الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم الصَّرِيخُ، فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهِمْ، فَمَا تَرَجَّل النَّهَارُ حَتَّى أُتِيَ بِهِمْ، فَأَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَحَّلَهُمْ وَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَمَا حَسَمَهُمْ، ثُمَّ أُلْقُوا فِي الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ، فَمَا سُقُوا حَتَّى مَاتُوا. وَقَال أَبُو قِلَابَةَ: سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ (1) .
مَنْ يُعْتَبَرُ مُحَارِبًا:
8 -
الْمُحَارِبُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: هُوَ كُل مُلْتَزِمٍ مُكَلَّفٍ أَخَذَ الْمَال بِقُوَّةٍ فِي الْبُعْدِ عَنِ الْغَوْثِ (2) .
وَلِلْفُقَهَاءِ تَعْرِيفَاتٌ أُخْرَى لَا تَخْرُجُ فِي مَفْهُومِهَا عَنْ هَذَا الْمَعْنَى.
وَلَا بُدَّ مِنْ تَوَافُرِ شُرُوطٍ فِي الْمُحَارِبِينَ حَتَّى يُحَدُّوا حَدَّ الْحِرَابَةِ. وَهَذِهِ الشُّرُوطُ فِي الْجُمْلَةِ هِيَ:
أ - الاِلْتِزَامُ.
ب - التَّكْلِيفُ.
ج - وُجُودُ السِّلَاحِ مَعَهُمُ.
د - الْبُعْدُ عَنِ الْعُمْرَانِ.
هـ - الذُّكُورَةُ.
و الْمُجَاهَرَةُ.
(1) حديث العرنيين أخرجه البخاري (الفتح 12 / 111 - ط السلفية) . وانظر بداية المجتهد 2 / 490، وروض الطالب 4 / 154، ومطالب أولي النهى 6 / 251، والمغني 8 / 286، 287.
(2)
بدائع الصنائع 7 / 95، وروض الطالب 4 / 154، والمغني 8 / 286.
وَلَمْ يَتَّفِقِ الْفُقَهَاءُ عَلَى هَذِهِ الشُّرُوطِ كُلِّهَا، بَل بَيْنَهُمْ فِي بَعْضِهَا اخْتِلَافٌ بَيَانُهُ كَمَا يَلِي:
أ -
الاِلْتِزَامُ:
9 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُحَارِبِ: أَنْ يَكُونَ مُلْتَزِمًا بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ، بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا، أَوْ ذِمِّيًّا، أَوْ مُرْتَدًّا، فَلَا يُحَدُّ الْحَرْبِيُّ، وَلَا الْمُعَاهَدُ، وَلَا الْمُسْتَأْمَنُ (1) .
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلَاّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْل أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ (2) } وَهَؤُلَاءِ تُقْبَل تَوْبَتُهُمْ قَبْل الْقُدْرَةِ، وَبَعْدَهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ (3) } وَلِخَبَرِ: الإِِْسْلَامُ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ (4) . وَلَمْ يَلْتَزِمُوا أَحْكَامَ الشَّرِيعَةِ، أَمَّا الذِّمِّيُّ فَقَدِ الْتَزَمَ أَحْكَامَ الشَّرِيعَةِ فَلَهُ مَا لَنَا، وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْنَا.
وَظَاهِرُ عِبَارَةِ أَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الذِّمِّيَّ حُكْمُهُ كَحُكْمِ الْمُسْلِمِ فِي أَحْكَامِ الْحِرَابَةِ. وَأَمَّا الْمُسْتَأْمَنُ
(1) ابن عابدين 3 / 112، وروض الطالب 4 / 154، وروضة الطالبين 10 / 154، وكشاف القناع 6 / 146، وبداية المجتهد 2 / 491، والمدونة 6 / 268.
(2)
سورة المائدة / 34.
(3)
سورة الأنفال / 38.
(4)
حديث: " الإسلام يجب ما كان قبله " أخرجه أحمد (4 / 199 - ط الميمنية) من حديث عمرو بن العاص. وأورده الهيثمي في المجمع (9 / 351 - ط القدسي) وقال: " رجاله ثقات ".