الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ كَانَتْ حِرْفَتُهُ تُصِيبُ النَّجَاسَةُ بِسَبَبِهَا ثَوْبَهُ، أَوْ بَدَنَهُ كَالْجَزَّارِ وَالْكَنَّاسِ فَإِِنَّهُ يَجْعَل لِنَفْسِهِ ثَوْبًا طَاهِرًا لِلصَّلَاةِ فِيهِ، أَوْ يَجْتَهِدُ فِي إِبْعَادِ ثَوْبِهِ عَنِ النَّجَاسَةِ.
فَإِِنْ تَعَذَّرَ إِعْدَادُ ثَوْبٍ آخَرَ، وَتَعَذَّرَ إِبْعَادُ ثَوْبِهِ عَنِ النَّجَاسَةِ. وَغَلَبَ وُصُول النَّجَاسَةِ لِلثَّوْبِ فَإِِنَّهُ يُصَلِّي فِيهِ، وَيُعْفَى عَنِ النَّجَاسَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ. بِهَذَا صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ.
وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: مَنْ لَمْ يَجِدْ إِلَاّ ثَوْبًا نَجِسًا قَال أَحْمَدُ: يُصَلِّي فِيهِ وَلَا يُصَلِّي عُرْيَانًا وَهُوَ قَوْل الْمُزَنِيِّ. وَقَال الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ: يُصَلِّي عُرْيَانًا وَلَا يُعِيدُ لأَِنَّهَا سُتْرَةٌ نَجِسَةٌ فَلَمْ تَجُزْ لَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا كَمَا لَوْ قَدَرَ عَلَى غَيْرِهَا، وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ كَانَ جَمِيعُ الثَّوْبِ نَجِسًا فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْفِعْلَيْنِ، لأَِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَرْكِ وَاجِبٍ فِي كِلَا الْفِعْلَيْنِ، وَإِِنْ كَانَ صَلَاتُهُ فِي الثَّوْبِ النَّجِسِ أَوْلَى، لأَِنَّهُ بِالصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ النَّجَسِ يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَاجِبٌ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجَهَا (1) .
ثَانِيًا: وَقْتُ الصَّلَاةِ لِلْمُحْتَرِفِ:
5 -
الصَّلَاةُ فِي أَوْقَاتِهَا وَاجِبَةٌ عَلَى كُل مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ. وَصَاحِبُ الْحِرْفَةِ إِذَا كَانَ أَجِيرًا خَاصًّا لِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ فَإِِنَّ الإِِْجَارَةَ لَا تَمْنَعُهُ مِنْ أَدَاءِ الْمَفْرُوضِ عَلَيْهِ مِنَ الصَّلَاةِ وَلَا يَحْتَاجُ لإِِِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ فِي
(1) الاختيار 1 / 46 ومنح الجليل 1 / 38 والمهذب 1 / 67 ومنتهى الإرادات 1 / 145.
ذَلِكَ، وَلَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَجْرِهِ. وَفِي أَدَاءِ السُّنَنِ خِلَافٌ (1) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (إِجَارَةٌ، صَلَاةٌ) .
ثَالِثًا: صِيَامُ أَصْحَابِ الْحِرَفِ:
6 -
صِيَامُ رَمَضَانَ فَرْضٌ عَلَى كُل مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ، وَلَا يُعْفَى مِنْ أَدَاءِ الصِّيَامِ فِي وَقْتِهِ إِلَاّ أَصْحَابَ الأَْعْذَارِ الْمُرَخَّصَ لَهُمْ فِي الْفِطْرِ كَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ.
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لأَِصْحَابِ الْحِرَفِ فَمُفَادُ نُصُوصِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ إِنْ كَانَ هُنَاكَ حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ لِعَمَلِهِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، أَوْ خَشِيَ تَلَفَ الْمَال إِنْ لَمْ يُعَالِجْهُ، أَوْ سَرِقَةَ الزَّرْعِ إِنْ لَمْ يُبَادِرْ لِحَصَادِهِ، فَلَهُ أَنْ يَعْمَل مَعَ الصَّوْمِ وَلَوْ أَدَّاهُ الْعَمَل إِِلَى الْفِطْرِ حِينَ يَخَافُ الْجَهْدَ.
وَلَيْسَ عَلَيْهِ تَرْكُ الْعَمَل لِيَقْدِرَ عَلَى إِتْمَامِ الصَّوْمِ، وَإِِذَا أَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ.
وَفِيمَا يَلِي بَعْضُ النُّصُوصِ فِي ذَلِكَ:
فَقَدْ نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنْ الْفَتَاوَى: سُئِل عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ الْمُحْتَرِفِ إِذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوِ اشْتَغَل بِحِرْفَتِهِ يَلْحَقُهُ مَرَضٌ يُبِيحُ الْفِطْرَ وَهُوَ مُحْتَاجٌ لِلنَّفَقَةِ هَل يُبَاحُ لَهُ الأَْكْل قَبْل أَنْ يَمْرَضَ فَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ أَشَدَّ الْمَنْعِ، وَهَكَذَا حَكَاهُ عَنْ
(1) المجلة مادة / 495 وابن عابدين 5 / 70 ونهاية المحتاج 5 / 279 وكشاف القناع 4 / 2 - 25.