الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَمِنْهُمْ مَنْ قَصَرَهُ عَلَى الإِِْيمَانِ بِاَللَّهِ (1) وَمِنْهُمْ مَنْ قَيَّدَهُ بِوَاجِبَاتِ الشَّرْعِ (2) وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ شَامِلاً لِمَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ عَلَى سَبِيل الْوُجُوبِ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، أَوْ عَلَى سَبِيل النَّدْبِ كَالنَّوَافِل وَصَدَقَاتِ التَّطَوُّعِ (3) وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ أَشْمَل وَأَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ فَقَال: هُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِكُل مَا عُرِفَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ، وَالإِِْحْسَانِ إِِلَى النَّاسِ بِكُل مَا نَدَبَ إِلَيْهِ الشَّرْعُ، وَنَهَى عَنْهُ مِنَ الْمُحَسَّنَاتِ وَالْمُقَبَّحَاتِ، وَهُوَ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ أَيْ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ بَيْنَ النَّاسِ إِذَا رَأَوْهُ لَا يُنْكِرُونَهُ، وَالْمَعْرُوفُ النَّصَفُ (الْعَدْل) وَحُسْنُ الصُّحْبَةِ مَعَ الأَْهْل وَغَيْرِهِمْ مِنَ النَّاسِ (4) وَقَال ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّفْسِيرِ: الْمَعْرُوفُ هُوَ مَا يَعْرِفُ كُل عَاقِلٍ صَوَابَهُ، وَقِيل الْمَعْرُوفُ هَاهُنَا طَاعَةُ اللَّهِ (5)
أَقْسَامُ الْمَعْرُوفِ:
يَنْقَسِمُ الْمَعْرُوفُ إِِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
(1) مفاتح الغيب 3 / 39، البحر المحيط 3 / 10، 21.
(2)
الزواجر عن اقتراف الكبائر 2 / 168.
(3)
حاشية الصاوي على الجلالين 1 / 161، وأحكام القرآن للجصاص 2 / 322، مبارك الأزهار في شرح مشارق الأنوار 1 / 29.
(4)
غذاء الألباب لشرح منظومة الآداب 1 / 180، جامع البيان في تفسير القرآن 4 / 45، النهاية في غريب الحديث والأثر 3 / 16، مادة عرف، البحر المحيط 3 / 21، معالم القربة 22.
(5)
زاد المسير في علم التفسير 1 / 435.
23 -
أَحَدُهُمَا: مَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى. وَالثَّانِي: مَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ. وَالثَّالِثُ: مَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا.
وَمَعْنَى حَقِّ اللَّهِ أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ، وَحَقِّ الْعَبْدِ مَصَالِحُهُ. لأَِنَّ التَّكَالِيفَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ كَالإِِْيمَانِ وَتَحْرِيمِ الْكُفْرِ، وَقِسْمٌ فِيهِ حَقُّ الْعَبْدِ فَقَطْ كَالدُّيُونِ وَالأَْثْمَانِ، وَقِسْمٌ اخْتُلِفَ فِيهِ هَل يَغْلِبُ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ أَوْ حَقُّ الْعَبْدِ كَحَدِّ الْقَذْفِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا كَانَ حَقًّا مَحْضًا لِلْعَبْدِ وَبَيْنَ حَقِّ اللَّهِ أَنَّ حَقَّ الْعَبْدِ الْمَحْضَ لَوْ أَسْقَطَهُ لَسَقَطَ، وَإِِلَاّ فَمَا مِنْ حَقٍّ لِلْعَبْدِ إِلَاّ وَفِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ أَمْرُهُ بِإِِيصَال ذَلِكَ الْحَقِّ إِِلَى مُسْتَحِقِّهِ فَيُوجَدُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى دُونَ حَقِّ الْعَبْدِ، وَلَا يُوجَدُ حَقُّ الْعَبْدِ إِلَاّ وَفِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِِنَّمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ بِصِحَّةِ الإِِْسْقَاطِ، فَكُل مَا لِلْعَبْدِ إِسْقَاطُهُ فَهُوَ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ حَقُّ الْعَبْدِ، وَكُل مَا لَيْسَ لَهُ إِسْقَاطُهُ فَهُوَ الَّذِي يُقْصَدُ بِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى. وَأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ خُصُومٌ فِي إِثْبَاتِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى نِيَابَةً عَنْهُ تَعَالَى لِكَوْنِهِمْ عَبِيدَهُ، أَمَّا حَقُّ الْعَبْدِ فَلَا يَنْتَصِبُ أَحَدٌ خَصْمًا عَنْ أَحَدٍ لِعَدَمِ مَا يُوجِبُ انْتِصَابَهُ خَصْمًا (1) .
(1) درر الحكام في شرح غرر الأحكام 2 / 219، كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي 4 / 134، الفروق 1 / 140 - 142، والموافقات 2 / 375 - 378، المغني لابن قدامة 9 / 48، 49، 10 / 280، 281، وقواعد الأحكام 1 / 168 - 176.