الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذِرَاعًا، وَحَرِيمُ بِئْرِ الزَّرْعِ ثَلَثُمِائَةِ ذِرَاعٍ "، وَلأَِنَّ الْحَاجَةَ إِِلَى الْبِئْرِ لَا تَنْحَصِرُ فِي تَرْقِيَةِ الْمَاءِ، فَإِِنَّهُ يُحْتَاجُ إِِلَى مَا حَوْلَهَا عَطَنًا لإِِِبِلِهِ، وَمَوْقِفًا لِدَوَابِّهِ وَغَنَمِهِ، وَمَوْضِعًا يَجْعَل فِيهِ أَحْوَاضًا يَسْقِي مِنْهَا مَاشِيَتَهُ، وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ، فَلَا يَخْتَصُّ الْحَرِيمُ بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِتَرْقِيَةِ الْمَاءِ فَقَطْ.
وَقَال الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَأَبُو الْخَطَّابِ: لَيْسَ هَذَا عَلَى طَرِيقُ التَّحْدِيدِ، بَل حَرِيمُهَا فِي الْحَقِيقَةِ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي تَرْقِيَةِ مَائِهَا مِنْهَا فَإِِنْ كَانَ بِدُولَابٍ فَقَدْرُ مَدِّ الثَّوْرِ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِِنْ كَانَ بِسَاقِيَّةٍ فَبِقَدْرِ طُول الْبِئْرِ، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: حَرِيمُ الْبِئْرِ قَدْرُ رِشَائِهَا (1) . وَلأَِنَّهُ الْمَكَانُ الَّذِي تَمْشِي إِلَيْهِ الْبَهِيمَةُ. وَإِِنْ كَانَ يَسْتَقِي مِنْهَا بِيَدِهِ فَبِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْوَاقِفُ عِنْدَهَا (2) . وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ (إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ) فِقْرَةُ 18.
ب -
حَرِيمُ الْعَيْنِ:
7 -
صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ بِأَنَّ حَرِيمَ الْعَيْنِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ كُل جَانِبٍ، لِقَوْل الزُّهْرِيِّ: حَرِيمُ الْعَيْنِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ كُل
(1) حديث: " حريم البئر قدر رشائها " أخرجه ابن ماجه (2 / 831 - ط الحلبي) ونقل المناوي في الفيض (3 / 382 - ط المكتبة التجارية) عن الذهبي أنه قال: " فيه منصور بن صقير، وفيه لين ".
(2)
الحطاب 6 / 3 ط دار الفكر، والمغني 5 / 593، 594.
نَاحِيَةٍ. فَيَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنَ الْحَفْرِ فِيهِ، وَلَهُ تَضْمِينُ الْمُعْتَدِي، أَوْ رَدْمُ الْحُفْرَةِ.
وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: حَرِيمُ الْعَيْنِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ (1) .
وَلأَِنَّ الْعَيْنَ تُسْتَخْرَجُ لِلزِّرَاعَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَوْضِعٍ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ، وَمِنْ مَوْضِعٍ يَجْرِي إِلَيْهِ وَمِنْهُ إِِلَى الْمَزْرَعَةِ، فَقَدَّرَهُ الشَّارِعُ بِخَمْسِمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَلَا مَدْخَل لِلرَّأْيِ فِي الْمَقَادِيرِ فَاقْتُصِرَ عَلَيْهِ.
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: هُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَيْهِ صَاحِبُهَا لِلاِنْتِفَاعِ بِهَا، وَلَوْ عَلَى أَلْفِ ذِرَاعٍ (2) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ لَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ مُقَدَّرٌ، وَالْمَرْجِعُ فِيهِ إِِلَى الْعُرْفِ (3) .
ج -
حَرِيمُ الْقَنَاةِ:
8 -
اخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي حَرِيمِ الْقَنَاةِ عَلَى أَقْوَالٍ:
فَقِيل: يَكُونُ حَرِيمُهَا بِقَدْرِ مَا يُصْلِحُهَا لإِِِلْقَاءِ الطِّينِ وَنَحْوِهِ.
وَقِيل: إِنَّ لَهَا حَرِيمًا مُفَوَّضًا إِِلَى رَأْيِ الإِِْمَامِ، لأَِنَّهُ لَا نَصَّ فِي الشَّرْعِ.
(1) حديث: " حريم العين خمسمائة ذراع. . . " تقدم تخريجه (ف 6) .
(2)
تبيين الحقائق 6 / 36، 37، وابن عابدين 5 / 279، 280، والبدائع 6 / 195، والمغني 5 / 593، وكشاف القناع 4 / 192.
(3)
رحمة الأمة في اختلاف الأئمة / 182.