الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ أَوِ الاِسْتِئْجَارِ أَوِ الاِسْتِعَارَةِ، فَإِِنْ كَانَ بِاللَّيْل أَوْ كَانَ فِي ظُلْمَةٍ فَعَلَيْهِ تَحْصِيل الإِِْضَاءَةِ، فَلَوِ امْتَنَعَ عَنْ ذَلِكَ مَعَ الإِِْمْكَانِ فَعَلَيْهِ إِِعَادَةُ كُل صَلَاةٍ صَلَاّهَا إِِلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَى قِرَاءَتِهَا مِنْ حِفْظِهِ، أَوْ مِنْ مُصْحَفٍ، أَوْ عَنْ طَرِيقِ التَّلْقِينِ.
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ تَتَعَيَّنُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي كُل رَكْعَةٍ مِنَ الصَّلَاةِ إِِلَاّ رَكْعَةَ مَسْبُوقٍ، فَإِِنْ جَهِل الْمُصَلِّي الْفَاتِحَةَ وَضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ تَعَلُّمِهَا فَسَبْعُ آيَاتٍ، فَإِِنْ عَجَزَ أَتَى بِذِكْرٍ، فَإِِنْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا وَقَفَ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ (1) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمُخْتَارِ عِنْدَهُمْ إِِلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ تَسْقُطُ عَمَّنْ عَجَزَ عَنْهَا، وَاخْتَارَ ابْنُ سَحْنُونٍ أَنْ يُبَدَّل الذِّكْرُ بِذَلِكَ (2) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِِلَى أَنَّهُ تُجْزِئُ قِرَاءَةُ آيَةٍ طَوِيلَةٍ أَوْ ثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ مِنَ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ، وَأَنَّ الْفَاتِحَةَ لَا تَتَعَيَّنُ، وَأَنَّهُ يُفْرَضُ عَيْنًا عَلَى كُل وَاحِدٍ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ بِعَيْنِهِ حِفْظُ آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ لِتَكُونَ صَلَاتُهُ صَحِيحَةً، كَمَا ذَهَبَ
(1) القوانين الفقهية ص 64، المجموع للإمام النووي 3 / 330، 4 / 95، مغني المحتاج 1 / 156، بداية المجتهد 1 / 110، الفروع 1 / 418، الإنصاف 2 / 54، الشرح الصغير 1 / 309، تحفة المحتاج 2 / 43، وروضة الطالبين 1 / 244.
(2)
الدسوقي 1 / 337.
الْحَنَفِيَّةُ إِِلَى وُجُوبِ حِفْظِ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ أُخْرَى عَلَى كُل وَاحِدٍ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ، لأَِنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ وَاجِبَاتِهَا وَلَيْسَتْ مِنْ أَرْكَانِهَا، وَكَذَلِكَ السُّورَةُ وَإِِنْ كَانَتْ أَقْصَرَ سُوَرِ الْقُرْآنِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ ثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ (1) .
حُكْمُ تَقْدِيمِ الأَْحْفَظِ لِلْقُرْآنِ لإِِِمَامَةِ الصَّلَاةِ:
4 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ يُقَدَّمُ لإِِِمَامَةِ الصَّلَاةِ: الأَْحْفَظُ أَمِ الأَْفْقَهُ؟
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ إِِلَى أَنَّ الأَْفْقَهَ: أَيِ الأَْعْلَمَ بِالأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْلَى بِالإِِْمَامَةِ فِي الصَّلَاةِ مِنَ الأَْقْرَأِ وَإِِنْ كَانَ حَافِظًا لِجَمِيعِ الْقُرْآنِ، وَذَلِكَ إِِذَا كَانَ الأَْفْقَهُ يَحْفَظُ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ مِنَ الْقُرْآنِ، لأَِنَّ الْحَاجَةَ إِِلَى الْفِقْهِ أَهَمُّ لِكَوْنِ الْوَاجِبِ مِنَ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ مَحْصُورًا وَالْحَوَادِثُ فِيهَا لَا تَنْحَصِرُ فَيَفْتَقِرُ إِِلَى الْعِلْمِ لِيَتَمَكَّنَ بِهِ مِنْ تَدَارُكِ مَا عَسَى أَنْ يَعْرِضَ فِيهَا مِنَ الْعَوَارِضِ الْمُخْتَلِفَةِ.
وَلأَِنَّ " النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه فِي إِِمَامَةِ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم (2) "، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ أَحْفَظَ مِنْهُ لِلْقُرْآنِ
(1) البدائع 1 / 110، حاشية ابن عابدين 1 / 360، المغني لابن قدامة 1 / 476.
(2)
حديث: تقديم النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر. أخرجه البخاري (الفتح 2 / 173 ط السلفية) من حديث عائشة.