازِ وِلَايَتِهَا وَعَدَمِهِ بِالْخِلَافِ الْوَارِدِ فِي جَوَازِ تَوْلِيَتِهَا الإِِْمَارَةَ وَالْقَضَاءَ. قَال ابْنُ حَجَرٍ بَعْدَ أَنْ نَقَل كَلَامَ الْخَطَّابِيِّ: إِنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَلِي الإِِْمَارَةَ وَلَا الْقَضَاءَ، وَأَنَّهَا لَا تُزَوِّجُ نَفْسَهَا وَلَا تَلِي الْعَقْدَ عَلَى غَيْرِهَا، وَالْمَنْعُ مِنْ أَنْ تَلِيَ الإِِْمَارَةَ وَالْقَضَاءَ قَوْل الْجُمْهُورِ وَأَجَازَهُ الطَّبَرِيُّ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ تَلِي الْحُكْمَ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ (4) .
ارْتِزَاقُ الْمُحْتَسِبِ:
18 -
الرِّزْقُ مَا يُرَتِّبُهُ الإِِْمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَال لِمَنْ يَقُومُ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ فَإِِنْ كَانَ يُخْرِجُهُ كُل شَهْرٍ
(1) حديث: " لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة " أخرجه البخاري (الفتح 8 / 126 ط السلفية) من حديث أبي بكرة.
(2)
أحكام القرآن 3 / 1446.
(3)
الاستيعاب لابن عبد البر 4 / 1863.
(4)
فتح الباري 9 / 193.
سُمِّيَ رِزْقًا، وَإِِنْ كَانَ يُخْرِجُهُ كُل عَامٍ سُمِّيَ عَطَاءً (1) .
وَمِمَّا جَاءَ فِي رَدِّ الإِِْمَامِ أَبِي يُوسُفَ عَلَى الْخَلِيفَةِ هَارُونَ الرَّشِيدِ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ قَوْلُهُ: فَاجْعَل - أَعَزَّ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِطَاعَتِهِ - مَا يَجْرِي عَلَى الْقُضَاةِ وَالْوُلَاةِ مِنْ بَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ، مِنْ جِبَايَةِ الأَْرْضِ أَوْ مِنْ خَرَاجِ الأَْرْضِ وَالْجِزْيَةِ، لأَِنَّهُمْ فِي عَمَل الْمُسْلِمِينَ فَيُجْرَى عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْتِ مَالِهِمْ، يُجْرَى عَلَى كُل وَالِي مَدِينَةٍ وَقَاضِيهَا بِقَدْرِ مَا يَحْتَمِل، وَكُل رَجُلٍ تُصَيِّرُهُ فِي عَمَل الْمُسْلِمِينَ، فَأَجْرِ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ مَالِهِمْ (2) .
وَيُعْطَى الْمُحْتَسِبُ الْمَنْصُوبُ كِفَايَتَهُ فِي بَيْتِ الْمَال مِنَ الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ، لأَِنَّهُ عَامِلٌ لِلْمُسْلِمِينَ مَحْبُوسٌ لَهُمْ، فَتَكُونُ كِفَايَتُهُ فِي مَالِهِمْ كَالْوُلَاةِ، وَالْقُضَاةِ، وَالْغُزَاةِ، وَالْمُفْتِينَ، وَالْمُعَلِّمِينَ (3) .
وَكَذَلِكَ سَبِيل أَرْزَاقِ أَعْوَانِهِ سَبِيل أَرْزَاقِ الأَْعْوَانِ الَّذِينَ يُوَجِّهُهُمُ الْحَاكِمُ فِي مَصَالِحِ النَّاسِ تَكُونُ لَهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَال كَأَرْزَاقِ سَائِرِ
(1) فتح الباري 16 / 271، الرتاج شرح كتاب الخراج 1 / 128، 2 / 414 - 416.
(2)
الرتاج شرح كتاب الخراج 2 / 414 - 415.
(3)
نصاب الاحتساب 24، تحفة الناظر 178، الأحكام السلطانية للماوردي 240، الأحكام السلطانية لأبي يعلى 285، ومعالم القربة 11، السياسة الشرعية لابن تيمية 48، 50، كتاب الفقه والمتفقه 2 / 164، 165.
الْعُمَّال وَالْوُلَاةِ، لأَِنَّ اشْتِغَالَهُمْ بِذَلِكَ يُضَيِّعُ عَلَيْهِمُ الزَّمَانَ فِي شَأْنِهِ عَنِ الْقِيَامِ بِمَعَايِشِهِمْ وَطَلَبِ أَقْوَاتِهِمْ (1) . وَلَا يَجُوزُ لِلْمُحْتَسِبِ وَلَا لأَِحَدٍ مِنْ أَعْوَانِهِ أَخْذُ الْمَال مِنَ النَّاسِ لأَِجْل الاِحْتِسَابِ، لأَِنَّهُ مِنْ قَبِيل الرِّشْوَةِ، وَهِيَ حَرَامٌ شَرْعًا، لأَِنَّ مَا أَخَذَهُ الْمُحْتَسِبُ يُنْظَرُ فِيهِ، إِنْ أَخَذَهُ لِيُسَامِحَ فِي مُنْكَرٍ، أَوْ يُدَاهِنَ فِيهِ، أَوْ يُقَصِّرَ فِي مَعْرُوفٍ، فَهُوَ أَحَدُ أَنْوَاعِ الرِّشْوَةِ وَإِنَّهَا حَرَامٌ (2) وَإِِذَا جُعِل لِمَنْ وَلِيَ فِي السُّوقِ شَيْءٌ مِنْ أَهْل السُّوقِ فِيمَا يَشْتَرُونَهُ سَامَحَهُمْ فِي الْفَسَادِ بِمَا لَهُ مَعَهُمْ فِيهِ مِنَ النَّصِيبِ (3) ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ رِزْقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَال أَوْ كَانَ لَا يَكْفِيهِمْ فَإِِنَّهُ رُبَّمَا يُرَخِّصُ لَهُمْ بِقَدْرِ مَا يَكْفِيهِمْ، لأَِنَّهُمْ يَعْمَلُونَ لَهُمْ، فَيَأْخُذُونَ كِفَايَتَهُمْ (4) ، أَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى الْكِفَايَةِ فَلَا تَجُوزُ، لأَِنَّهُ مَالٌ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمُسْلِمِ قَهْرًا وَغَلَبَةً بِغَيْرِ رِضَاهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِل إِلَاّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (5) وَقَدْ شَدَّدَ الْعُلَمَاءُ النَّكِيرَ عَلَى أَخْذِ الْمَال مِنَ النَّاسِ بِدُونِ وَجْهِ حَقٍّ.
وَالأَْرْزَاقُ لَيْسَتْ بِمُعَاوَضَةٍ الْبَتَّةَ لِجَوَازِهَا فِي أَضْيَقِ الْمَوَاضِعِ الْمَانِعَةِ مِنَ الْمُعَاوَضَةِ، وَهُوَ الْقَضَاءُ
(1) تحفة الناظر 16، 17.
(2)
نصاب الاحتساب 135، 136، معالم القربة 13، 14.
(3)
تحفة الناظر 17.
(4)
نصاب الاحتساب 134.
(5)
سورة النساء / 29.