الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَضَاءِ، وَتَلِيهَا وِلَايَةُ الْحِسْبَةِ (1) .
وَالْحِسْبَةُ مِنَ الْخُطَطِ الدِّينِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ كَالصَّلَاةِ وَالْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ وَالْجِهَادِ، وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْوِلَايَاتِ الشَّرْعِيَّةَ فِي عِشْرِينَ وِلَايَةً، أَعْلَاهَا الْخِلَافَةُ الْعَامَّةُ، وَالْبَقِيَّةُ كُلُّهَا مُنْدَرِجَةٌ تَحْتَهَا، وَهِيَ الأَْصْل الْجَامِعُ لَهَا، وَكُلُّهَا مُتَفَرِّعَةٌ عَنْهَا، وَدَاخِلَةٌ فِيهَا، لِعُمُومِ نَظَرِ الإِِْمَامِ فِي سَائِرِ أَحْوَال الأُْمَّةِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ، وَتَنْفِيذُ أَحْكَامِ الشَّرْعِ فِيهَا عَلَى الْعُمُومِ، وَقَدْ عُنِيَ الأَْئِمَّةُ بِوِلَايَةِ الْحِسْبَةِ عِنَايَةً كَبِيرَةً، وَوَضَعُوا فِيهَا الْمُؤَلَّفَاتِ مُفَصِّلِينَ أَحْكَامَهَا وَمَرَاتِبَهَا، وَأَرْكَانَهَا، وَشَرَائِطَهَا، وَتَأْصِيل مَسَائِلِهَا، وَوَضْعِ الْقَوَاعِدِ فِي مُهِمَّاتِهَا (2) .
أَنْوَاعُ الْحِسْبَةِ:
9 -
وِلَايَةُ الْحِسْبَةِ نَوْعَانِ:
وِلَايَةٌ أَصْلِيَّةٌ مُسْتَحْدَثَةٌ مِنَ الشَّارِعِ، وَهِيَ الْوِلَايَةُ الَّتِي اقْتَضَاهَا التَّكْلِيفُ بِهَا لِتَثْبُتَ لِكُل مَنْ طُلِبَتْ مِنْهُ.
وَوِلَايَةٌ مُسْتَمَدَّةٌ وَهِيَ الْوِلَايَةُ الَّتِي يَسْتَمِدُّهَا
(1) الحسبة لابن تيمية 10، 11، والطرق الحكمية 239، والأحكام السلطانية للماوردي 241، 242، والحاوي للفتاوي 1 / 248، وأحكام القرآن لابن العربي 1629 - 1633.
(2)
غياث الأمم في التياث الظلم 146، 176، 177، ومقدمة ابن خلدون 2 / 565، وأحكام القرآن لابن العربي 4 / 1629 - 1633.
مَنْ عُهِدَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْخَلِيفَةِ أَوِ الأَْمِيرُ وَهُوَ الْمُحْتَسِبُ، وَعَلَى ذَلِكَ فَإِِنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ الْوِلَايَتَيْنِ، لأَِنَّهُ مُكَلَّفٌ بِهَا شَخْصِيًّا مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ وَمُكَلَّفٌ بِهَا كَذَلِكَ مِنْ قِبَل مَنْ لَهُ الأَْمْرُ. أَمَّا غَيْرُهُ مِنَ النَّاسِ فَلَيْسَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ إِلَاّ الْوِلَايَةُ الَّتِي أَضْفَاهَا الشَّارِعُ عَلَيْهِ وَهِيَ الْوِلَايَةُ الأَْصْلِيَّةُ، وَهَذِهِ الْوِلَايَةُ كَمَا تَتَضَمَّنُ الأَْمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ عَلَى وَجْهِ الطَّلَبِ مُبَاشَرَةً تَتَضَمَّنُ كَذَلِكَ الْقِيَامَ بِمَا يُؤَدِّي إِِلَى اجْتِنَابِ الْمُنْكَرِ، لَا عَلَى وَجْهِ الطَّلَبِ بَل عَلَى وَجْهِ الدُّعَاءِ وَالاِسْتِعْدَاءِ، وَذَلِكَ يَكُونُ بِالتَّقَدُّمِ إِِلَى الْقَاضِي بِالدَّعْوَى بِالشَّهَادَةِ لَدَيْهِ، أَوْ بِاسْتِعْدَاءِ الْمُحْتَسِبِ، وَتُسَمَّى الدَّعْوَى لَدَى الْقَاضِي بِطَلَبِ الْحُكْمِ بِإِِزَالَةِ الْمُنْكَرِ دَعْوَى حِسْبَةٍ، وَلَا تَكُونُ إِلَاّ فِيمَا هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ، وَعِنْدَئِذٍ يَكُونُ مُدَّعِيًا بِالْحَقِّ وَشَاهِدًا بِهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ (1) .
وَيُطْلِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَنْ يَقُومُ بِالاِحْتِسَابِ دُونَ انْتِدَابٍ لَهَا مِنَ الإِِْمَامِ أَوْ نَائِبِهِ الْمُتَطَوِّعَ، أَمَّا مَنِ انْتَدَبَهُ الإِِْمَامُ وَعَهِدَ إِلَيْهِ النَّظَرَ فِي أَحْوَال الرَّعِيَّةِ وَالْكَشْفَ عَنْ أُمُورِهِمْ وَمَصَالِحِهِمْ فَهُوَ الْمُحْتَسِبُ (2) .
(1) حاشية رد المحتار 4 / 409، والأشباه والنظائر لابن نجيم 242، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 / 164، 165، والطرق الحكمية 236، 239، ونهاية المحتاج 8 / 289، 290، والمغني لابن قدامة 10 / 280، 281.
(2)
معالم القربة في أحكام الحسبة ص 7.