الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَصْرٌ
التَّعْرِيفُ:
1 -
الْحَصْرُ مَصْدَرُ حَصَرَهُ الْعَدُوُّ أَوِ الْمَرَضُ، أَيْ حَبَسَهُ عَنِ السَّفَرِ. قَال أَبُو إِسْحَاقَ النَّحْوِيُّ: الرِّوَايَةُ عِنْدَ أَهْل اللُّغَةِ أَنْ يُقَال لِلَّذِي يَمْنَعُهُ الْخَوْفُ وَالْمَرَضُ أُحْصِرَ، وَيُقَال لِلْمَحْبُوسِ حُصِرَ، وَإِِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لأَِنَّ الرَّجُل إِذَا امْتَنَعَ مِنَ التَّصَرُّفِ فَقَدْ حَصَرَ نَفْسَهُ، فَكَأَنَّ الْمَرَضَ أَحْبَسَهُ أَيْ جَعَلَهُ يَحْبِسُ نَفْسَهُ، وَقَوْلُكَ: حَصَرْتُهُ، إِنَّمَا هُوَ حَبَسْتُهُ، لَا أَنَّهُ أَحْبَسَ نَفْسَهُ، فَلَا يَجُوزُ فِيهِ أَحْصَرَ. وَقِيل الْحَصْرُ لِلْحَبْسِ بِالْمَرَضِ، وَالإِِْحْصَارُ لِلْحَبْسِ بِالْعَدُوِّ. وَقَال ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَال أَحْصَرَهُ الْمَرَضُ إِذَا مَنَعَهُ مِنَ السَّفَرِ، أَوْ مِنْ حَاجَةٍ يُرِيدُهَا، وَأَحْصَرَهُ الْعَدُوُّ إِذَا ضَيَّقَ عَلَيْهِ فَحُصِرَ أَيْ ضَاقَ صَدْرُهُ.
وَقَال أَبُو عُبَيْدَةُ: حُصِرَ الرَّجُل فِي الْحَبْسِ، وَأُحْصِرَ فِي السَّفَرِ مِنْ مَرَضٍ أَوِ انْقِطَاعٍ بِهِ، وَأَمَّا الْحَصْرُ فَهُوَ ضِيقُ الصَّدْرِ، وَالْبُخْل، وَالْمَنْعُ مِنَ الشَّيْءِ عَجْزًا، أَوْ حَيَاءً، وَالْعِيُّ فِي الْمَنْطِقِ. وَمِنْهُ
حُصِرَ الْقَارِئُ أَيْ مُنِعَ الْقِرَاءَةَ (1) .
وَاسْتَعْمَل الْفُقَهَاءُ (الْحَصْرَ) بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فِي كُتُبِهِمُ اسْتِعْمَالاً كَثِيرًا. إِلَاّ أَنَّهُمْ غَلَّبُوا اسْتِعْمَال هَذِهِ الْمَادَّةِ (حَصَرَ) وَمُشْتَقَّاتِهَا فِي بَابِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى مَنْعِ الْمُحْرِمِ مِنْ أَرْكَانِ النُّسُكِ، وَذَلِكَ اتِّبَاعًا لِلْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَتَوَافَقَتْ عَلَى ذَلِكَ عِبَارَاتُهُمْ حَتَّى أَصْبَحَ (الإِِْحْصَارُ) اصْطِلَاحًا فِقْهِيًّا مَشْهُورًا.
وَمَسَائِل الإِِْحْصَارِ قَدْ تَمَّ اسْتِيفَاؤُهَا فِي مُصْطَلَحِ (إِحْصَارٌ) .
وَلِهَذِهِ الْكَلِمَةِ مَعَانٍ أُخْرَى مُخْتَلِفَةٌ بِحَسَبِ الْعِلْمِ الْمَبْحُوثِ فِيهِ.
أَحْكَامُ الْحَصْرِ:
2 -
فِيمَا يَلِي بَعْضُ الأَْمْثِلَةِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ مِنْ أَبْوَابِ مُخْتَلِفَةٍ، وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُهَا فِي مَوَاضِعِهَا مِنَ الْمَوْسُوعَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ.
أ - جَاءَ فِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ، يَجُوزُ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ الإِِْمَامُ إِذَا حُصِرَ بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ خِلَافًا لأَِبِي حَنِيفَةَ (2) . (انْظُرْ اسْتِخْلَافٌ، إِمَامَةُ الصَّلَاةِ، حَاقِنٌ) .
(1) لسان العرب، ومفردات القرآن، والمعجم الوسيط مادة:(حصر) ، والكليات للكفوي - دمشق 2 / 224، كشاف اصطلاحات الفنون - خياط 2 / 694، التعريفات - دار الكتاب 118، المعجم الوسيط 1 / 178، الموسوعة الفقهية 2 / 196 - مادة إحصار - وتفسير القرطبي 2 / 371 وما بعدها.
(2)
ابن عابدين 1 / 406.
ب - وَجَاءَ فِيهَا أَيْضًا: لِلإِِْمَامِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ إِذَا حُصِرَ عَنْ قِرَاءَةِ الْقَدْرِ الْمَفْرُوضِ، لِحَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، فَإِِنَّهُ لَمَّا أَحَسَّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حُصِرَ عَنِ الْقِرَاءَةِ فَتَأَخَّرَ فَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ (1) ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا لَمَا فَعَلَهُ وَأَقَرَّهُ (2) . (انْظُرْ اسْتِخْلَافٌ - إِمَامَةٌ - صَلَاةٌ) .
ج - وَذَكَرَ صَاحِبُ مَوَاهِبِ الْجَلِيل أَنَّهُ لَوْ سَهَا الإِِْمَامُ أَوْ حُصِرَ فَلَمْ يُكَبِّرْ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ السَّبْعَ وَالْخَمْسَ وَجَبَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ أَنْ يُكَبِّرُوا (3)
(انْظُرْ: صَلَاةُ الْعِيدِ) .
د - وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَجِبُ عَلَى الْمُزَكِّي أَنْ يَسْتَوْعِبَ آحَادَ كُل صِنْفٍ مِنْ مُسْتَحِقِّي الزَّكَاةِ إِنْ كَانُوا مَحْصُورِينَ - أَيْ سَهُل عَدُّهُمْ - فِي الْبَلَدِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَوَفَّى بِهِمُ الْمَال، وَإِِلَاّ فَيَجِبُ إِعْطَاءُ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُل صِنْفٍ لِذِكْرِهِ فِي الآْيَةِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ (4) . (وَانْظُرْ: زَكَاةٌ) .
هـ - لَا يُكَلِّفُ الْقَاضِي غُرَمَاءَ الْمُفْلِسِ، وَكَذَا غُرَمَاءَ الْمَيِّتِ بِبَيِّنَةٍ تُثْبِتُ حَصْرَ الدَّائِنِ فِيهِمْ.
(1) حديث: " صلاة أبي بكر بالناس وتأخره. . . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 164، 166 - ط السلفية) من حديث عائشة، وليس فيه ذكر الحصر
(2)
ابن عابدين 1 / 406
(3)
مواهب الجليل 2 / 191
(4)
قليوبي وعميرة 3 / 202
بِخِلَافِ الْوَرَثَةِ فَإِِنَّ الْحَاكِمَ لَا يُقْسِمُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُكَلِّفَهُمْ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِحَصْرِهِمْ، وَمَوْتِ مُوَرِّثِهِمْ وَمَرْتَبَتِهِمْ مِنَ الْمَيِّتِ، لأَِنَّ عَدَدَهُمْ مَعْلُومٌ لِلْجِيرَانِ وَأَهْل الْبَلَدِ فَلَا كُلْفَةَ فِي إِثْبَاتِهِ، وَالدَّيْنُ يُقْصَدُ إِخْفَاؤُهُ - غَالِبًا - فَإِِثْبَاتُ حَصْرِ الْغُرَمَاءِ يَتَعَسَّرُ (1) .
(انْظُرْ: إِفْلَاسٌ، إِرْثٌ، تَرِكَةٌ، حَجْرٌ، دَيْنٌ) .
و قَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِمَجْهُولٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ كَقَبِيلَةٍ كَبِيرَةٍ لَمْ يَلْزَمِ التَّعْمِيمُ، وَكَغَزَاةٍ أَوْ فُقَرَاءَ أَوْ مَسَاكِين، فَلَا يَلْزَمُ تَعْمِيمُهُمْ وَلَا التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ، وَإِِنَّمَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِاجْتِهَادِ الْوَصِيِّ (2) . (انْظُرْ: إِيصَاءٌ) .
ز - لَا يَكْفِي فِي الْيَمِينِ الإِِْثْبَاتُ وَلَوْ مَعَ الْحَصْرِ كَقَوْلِهِ: مَا بِعْتُ إِلَاّ بِكَذَا بَل لَا بُدَّ مِنَ التَّصْرِيحِ مَعَ الإِِْثْبَاتِ بِنَفْيِ مَا ادَّعَاهُ الْخَصْمُ صَرِيحًا، لأَِنَّ الأَْيْمَانَ لَا يُكْتَفَى فِيهَا بِاللَّوَازِمِ، بَل لَا بُدَّ مِنَ الصَّرِيحِ، لأَِنَّ فِيهَا نَوْعًا مِنَ التَّعَبُّدِ كَقَوْل الْبَائِعِ: وَاَللَّهِ مَا بِعْتُ بِكَذَا وَإِِنَّمَا بِعْتُ بِكَذَا (3) . (انْظُرْ: أَيْمَانٌ) .
ح - اخْتَلَفَ الْمَالِكِيَّةُ فِي جُلُوسِ أَهْل الْعِلْمِ مَعَ الْقَاضِي، فَقَال ابْنُ الْمَوَّازِ: لَا أُحِبُّ أَنْ يُقْضَى إِلَاّ بِحَضْرَةِ أَهْل الْعِلْمِ وَمُشَاوَرَتِهِمْ، وَقَال
(1) الدسوقي 3 / 271
(2)
الزرقاني على خليل 8 / 186.
(3)
نهاية المحتاج 4 / 159