الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَذًى بِتَرْكِهِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْتَجِمَ وَيَقْضِيَ إِذَا أَفْطَرَ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.
وَمَنْ شَكَّ فِي تَأْثِيرِ الْحِجَامَةِ عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَى مُوَاصَلَةِ الصَّوْمِ فَإِنْ كَانَ قَوِيَّ الْبِنْيَةِ جَازَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفَ الْبَدَنِ كُرِهَ لَهُ.
وَالْفِصَادَةُ مِثْل الْحِجَامَةِ فَتُكْرَهُ لِلْمَرِيضِ دُونَ الصَّحِيحِ كَمَا فِي الإِْرْشَادِ (1) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ الصَّائِمُ بِالْفَصْدِ أَوِ الْحِجَامَةِ يَقُول الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ: أَمَّا الْفَصْدُ فَلَا خِلَافَ فِيهِ، وَأَمَّا الْحِجَامَةُ فَلأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ (2) . وَهُوَ نَاسِخٌ لِحَدِيثِ: أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ (3) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْحِجَامَةَ تُؤَثِّرُ فِي الْحَاجِمِ وَالْمَحْجُومِ وَيُفْطِرُ كُلٌّ مِنْهُمَا. يَقُول ابْنُ قُدَامَةَ: الْحِجَامَةُ يُفْطِرُ بِهَا الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ، وَبِهِ قَال إِسْحَاقُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَهُوَ قَوْل عَطَاءٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ. وَكَانَ الْحَسَنُ وَمَسْرُوقٌ وَابْنُ سِيرِينَ
(1) البحر الرائق 2 / 294، وبدائع الصنائع 2 / 1045، وشرح الزرقاني على خليل 1 / 92، ومواهب الجليل 2 / 416.
(2)
حديث: " احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 149 - ط السلفية) من حديث ابن عباس.
(3)
حديث: " أفطر الحاجم والمحجوم " أخرجه أبو داود (2 / 770 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث ثوبان. وذكر الزيلعي في نصب الراية (2 / 472 - ط المجلس العلمي) أن الترمذي نقل عن البخاري تصحيحه.
لَا يَرَوْنَ لِلصَّائِمِ أَنْ يَحْتَجِمَ. وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ يَحْتَجِمُونَ لَيْلاً فِي الصَّوْمِ مِنْهُمُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو مُوسَى وَأَنَسٌ (1) .
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ (2) .
تَأْثِيرُ الْحِجَامَةِ عَلَى الإِْحْرَامِ:
7 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْحِجَامَةَ لَا تُنَافِي الإِْحْرَامَ. قَال ابْنُ نُجَيْمٍ: وَمِمَّا لَا يُكْرَهُ لَهُ أَيْضًا - أَيْ لِلْمُحْرِمِ - الاِكْتِحَال بِغَيْرِ الْمُطَيَّبِ وَأَنْ يَخْتَتِنَ وَيَفْتَصِدَ. وَيَقْلَعَ ضِرْسَهُ، وَيَجْبُرَ الْكَسْرَ، وَيَحْتَجِمَ ".
فَالْحِجَامَةُ إِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا قَلْعُ الشَّعْرِ لَا تُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ، أَمَّا إِذَا تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ قَلْعُ شَعْرٍ، فَإِنْ حَلَقَ مَحَاجِمَهُ وَاحْتَجَمَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ.
وَلَا يَضُرُّ تَعْصِيبُ مَكَانِ الْفَصْدِ: يَقُول ابْنُ عَابِدِينَ: (وَإِنْ لَزِمَ تَعْصِيبُ الْيَدِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ تَعْصِيبَ غَيْرِ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ إِنَّمَا يُكْرَهُ لَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ)(3) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْحِجَامَةَ فِي الإِْحْرَامِ: إِنْ كَانَتْ لِعُذْرٍ فَجَوَازُ الإِْقْدَامِ عَلَيْهَا ثَابِتٌ قَوْلاً
(1) مغني المحتاج 1 / 431، والمغني 3 / 103.
(2)
حديث: " أفطر الحاجم والمحجوم " سبق تخريجه قريبا.
(3)
البحر الرائق 2 / 350، وابن عابدين مع الدر المختار 2 / 164، 204، 305.
وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِ عُذْرٍ حَرُمَتْ إِنْ لَزِمَ قَلْعُ الشَّعْرِ. وَكُرِهَتْ إِنْ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ ذَلِكَ، لأَِنَّ الْحِجَامَةَ قَدْ تُضْعِفُهُ قَال مَالِكٌ: لَا يَحْتَجِمُ الْمُحْرِمُ إِلَاّ مِنْ ضَرُورَةٍ. عَلَّقَ عَلَيْهِ الزَّرْقَانِيُّ أَيْ يُكْرَهُ لأَِنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إِلَى ضَعْفِهِ كَمَا كُرِهَ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ لِلْحَاجِّ مَعَ أَنَّ الصَّوْمَ أَخَفُّ مِنَ الْحِجَامَةِ (1) .
وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَوْقَ رَأْسِهِ (2) ، وَفِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ وَسَطَ رَأْسِهِ (3)، وَفِي رِوَايَةٍ عَلَّقَهَا الْبُخَارِيُّ احْتَجَمَ مِنْ شَقِيقَةٍ كَانَتْ بِهِ (4) وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ وَثْءٍ (وَهُوَ رَضُّ الْعَظْمِ بِلَا كَسْرٍ) وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِلَحْيِ جَمَلٍ (5) وَلأَِبِي دَاوُدَ وَالْحَاكِمِ وَالنَّسَائِيِّ عَنْ أَنَسٍ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ (6) وَلَفْظُ الْحَاكِمِ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمَيْنِ:
(1) الزرقاني 2 / 87.
(2)
حديث: " احتجم وهو محرم فوق رأسه " أخرجه مالك في الموطأ (1 / 349 - ط الحلبي) من حديث سليمان بن يسار مرسلا.
(3)
حديث: " احتجم وهو محرم وسط رأسه " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 152 - ط السلفية) ومسلم (2 / 863 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن بحينة.
(4)
حديث: " احتجم من شقيقة كانت به " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 153 - ط السلفية) من حديث ابن عباس.
(5)
قيل هو مكان بطريق مكة.
(6)
حديث: " احتجم على ظهر القدم من وجع كان به " أخرجه النسائي (5 / 194 - ط المكتبة التجارية) من حديث أنس بن مالك.
يَقُول الزَّرْقَانِيُّ: وَهَذَا يَدُل عَلَى تَعَدُّدِهَا مِنْهُ فِي الإِْحْرَامِ. وَعَلَى الْحِجَامَةِ فِي الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ لِلْعُذْرِ. وَهُوَ إِجْمَاعٌ، وَلَوْ أَدَّتْ إِلَى قَلْعِ الشَّعْرِ. لَكِنْ يَفْتَدِي إِذَا قَلَعَ الشَّعْرَ (1) .
وَأَمَّا الْفَصْدُ فَيَقُول الزَّرْقَانِيُّ: وَجَازَ فَصْدٌ لِحَاجَةٍ وَإِلَاّ كُرِهَ إِنْ لَمْ يَعْصِبْهُ، فَإِنْ عَصَبَهُ وَلَوْ لِضَرُورَةٍ افْتَدَى (2) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَال النَّوَوِيُّ: إِذَا أَرَادَ الْمُحْرِمُ الْحِجَامَةَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَإِنْ تَضَمَّنَتْ قَطْعَ شَعْرٍ فَهِيَ حَرَامٌ لِقَطْعِ الشَّعْرِ وَإِنْ لَمْ تَتَضَمَّنْهُ جَازَتْ. وَاسْتَدَل بِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ بُحَيْنَةَ رضي الله عنه قَال: احْتَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْرِمٌ بِلَحْيِ جَمَلٍ فِي وَسَطِ رَأْسِهِ (3) .
وَاسْتُدِل بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ الْفَصْدِ، وَبَطِّ الْجُرْحِ، وَقَطْعِ الْعِرْقِ، وَقَلْعِ الضِّرْسِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ التَّدَاوِي إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ارْتِكَابُ مَا نُهِيَ عَنْهُ الْمُحْرِمُ مِنْ تَنَاوُل الطِّيبِ، وَقَطْعِ الشَّعْرِ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (4) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ الاِحْتِجَامِ لِلْمُحْرِمِ
(1) الزرقاني على الموطأ 2 / 87.
(2)
البيان 2 / 294، 297
(3)
حديث: " عن ابن بحينة قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم بلحي جمل في وسط رأسه " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 152 - ط السلفية) .
(4)
مغني المحتاج 1 / 431، والروضة 2 / 357.