الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَال وَلَمْ يَقْتُل عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَبِهِ قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الإِِْمَامَ مُخَيَّرٌ فِي عِقَابِهِ بِأَيَّةِ عُقُوبَةٍ جَاءَتْ بِهَا آيَةُ الْمُحَارَبَةِ مَا عَدَا النَّفْيَ، فَلَا تَخْيِيرَ فِيهِ (1) ، وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي (حِرَابَةٌ) .
هـ -
الْقَتْل وَالصُّلْبُ:
34 -
إِِذَا قَتَل الْمُحَارِبُ وَأَخَذَ الْمَال فَإِِنَّهُ يُقْتَل وَيُصْلَبُ، قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ عَلَى هَذَا كُل مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ، وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ، وَبِهِ قَال سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى الزُّهْرِيُّ.
وَإِِذَا قَتَل وَلَمْ يَأْخُذِ الْمَال فَإِِنَّهُ يُقْتَل وَلَا يُصْلَبُ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ يُصْلَبُ، لأَِنَّهُ مُحَارِبٌ يَجِبُ قَتْلُهُ، فَيُصْلَبُ كَاَلَّذِي أَخَذَ الْمَال (2) . وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي (تَصْلِيبٌ) .
وَالْقَتْل كَذَلِكَ عُقُوبَةٌ حَدِّيَّةٌ لِلرِّدَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُل. وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُل عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ بَدَّل دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ (3) رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، وَبِهِ قَال الْحَسَنُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَمَكْحُولٌ،
(1) البدائع 7 / 93، والقوانين الفقهية / 355، وبداية المجتهد 2 / 455، وروضة الطالبين 10 / 156، والمغني 8 / 288، 293، 294.
(2)
المراجع السابقة.
(3)
حديث: " من بدل دينه فاقتلوه " أخرجه البخاري (الفتح 12 / 267 - ط السلفية) من حديث عبد الله بن عباس.
وَحَمَّادٌ، وَاللَّيْثُ، وَالأَْوْزَاعِيُّ وَإِِسْحَاقُ.
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُقْتَل بِالرِّدَّةِ، بَل تُجْبَرُ عَلَى الإِِْسْلَامِ بِالْحَبْسِ وَالضَّرْبِ، لأَِنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ قَتْل الْمَرْأَةِ الْكَافِرَةِ (1) .
وَلأَِنَّهَا لَا تُقْتَل بِالْكُفْرِ الأَْصْلِيِّ، فَلَا تُقْتَل بِالطَّارِئِ كَالصَّبِيِّ (2) .
وَفِي قَتْل الْبُغَاةِ، وَهُمُ الْمُحَارِبُونَ عَلَى التَّأْوِيل خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ:(بَغْيٌ (3)) .
شُرُوطُ وُجُوبِ الْحَدِّ:
35 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ إِِلَاّ عَلَى مُكَلَّفٍ، وَهُوَ الْعَاقِل الْبَالِغُ، لأَِنَّهُ إِِذَا سَقَطَ التَّكْلِيفُ عَنْ غَيْرِ الْعَاقِل الْبَالِغِ فِي الْعِبَادَاتِ، وَسَقَطَ الإِِْثْمُ عَنْهُ فِي الْمَعَاصِي، فَالْحَدُّ الْمَبْنِيُّ عَلَى الدَّرْءِ بِالشُّبُهَاتِ أَوْلَى.
وَأَمَّا الإِِْسْلَامُ فَالأَْصْل عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْحُدُودَ تُقَامُ عَلَى الذِّمِّيِّينَ وَلَا تُقَامُ عَلَى
(1) حديث: " نهى عن قتل المرأة الكافرة ". من ذلك ما ورد في حديث عبد الله بن عمر: وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان. أخرجه البخاري (الفتح 12 / 148 - ط السلفية) .
(2)
البدائع 7 / 135، وبداية المجتهد 2 / 459، ومواهب الجليل 6 / 281، ونهاية المحتاج 7 / 299، وروضة الطالبين 10 / 75.
(3)
بداية المجتهد 2 / 458.
مُسْتَأْمَنٍ، إِِلَاّ حَدُّ الْقَذْفِ فَيُقَامُ عَلَيْهِ بِاتِّفَاقِ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ. وَلَا يُقَامُ عَلَى الْكَافِرِ حَدُّ الشُّرْبِ عِنْدَهُمْ.
وَفِي حَدِّ الزِّنَى تَفْصِيلٌ: قَال أَبُو حَنِيفَةَ: إِِذَا زَنَى الْحَرْبِيُّ (الْمُسْتَأْمَنُ) بِذِمِّيَّةٍ تُحَدُّ الذِّمِّيَّةُ وَلَا يُحَدُّ الْحَرْبِيُّ. وَإِِذَا زَنَى ذِمِّيٌّ بِمُسْتَأْمَنَةٍ يُحَدُّ الذِّمِّيُّ وَلَا تُحَدُّ الْمُسْتَأْمَنَةُ.
وَقَال أَبُو يُوسُفَ كِلَاهُمَا يُحَدَّانِ.
وَقَال مُحَمَّدٌ فِي الصُّورَةِ الأُْولَى: لَا تُحَدُّ الذِّمِّيَّةُ أَيْضًا لأَِنَّ الْمَرْأَةَ تَابِعَةٌ لِلرَّجُل فَامْتِنَاعُ الْحَدِّ فِي حَقِّ الأَْصْل يُوجِبُ امْتِنَاعَهُ فِي حَقِّ الْفَرْعِ (1) .
وَتَفْصِيل كُل حَدٍّ فِي مُصْطَلَحِهِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِِلَى أَنَّ الْكَافِرَ يُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ وَالْقَتْل وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِإِِسْلَامِهِ.
أَمَّا حَدُّ الزِّنَى فَإِِنَّهُ يُؤَدَّبُ فِيهِ فَقَطْ وَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ إِِلَاّ إِِذَا اغْتَصَبَ امْرَأَةً مُسْلِمَةً فَإِِنَّهُ يُقْتَل لِنَقْضِهِ الْعَهْدَ. وَكَذَلِكَ لَوِ ارْتَكَبَ جَرِيمَةَ اللِّوَاطِ فَإِِنَّهُ يُرْجَمُ. وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ (2) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُسْتَوْفَى مِنَ الذِّمِّيِّ مَا ثَبَتَ وَلَوْ حَدَّ زِنًى أَوْ قَطْعَ سَرِقَةٍ، وَلَا يُحَدُّ بِشُرْبِ خَمْرٍ لِقُوَّةِ أَدِلَّةِ حِلِّهِ فِي عَقِيدَتِهِمْ. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي إِِحْصَانِ الرَّجْمِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا.
(1) ابن عابدين 3 / 155، وحاشية الطحطاوي 2 / 396، والبدائع 7 / 39، 40.
(2)
الدسوقي 4 / 314، 321، والمواق 6 / 294، والفواكه الدواني 2 / 284، والقوانين الفقهية / 346.
وَلَا يُقَامُ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِ حَدُّ الزِّنَى عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.
وَيُحَدُّ الْكَافِرُ حَدَّ الْقَذْفِ ذِمِّيًّا كَانَ أَوْ مُعَاهَدًا (1) .
وَتَفْصِيل كُل حَدٍّ فِي مُصْطَلَحِهِ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِِذَا رُفِعَ إِِلَى الْحَاكِمِ مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ مَنْ فَعَل مُحَرَّمًا يُوجِبُ عُقُوبَةً مِمَّا هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِمْ فِي دِينِهِمْ كَالزِّنَى وَالسَّرِقَةِ وَالْقَذْفِ وَالْقَتْل فَعَلَيْهِ إِِقَامَةُ حَدِّهِ عَلَيْهِ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِيَهُودِيَّيْنِ فَجَرَا بَعْدَ إِِحْصَانِهِمَا فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا (2) .
وَإِِنْ كَانَ يَعْتَقِدُ إِِبَاحَتَهُ كَشُرْبِ خَمْرٍ لَمْ يُحَدَّ، وَإِِنْ تَحَاكَمَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ وَجَبَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ بِغَيْرِ خِلَافٍ. وَيُقْطَعُ الذِّمِّيُّ بِالسَّرِقَةِ. وَكَذَلِكَ الْمُسْتَأْمَنُ. وَقَال ابْنُ حَامِدٍ: لَا يُقْطَعُ الْمُسْتَأْمَنُ.
وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَامُ حَدُّ الزِّنَى عَلَى الْمُسْتَأْمَنِ.
وَدَلِيل وُجُوبِ الْقَطْعِ أَنَّهُ حَدٌّ يُطَالَبُ بِهِ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ كَحَدِّ الْقَذْفِ (3) .
وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ إِِلَاّ عَلَى مَنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ، وَبِهَذَا قَال عَامَّةُ أَهْل الْعِلْمِ، لِقَوْل عُمَرَ وَعُثْمَانَ
(1) قليوبي 3 / 256، و 4 / 180، والمهذب 2 / 269، ومغني المحتاج 3 / 256، و 4 / 147.
(2)
حديث ابن عمر: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيهوديين. أخرجه البخاري (الفتح 12 / 128 - ط السلفية) .
(3)
المغني 8 / 214، 268.