الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَعْنَى الْمُنْكَرِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ
27 -
الْمُنْكَرُ ضِدُّ الْمَعْرُوفِ وَقَدِ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْعُلَمَاءِ فِي تَحْدِيدِ مَعْنَاهُ عُمُومًا وَخُصُوصًا، فَمِنْهُمْ مَنْ قَصَرَهُ عَلَى الْكُفْرِ (1) وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ شَامِلاً لِمُحَرَّمَاتِ الشَّرْعِ (2) وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَعْمَلَهُ فِي كُل مَا نَهَى عَنْهُ الشَّرْعُ (3) . وَاسْتَعْمَلَهُ آخَرُونَ فِي كُل مَا عُرِفَ بِالْعَقْل وَالشَّرْعِ قُبْحُهُ (4) وَقَال غَيْرُهُمْ هُوَ أَشْمَل مِنْ كُل مَا تَقَدَّمَ، هُوَ مَا تُنْكِرُهُ النُّفُوسُ السَّلِيمَةُ وَتَتَأَذَّى بِهِ مِمَّا حَرَّمَهُ الشَّرْعُ وَنَافَرَهُ الطَّبْعُ وَتَعَاظَمَ اسْتِكْبَارُهُ وَقَبُحَ غَايَةَ الْقُبْحِ اسْتِظْهَارُهُ فِي مَحَل الْمَلأَِ (5) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ وَالإِِْثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ (6) .
وَالْمُنْكَرُ مِنْهُ مَا هُوَ مَكْرُوهٌ، وَمِنْهُ مَا هُوَ مَحْظُورٌ وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنَ الْمَكْرُوهِ عِنْدَ إِطْلَاقِهِمْ، وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ
(1) البحر المحيط 3 / 20، 21.
(2)
الزواجر عن اقتراف الكبائر 2 / 168.
(3)
البحر المحيط 3 / 21، أحكام القرآن للجصاص 2 / 322.
(4)
لباب التأويل في معاني التنزيل 1 / 399، معالم القربة 22.
(5)
المفردات في غريب القرآن مادة نكر، النهاية في غريب الحديث والأثر 5 / 115 مادة نكر، تحفة الناظر وغنية الذاكر 29، غذاء الألباب 1 / 181، الآداب الشرعية 1 / 174، إتحاف السادة المتقين 7 / 34.
(6)
حديث: " البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس ". أخرجه مسلم مرفوعا (4 / 1980 - ط الحلبي) من حديث النواس بن سمعان.
يُسَاوِي الْمُحَرَّمَ، وَيُسَمَّى أَيْضًا مَعْصِيَةً وَذَنْبًا (1) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَكْرُوهِ وَالْمَحْظُورِ، أَنَّ الْمَنْعَ مِنَ الْمُنْكَرِ الْمَكْرُوهِ مُسْتَحَبٌّ، وَالسُّكُوتُ عَلَيْهِ مَكْرُوهٌ، وَلَيْسَ بِحَرَامٍ، وَإِِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْفَاعِل أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَجَبَ ذِكْرُهُ لَهُ، فَإِِنَّ لِلْكَرَاهَةِ حُكْمًا فِي الشَّرْعِ يَجِبُ تَبْلِيغُهُ إِِلَى مَنْ لَا يَعْرِفُهُ. أَمَّا الْمَحْظُورُ فَالنَّهْيُ عَنْهُ وَاجِبٌ وَالسُّكُوتُ عَلَيْهِ مَحْظُورٌ إِذَا تَحَقَّقَ شَرْطُهُ، وَبِهَذَا اشْتَرَطَ صَاحِبُ الْفَوَاكِهِ الدَّوَانِي أَنْ يَكُونَ الْمُنْكَرُ مُجْمَعًا عَلَى تَحْرِيمِهِ، أَوْ يَكُونَ مُدْرَكُ عَدَمِ التَّحْرِيمِ فِيهِ ضَعِيفًا (2) .
شُرُوطُ الْمُنْكَرِ::
28 -
يُشْتَرَطُ فِي الْمُنْكَرِ الْمَطْلُوبِ تَغْيِيرُهُ مَا يَلِي:
الشَّرْطُ الأَْوَّل:
أَنْ يَكُونَ مُنْكَرًا بِمَعْنَى أَنْ يَكُونَ مَحْظُورًا فِي الشَّرْعِ، وَقَال الْغَزَالِيُّ: الْمُنْكَرُ أَعَمُّ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، إِذْ مَنْ رَأَى صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا يَشْرَبُ الْخَمْرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُرِيقَ خَمْرَهُ وَيَمْنَعَهُ، وَكَذَا إِنْ رَأَى مَجْنُونًا يَزْنِي بِمَجْنُونَةٍ أَوْ بَهِيمَةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْهُ، وَهَذَا لَا يُسَمَّى مَعْصِيَةً فِي حَقِّ الْمَجْنُونِ، إِذْ مَعْصِيَةٌ لَا عَاصِيَ بِهَا مُحَالٌ، وَلِهَذَا قَال صَاحِبَا الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ: لَا يُشْتَرَطُ فِي الأَْمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ وَالْمَنْهِيُّ عَاصِيَيْنِ، بَل يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُلَابِسًا لِمَفْسَدَةٍ
(1) إتحاف السادة المتقين 7 / 52، 53، الأحكام في أصول الأحكام للآمدي 1 / 86، والفواكه الدواني 2 / 394.
(2)
إحياء علوم الدين 2 / 428، شرحه المسمى إتحاف السادة المتقين 7 / 52، 53، والفواكه الدواني 2 / 394.