الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَغَيْرِهَا، أَمْ شُرِعَ لِمَصْلَحَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ كَالْحَجْرِ عَلَى الْمَجْنُونِ، وَالصَّغِيرِ، وَالسَّفِيهِ (1) .
وَعَرَّفَهُ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ مَنْعٌ مِنْ نَفَاذِ تَصَرُّفٍ قَوْلِيٍّ - لَا فِعْلِيٍّ -
فَإِنَّ عَقْدَ الْمَحْجُورِ يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا فَلَا يَنْفُذُ إِلَاّ بِإِجَازَةِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ فِي الإِْجَازَةِ.
وَإِنَّمَا كَانَ الْحَجْرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ لأَِنَّ تِلْكَ التَّصَرُّفَاتِ هِيَ الَّتِي يُتَصَوَّرُ الْحَجْرُ فِيهَا بِالْمَنْعِ مِنْ نَفَاذِهَا. أَمَّا التَّصَرُّفُ الْفِعْلِيُّ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْحَجْرُ فِيهِ، لأَِنَّ الْفِعْل بَعْدَ وُقُوعِهِ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ، فَلَا يُتَصَوَّرُ الْحَجْرُ عَنْهُ (2) .
قَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ مَا مُفَادُهُ: الْحَجْرُ عَلَى مَرَاتِبَ: أَقْوَى، وَهُوَ الْمَنْعُ عَنْ أَصْل التَّصَرُّفِ بِعَدَمِ انْعِقَادِهِ (الْبُطْلَانُ) كَتَصَرُّفِ الْمَجْنُونِ. وَمُتَوَسِّطٌ، وَهُوَ الْمَنْعُ عَنْ وَصْفِهِ وَهُوَ النَّفَاذُ كَتَصَرُّفِ الْمُمَيِّزِ. وَضَعِيفٌ، وَهُوَ الْمَنْعُ عَنْ وَصْفِ وَصْفِهِ، وَهُوَ كَوْنُ النَّفَاذِ حَالًّا مِثْل تَأْخِيرِ نَفَاذِ الإِْقْرَارِ مِنَ لْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِلإِْفْلَاسِ إِلَى مَا بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَقَدْ أَدْخَل فِي التَّعْرِيفِ الْمَنْعَ عَنِ الْفِعْل، وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ، فَإِنَّهُ إِنْ جُعِل الْحَجْرُ هُوَ الْمَنْعَ مِنْ ثُبُوتِ
(1) مغني المحتاج 2 / 165، وأسنى المطالب 2 / 205، والمغني 4 / 505، وكشاف القناع 3 / 416.
(2)
ابن عابدين 5 / 89، وتبيين الحقائق 5 / 190، وتكملة البحر 8 / 88.
حُكْمِ التَّصَرُّفِ، فَمَا وَجْهُ تَقْيِيدِهِ بِالْقَوْلِيِّ وَنَفْيِ الْفِعْلِيِّ مَعَ أَنَّ لِكُلٍّ حُكْمًا؟ وَأَمَّا مَا عَلَّل بِهِ (صَاحِبُ الدُّرِّ) مِنْ قَوْلِهِ: لأَِنَّ الْفِعْل بَعْدَ وُقُوعِهِ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ، نَقُول: الْكَلَامُ فِي مَنْعِ حُكْمِهِ لَا مَنْعِ ذَاتِهِ، وَمِثْلُهُ: الْقَوْل، لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ بِذَاتِهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ بَل رَدُّ حُكْمِهِ (1) .
وَعَرَّفَ الْمَالِكِيَّةُ الْحَجْرَ بِأَنَّهُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ مَنْعَ مَوْصُوفِهَا مِنْ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِيمَا زَادَ عَلَى قُوَّتِهِ، أَوْ مِنْ نُفُوذِ تَبَرُّعِهِ بِزَائِدٍ عَلَى ثُلُثِ مَالِهِ.
فَدَخَل بِالثَّانِي حَجْرُ الْمَرِيضِ وَالزَّوْجَةِ، وَدَخَل بِالأَْوَّل حَجْرُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ وَالْمُفْلِسِ وَالرَّقِيقِ فَيُمْنَعُونَ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي الزَّائِدِ عَلَى الْقُوتِ وَلَوْ كَانَ التَّصَرُّفُ غَيْرَ تَبَرُّعٍ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَأَمَّا الزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ فَلَا يُمْنَعَانِ مِنَ التَّصَرُّفِ إِذَا كَانَ غَيْرَ تَبَرُّعٍ أَوْ كَانَ تَبَرُّعًا وَكَانَ بِثُلُثِ مَالِهِمَا، وَأَمَّا تَبَرُّعُهُمَا بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ فَيُمْنَعَانِ مِنْهُ (2) .
مَشْرُوعِيَّةُ الْحَجْرِ:
2 -
ثَبَتَتْ مَشْرُوعِيَّةُ الْحَجْرِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تُؤْتُوا
(1) ابن عابدين 5 / 89، وتبيين الحقائق 5 / 190، وتكملة البحر 8 / 88.
(2)
الدسوقي 3 / 292، وحاشية الصاوي على الشرح الصغير 3 / 381 ط دار المعارف.