الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صِفَةُ الْمَحْضُونِ (مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ الْحَضَانَةُ) :
6 -
تَثْبُتُ الْحَضَانَةُ عَلَى الصَّغِيرِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ - الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ - بِالنِّسْبَةِ لِلْبَالِغِ الْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ.
وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْحَضَانَةَ تَنْقَطِعُ فِي الذُّكُورِ بِالْبُلُوغِ وَلَوْ كَانَ زَمِنًا أَوْ مَجْنُونًا (1) .
مُقْتَضَى الْحَضَانَةِ:
7 -
مُقْتَضَى الْحَضَانَةِ حِفْظُ الْمَحْضُونِ وَإِِمْسَاكُهُ عَمَّا يُؤْذِيهِ، وَتَرْبِيَتُهُ لِيَنْمُوَ، وَذَلِكَ بِعَمَل مَا يُصْلِحُهُ، وَتَعَهُّدِهِ بِطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ، وَغُسْلِهِ وَغَسْل ثِيَابِهِ، وَدَهْنِهِ، وَتَعَهُّدِ نَوْمِهِ وَيَقِظَتِهِ (2) .
حَقُّ الْحَضَانَةِ:
8 -
لِكُلٍّ مِنَ الْحَاضِنِ وَالْمَحْضُونِ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ، فَهِيَ حَقُّ الْحَاضِنِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوِ امْتَنَعَ عَنِ الْحَضَانَةِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا، لأَِنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِيهَا سَقَطَ، وَإِِذَا أَرَادَ الْعَوْدَ وَكَانَ أَهْلاً لَهَا عَادَ إِلَيْهِ حَقُّهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، لأَِنَّهُ حَقٌّ يَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الزَّمَانِ.
(1) ابن عابدين 2 / 641، والفواكه الدواني 2 / 101، والقوانين الفقهية / 124، ونهاية المحتاج 7 / 214، والمغني 7 / 614، وكشاف القناع 5 / 496.
(2)
البدائع 4 / 40، ومغني المحتاج 3 / 452، وكشاف القناع 5 / 496، الشرح الصغير 2 / 755.
وَهِيَ حَقُّ الْمَحْضُونِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْبَل الْمَحْضُونُ غَيْرَ أُمِّهِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ لِلأَْبِ وَلَا لِلصَّغِيرِ مَالٌ، تَعَيَّنَتِ الأُْمُّ لِلْحَضَّانَةِ وَتُجْبَرُ عَلَيْهَا، وَلِذَلِكَ يَقُول الْحَنَفِيَّةُ: لَوِ اخْتَلَعَتِ. الزَّوْجَةُ عَلَى أَنْ تَتْرُكَ وَلَدَهَا عِنْدَ الزَّوْجِ صَحَّ الْخُلْعُ وَبَطَل الشَّرْطُ.
وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَيُوَافِقُهُمُ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُمْ يُخَالِفُونَ الْجُمْهُورَ فِي عَوْدَةِ الْحَقِّ بَعْدَ الإِِْسْقَاطِ، فَعِنْدَهُمْ إِذَا أَسْقَطَ الْحَاضِنُ حَقَّهُ فِي الْحَضَانَةِ دُونَ عُذْرٍ بَعْدَ وُجُوبِهَا سَقَطَ حَقُّهُ وَلَا يَعُودُ إِلَيْهِ الْحَقُّ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ أَرَادَ، وَمُقَابِل الْمَشْهُورِ يَعُودُ إِلَيْهِ حَقُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا حَقُّ الْمَحْضُونِ (1) .
الْمُسْتَحِقُّونَ لِلْحَضَانَةِ وَتَرْتِيبُهُمْ:
9 -
الْحَضَانَةُ تَكُونُ لِلنِّسَاءِ وَالرِّجَال مِنَ الْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا، إِلَاّ أَنَّ النِّسَاءَ يُقَدَّمْنَ عَلَى الرِّجَال، لأَِنَّهُنَّ أَشْفَقُ وَأَرْفَقُ، وَبِهَا أَلْيَقُ وَأَهْدَى إِِلَى تَرْبِيَةِ الصِّغَارِ، ثُمَّ تُصْرَفُ إِِلَى الرِّجَال لأَِنَّهُمْ عَلَى الْحِمَايَةِ وَالصِّيَانَةِ وَإِِقَامَةِ مَصَالِحِ الصِّغَارِ أَقْدَرُ (2) .
وَحَضَانَةُ الطِّفْل تَكُونُ لِلأَْبَوَيْنِ إِذَا كَانَ
(1) ابن عابدين 2 / 636، والدسوقي 2 / 532، ونهاية المحتاج 7 / 219، ومغني المحتاج 3 / 456، وكشاف القناع 5 / 496، 498، والمغني 7 / 624.
(2)
البدائع 4 / 41.
النِّكَاحُ قَائِمًا بَيْنَهُمَا، فَإِِنِ افْتَرَقَا فَالْحَضَانَةُ لأُِمِّ الطِّفْل بِاتِّفَاقِ، لِمَا وَرَدَ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ يَا رَسُول اللَّهِ: إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَزَعَمَ أَبُوهُ أَنَّهُ يَنْزِعُهُ مِنِّي، فَقَال: أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي (1) .
وَلِكُل أَهْل مَذْهَبٍ طَرِيقَةٌ خَاصَّةٌ فِي تَرْتِيبِ مُسْتَحِقِّي الْحَضَانَةِ بَعْدَ الأُْمِّ وَمَنْ يُقَدَّمُ عِنْدَ الاِسْتِوَاءِ فِي الاِسْتِحْقَاقِ. مَعَ مُرَاعَاةِ أَنَّ الْحَضَانَةَ لَا تَنْتَقِل مِنَ الْمُسْتَحِقِّ إِِلَى مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْمُسْتَحِقِّينَ إِلَاّ إِذَا أَسْقَطَ الْمُسْتَحِقُّ حَقَّهُ فِي الْحَضَانَةِ أَوْ سَقَطَتْ لِمَانِعٍ.
وَبَيَانُ تَرْتِيبِ الْمَذَاهِبِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ هُوَ كَمَا يَلِي:
10 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِِلَى أَنَّ أُمَّ الأُْمِّ تَلِي الأُْمَّ فِي الْحَضَانَةِ إِذَا سَقَطَتْ حَضَانَةُ الأُْمِّ لِمَانِعٍ، ثُمَّ أُمُّ الأَْبِ وَإِِنْ عَلَتْ، ثُمَّ الأُْخْتُ لأَِبَوَيْنِ، ثُمَّ الأُْخْتُ لأُِمٍّ، ثُمَّ الأُْخْتُ لأَِبٍ، ثُمَّ بِنْتُ الأُْخْتِ لأَِبَوَيْنِ، ثُمَّ لأُِمٍّ، ثُمَّ الْخَالَاتُ لأَِبَوَيْنِ، ثُمَّ لأُِمٍّ، ثُمَّ لأَِبٍ، ثُمَّ بِنْتُ الأُْخْتِ لأَِبٍ (وَتَأْخِيرُهَا عَنِ الْخَالَاتِ هُوَ الصَّحِيحُ) . ثُمَّ بَنَاتُ الأَْخِ لأَِبَوَيْنِ، ثُمَّ لأُِمٍّ، ثُمَّ لأَِبٍ، ثُمَّ الْعَمَّاتُ لأَِبَوَيْنِ، ثُمَّ لأُِمٍّ، ثُمَّ
(1) حديث: " أنت أحق به ما لم تنكحي. . . ". أخرجه أحمد (2 / 182 - ط الميمنية) والحاكم (2 / 207 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث عبد الله بن عمرو وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
لأَِبٍ، ثُمَّ خَالَةُ الأُْمِّ، ثُمَّ خَالَةُ الأَْبِ، ثُمَّ عَمَّاتُ الأُْمَّهَاتِ وَالآْبَاءِ، ثُمَّ الْعَصَبَاتُ مِنَ الرِّجَال بِتَرْتِيبِ الإِِْرْثِ، فَيُقَدَّمُ الأَْبُ، ثُمَّ الْجَدُّ، ثُمَّ الأَْخُ الشَّقِيقُ، ثُمَّ لأَِبٍ، ثُمَّ بَنُوهُ كَذَلِكَ، ثُمَّ الْعَمُّ، ثُمَّ بَنُوهُ. وَإِِذَا اجْتَمَعُوا قُدِّمَ الأَْوْرَعُ ثُمَّ الأَْسَنُّ، ثُمَّ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَصَبَةٌ انْتَقَل حَقُّ الْحَضَانَةِ لِذَوِي الأَْرْحَامِ الذُّكُورِ إِذَا كَانُوا مِنَ الْمَحَارِمِ، فَيُقَدَّمُ الْجَدُّ لأُِمٍّ، ثُمَّ يُقَدَّمُ الأَْخُ لأُِمٍّ، ثُمَّ لاِبْنِهِ، ثُمَّ لِلْعَمِّ لأُِمٍّ، ثُمَّ لِلْخَال لأَِبَوَيْنِ، ثُمَّ لِلْخَال لأُِمٍّ، فَإِِنْ تَسَاوَوْا فَأَصْلَحُهُمْ، ثُمَّ أَوْرَعُهُمْ ثُمَّ أَكْبَرُهُمْ (1) .
11 -
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِِلَى أَنَّ الأَْحَقَّ بِالْحَضَانَةِ بَعْدَ الأُْمِّ أُمُّ الأُْمِّ، ثُمَّ جَدَّةُ الأُْمِّ، وَتُقَدَّمُ مَنْ كَانَتْ مِنْ جِهَةِ الأُْمِّ عَلَى مَنْ كَانَتْ مِنْ جِهَةِ الأَْبِ، ثُمَّ خَالَةُ الْمَحْضُونِ الشَّقِيقَةُ، ثُمَّ الَّتِي لِلأُْمِّ، ثُمَّ الَّتِي لِلأَْبِ، ثُمَّ خَالَةُ الأُْمِّ الشَّقِيقَةُ، ثُمَّ الَّتِي لِلأُْمِّ، ثُمَّ الَّتِي لِلأَْبِ، ثُمَّ عَمَّةُ الأُْمِّ، ثُمَّ الْجَدَّةُ لأَِبٍ (وَتَشْمَل أُمَّ الأَْبِ وَأُمَّ أُمِّهِ وَأُمَّ أَبِيهِ وَتُقَدَّمُ الْقُرْبَى عَلَى الْبُعْدَى) ثُمَّ بَعْدَ الْجَدَّةِ مِنْ جِهَةِ الأَْبِ تَكُونُ الْحَضَانَةُ لِلأَْبِ، ثُمَّ أُخْتِ الْمَحْضُونِ الشَّقِيقَةِ، ثُمَّ الَّتِي لِلأُْمِّ، ثُمَّ الَّتِي لِلأَْبِ، ثُمَّ الْعَمَّةِ، ثُمَّ عَمَّةِ الأَْبِ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ، ثُمَّ خَالَةِ الأَْبِ.
ثُمَّ اخْتُلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي تَقْدِيمِ بِنْتِ الأَْخِ أَوْ
(1) ابن عابدين 2 / 638 - 639
بِنْتِ الأُْخْتِ أَوْ تَقْدِيمِ الأَْكْفَأِ مِنْهُنَّ وَهُوَ أَظْهَرُ الأَْقْوَال، ثُمَّ الْوَصِيِّ، ثُمَّ الأَْخِ، ثُمَّ الْجَدِّ مِنْ جِهَةِ الأَْبِ، ثُمَّ ابْنِ الأَْخِ، ثُمَّ الْعَمِّ، ثُمَّ ابْنِ الْعَمِّ، ثُمَّ الْمَوْلَى الأَْعْلَى، وَهُوَ الْمُعْتِقُ، ثُمَّ الْمَوْلَى الأَْسْفَل وَهُوَ الْمُعْتَقُ.
وَاخْتُلِفَ فِي حَضَانَةِ الْجَدِّ لأُِمٍّ، فَمَنَعَ ذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ، وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ أَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْحَضَانَةِ، وَمَرْتَبَتُهُ تَكُونُ بَعْدَ مَرْتَبَةِ الْجَدِّ لأَِبٍ.
وَيُقَدَّمُ عِنْدَ التَّسَاوِي الأَْكْثَرُ صِيَانَةً وَشَفَقَةً، ثُمَّ الأَْكْبَرُ سِنًّا عِنْدَ التَّسَاوِي فِي ذَلِكَ، ثُمَّ الْقُرْعَةُ عِنْدَ التَّسَاوِي فِي كُل شَيْءٍ (1) .
12 -
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِِلَى أَنَّ الأَْحَقَّ بِالْحَضَانَةِ بَعْدَ الأُْمِّ الْبِنْتُ، ثُمَّ أُمَّهَاتُ الأُْمِّ اللَاّتِي يُدْلِينَ بِإِِنَاثٍ وَارِثَاتٍ تُقَدَّمُ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى، ثُمَّ الصَّحِيحُ بَعْدَ ذَلِكَ - عَلَى الْجَدِيدِ - تَنْتَقِل الْحَضَانَةُ إِِلَى أُمِّ الأَْبِ، وَإِِنَّمَا قُدِّمَتْ أُمَّهَاتُ الأُْمِّ عَلَى أُمِّ الأَْبِ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِنَّ وَلأَِنَّهُنَّ أَقْوَى مِيرَاثًا مِنْ أُمَّهَاتِ الأَْبِ، ثُمَّ بَعْدَ أُمِّ الأَْبِ أُمَّهَاتُهَا الْمُدْلِيَاتُ بِإِِنَاثٍ وَارِثَاتٍ، ثُمَّ أُمُّ أَبِي الأَْبِ، ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا الْمُدْلِيَاتُ بِإِِنَاثٍ وَارِثَاتٍ، ثُمَّ أُمُّ أَبِي الْجَدِّ ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا الْمُدْلِيَاتُ بِإِِنَاثٍ وَارِثَاتٍ، وَتُقَدَّمُ مِنْ كُل ذَلِكَ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى، ثُمَّ الأُْخْتُ الشَّقِيقَةُ ثُمَّ الَّتِي لأَِبٍ - عَلَى الأَْصَحِّ - ثُمَّ الَّتِي لأُِمٍّ، ثُمَّ لِخَالَةٍ بِهَذَا التَّرْتِيبِ عَلَى الأَْصَحِّ، ثُمَّ بِنْتُ
(1) الدسوقي 2 / 527 - 528.
الأُْخْتِ، ثُمَّ بِنْتُ الأَْخِ، ثُمَّ الْعَمَّةُ مِنَ الأَْبِ وَالأُْمِّ، ثُمَّ الْعَمَّةُ مِنَ الأَْبِ، ثُمَّ الْعَمَّةُ مِنَ الأُْمِّ.
وَعَلَى الْقَدِيمِ يُقَدَّمُ الأَْخَوَاتُ وَالْخَالَاتُ عَلَى أُمَّهَاتِ الأَْبِ وَالْجَدِّ، أَمَّا الأَْخَوَاتُ فَلأَِنَّهُنَّ اجْتَمَعْنَ مَعَهُ فِي الصُّلْبِ وَالْبَطْنِ، وَأَمَّا الْخَالَاتُ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُْمِّ (1) .
وَالأَْصَحُّ إِثْبَاتُ حَقِّ الْحَضَانَةِ لِلإِِْنَاثِ غَيْرِ الْمَحَارِمِ كَبِنْتِ الْخَالَةِ، وَبِنْتِ الْعَمَّةِ، وَبِنْتِ الْخَال، وَبِنْتِ الْعَمِّ لِشَفَقَتِهِنَّ بِالْقَرَابَةِ وَهِدَايَتِهِنَّ إِِلَى التَّرْبِيَةِ بِالأُْنُوثَةِ، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ لَا حَقَّ لَهُنَّ فِي الْحَضَانَةِ.
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِحَضَانَةِ الرِّجَال فَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهَا تَثْبُتُ لِكُل مَحْرَمٍ وَارِثٍ عَلَى تَرْتِيبِ الإِِْرْثِ عِنْدَ الاِجْتِمَاعِ، فَيُقَدَّمُ أَبٌ، ثُمَّ جَدٌّ وَإِِنْ عَلَا، ثُمَّ أَخٌ شَقِيقٌ، ثُمَّ لأَِبٍ، وَهَكَذَا كَتَرْتِيبِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ، كَمَا تَثْبُتُ الْحَضَانَةُ لِغَيْرِ الْمَحْرَمِ إِنْ كَانَ وَارِثًا كَابْنِ الْعَمِّ، وَهَذَا عَلَى الصَّحِيحِ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِ بِالْوِلَايَةِ، وَمُقَابِل الصَّحِيحِ لَا حَضَانَةَ لَهُ لِفَقْدِ الْمَحْرَمِيَّةِ.
فَإِِنْ فَقَدَ الذَّكَرُ الإِِْرْثَ وَالْمَحْرَمِيَّةَ مَعًا كَابْنِ الْخَال وَابْنِ الْعَمَّةِ، أَوْ فَقَدَ الإِِْرْثَ فَقَطْ مَعَ بَقَاءِ الْمَحْرَمِيَّةِ كَالْخَال وَأَبِي الأُْمِّ، فَلَا حَضَانَةَ لَهُمْ فِي
(1) حديث: " الخالة بمنزلة الأم. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 7 / 499 - ط السلفية) من حديث البراء بن عازب.
الأَْصَحِّ، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ لَهُمُ الْحَضَانَةُ لِشَفَقَتِهِمْ بِالْقَرَابَةِ.
وَإِِذَا اجْتَمَعَ لِلْمَحْضُونِ مُسْتَحِقُّونَ مِنَ الذُّكُورِ وَالإِِْنَاثِ قُدِّمَتِ الأُْمُّ، ثُمَّ أُمَّهَاتُ الأُْمِّ الْمُدْلِيَاتُ بِإِِنَاثٍ، ثُمَّ الأَْبُ، وَقِيل تُقَدَّمُ الْخَالَةُ وَالأُْخْتُ مِنَ الأُْمِّ عَلَى الأَْبِ، وَيُقَدَّمُ الأَْصْل عَلَى الْحَاشِيَةِ مُطْلَقًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، كَالأَْخِ وَالأُْخْتِ لِقُوَّةِ الأُْصُول، فَإِِنْ فُقِدَ الأَْصْل وَهُنَاكَ حَوَاشٍ فَالأَْصَحُّ أَنْ يُقَدَّمَ مِنَ الْحَوَاشِي الأَْقْرَبُ فَالأَْقْرَبُ كَالإِِْرْثِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَإِِنِ اسْتَوَوْا وَفِيهِمْ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، فَالأُْنْثَى مُقَدَّمَةٌ عَلَى الذَّكَرِ.
وَإِِنِ اسْتَوَى اثْنَانِ مِنْ كُل وَجْهٍ كَأَخَوَيْنِ وَأُخْتَيْنِ، وَخَالَتَيْنِ، أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ.
وَمُقَابِل الأَْصَحِّ أَنَّ نِسَاءَ الْقَرَابَةِ وَإِِنْ بَعُدْنَ أَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ مِنَ الذُّكُورِ وَإِِنْ كَانُوا عَصَبَاتٍ، لأَِنَّهُنَّ أَصْلَحُ لِلْحَضَانَةِ (1) .
قَال الْبَيْضَاوِيُّ: إِنْ تُزَاحَمُوا قُدِّمَتْ فِي الأُْصُول الأُْمُّ مَا لَمْ تَنْكِحْ أَجْنَبِيًّا، ثُمَّ الْجَدَّةُ، ثُمَّ الْمُدْلِيَةُ بِهَا، لأَِنَّهَا بِالإِِْنَاثِ أَلْيَقُ، ثُمَّ الأَْبُ، ثُمَّ الْمُدْلِيَةُ بِهِ، ثُمَّ الْجَدُّ، ثُمَّ الْمُدْلِيَةُ بِهِ، ثُمَّ الأُْخْتُ، ثُمَّ الأَْخُ، ثُمَّ الْخَالَاتُ، ثُمَّ بِنْتُ الأُْخْتِ، ثُمَّ بِنْتُ الأَْخِ، ثُمَّ ابْنُهُ، ثُمَّ الْعَمُّ، ثُمَّ ابْنَتُهُ، ثُمَّ ابْنُهُ، وَتُسَلَّمُ الْمُرَاهِقَةُ إِِلَى ثِقَةٍ، وَقُدِّمَ وَلَدُ الأَْبَوَيْنِ
(1) مغني المحتاج 3 / 452 - 453 - 454 ونهاية المحتاج 7 / 215 - 217.
ثُمَّ الأَْبُ، ثُمَّ الأُْمُّ. ثُمَّ أَبُو الأُْمِّ. ثُمَّ الْخَال. وَقِيل: لَا حَقَّ لَهُمَا، وَلَا لاِبْنِ وَلَدِ الأُْمِّ، لِعَدَمِ الأُْنُوثَةِ وَالإِِْرْثِ (1) .
13 -
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِِلَى أَنَّ الأَْحَقَّ بِالْحَضَانَةِ بَعْدَ الأُْمِّ أُمَّهَاتُهَا الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى، ثُمَّ الأَْبُ، ثُمَّ أُمَّهَاتُ الأَْبِ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى، ثُمَّ الْجَدُّ، ثُمَّ أُمَّهَاتُ الْجَدِّ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى، ثُمَّ الأُْخْتُ لأَِبَوَيْنِ، ثُمَّ الأُْخْتُ لأُِمٍّ، ثُمَّ لأَِبٍ، ثُمَّ الْخَالَةُ لأَِبَوَيْنِ، ثُمَّ الْخَالَةُ لأُِمٍّ، ثُمَّ الْخَالَةُ لأَِبٍ، ثُمَّ الْعَمَّةُ لأَِبَوَيْنِ، ثُمَّ لأُِمٍّ، ثُمَّ لأَِبٍ، ثُمَّ خَالَةُ أُمِّهِ كَذَلِكَ، ثُمَّ خَالَةُ أَبِيهِ، ثُمَّ عَمَّةُ أَبِيهِ، ثُمَّ بَنَاتُ إِخْوَتِهِ وَبَنَاتُ أَخَوَاتِهِ، ثُمَّ بَنَاتُ أَعْمَامِهِ وَبَنَاتُ عَمَّاتِهِ، ثُمَّ بَنَاتُ أَعْمَامِ أَبِيهِ وَبَنَاتُ عَمَّاتِ أَبِيهِ، تُقَدَّمُ مِنْ كُل ذَلِكَ مَنْ كَانَتْ لأَِبَوَيْنِ ثُمَّ مَنْ كَانَتْ لأُِمٍّ، ثُمَّ مَنْ كَانَتْ لأَِبٍ. ثُمَّ تَكُونُ الْحَضَانَةُ لِبَاقِي الْعَصَبَةِ الأَْقْرَبُ فَالأَْقْرَبُ. فَإِِنْ كَانَ الْمَحْضُونُ أُنْثَى فَالْحَضَانَةُ عَلَيْهَا لِلْعَصَبَةِ مِنْ مَحَارِمِهَا وَلَوْ بِرَضَاعٍ وَنَحْوِهِ كَمُصَاهَرَةٍ، وَهَذَا مَتَى بَلَغَتِ الأُْنْثَى الْمَحْضُونَةُ سَبْعًا، فَلَا حَضَانَةَ عَلَيْهَا بَعْدَ السَّبْعِ لاِبْنِ الْعَمِّ وَنَحْوِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَحْرَمًا لَهَا بِرَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ.
هَذَا مَا حَرَّرَهُ صَاحِبُ كَشَّافِ الْقِنَاعِ، وَقَال عَنْهُ ابْنُ قُدَامَةَ إِنَّهُ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ.
وَذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ بَعْضَ الرِّوَايَاتِ الأُْخْرَى عَنْ الإِِْمَامِ أَحْمَدَ، فَعَنْهُ أَنَّ أُمَّ الأَْبِ وَأُمَّهَاتِهَا مُقَدَّمَاتٌ
(1) الغاية القصوى للبيضاوي 2 / 878