الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَدَاوَةٍ، أَوْ سَبَبٍ آخَرَ مِنْ سَائِرِ الأَْسْبَابِ.
السَّبَبُ الْخَامِسُ:
الْخَوْفُ مِنْ فَوْتِ الْمَقَاصِدِ وَذَلِكَ يَخْتَصُّ بِمُتَزَاحِمَيْنِ عَلَى مَقْصُودٍ وَاحِدٍ، فَإِِنَّ كُل وَاحِدٍ يَحْسُدُ صَاحِبَهُ فِي كُل نِعْمَةٍ تَكُونُ عَوْنًا لَهُ فِي الاِنْفِرَادِ بِمَقْصُودِهِ، وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ تَحَاسُدُ الضَّرَائِرِ فِي التَّزَاحُمِ عَلَى مَقَاصِدِ الزَّوْجِيَّةِ، وَتَحَاسُدُ الإِِْخْوَةِ فِي التَّزَاحُمِ عَلَى نَيْل الْمَنْزِلَةِ فِي قَلْبِ الأَْبَوَيْنِ.
السَّبَبُ السَّادِسُ:
حُبُّ الرِّئَاسَةِ وَطَلَبُ الْجَاهِ لِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَصُّلٍ بِهِ إِِلَى مَقْصُودٍ، وَذَلِكَ كَالرَّجُل الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ عَدِيمَ النَّظِيرِ فِي فَنٍّ مِنَ الْفُنُونِ إِذَا غَلَبَ عَلَيْهِ حُبُّ الثَّنَاءِ وَاسْتَفَزَّهُ الْفَرَحُ بِمَا يُمْدَحُ بِهِ، فَإِِنَّهُ لَوْ سَمِعَ بِنَظِيرٍ لَهُ فِي أَقْصَى الْعَالَمِ لَسَاءَهُ ذَلِكَ، وَأَحَبَّ مَوْتَهُ، أَوْ زَوَال النِّعْمَةِ عَنْهُ.
السَّبَبُ السَّابِعُ:
خُبْثُ النَّفْسِ وَشُحُّهَا بِالْخَيْرِ لِعِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِِنَّك تَجِدُ مَنْ لَا يَشْتَغِل بِرِيَاسَةٍ وَتَكَبُّرٍ وَلَا طَلَبِ مَالٍ، إِذَا وُصِفَ عِنْدَهُ حُسْنُ حَال عَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ يَشُقُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَإِِذَا وُصِفَ لَهُ اضْطِرَابُ أُمُورِ النَّاسِ، وَإِِدْبَارُهُمْ، وَفَوَاتُ مَقَاصِدِهِمْ، وَتَنَغُّصُ عَيْشِهِمْ فَرِحَ بِهِ، فَهُوَ أَبَدًا يُحِبُّ الإِِْدْبَارَ لِغَيْرِهِ، وَيَبْخَل بِنِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ كَأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ ذَلِكَ مِنْ مِلْكِهِ وَخَزَائِنِهِ (1) .
(1) إحياء علوم الدين 3 / 188 - 190 ط الحلبي.
أَقْسَامُ الْحَسَدِ:
8 -
ذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ الْحَسَدَ قِسْمَانِ:
أَحَدُهُمَا حَقِيقِيٌّ: وَهُوَ أَنْ يَتَمَنَّى زَوَال النِّعْمَةِ عَنْ صَاحِبِهَا.
وَالثَّانِي مَجَازِيٌّ: وَهُوَ أَنْ يَتَمَنَّى مِثْل النِّعْمَةِ الَّتِي عِنْدَ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ زَوَالِهَا عَنْ صَاحِبِهَا وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْغِبْطَةِ (1) .
مَرَاتِبُ الْحَسَدِ:
9 -
مَرَاتِبُ الْحَسَدِ أَرْبَعَةٌ:
الأُْولَى:
أَنْ يُحِبَّ الْحَاسِدُ زَوَال النِّعْمَةِ عَنِ الْمَحْسُودِ، وَإِِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَنْتَقِل إِلَيْهِ، وَهَذَا غَايَةُ الْخُبْثِ.
الثَّانِيَةُ:
أَنْ يُحِبَّ زَوَال النِّعْمَةِ عَنِ الْمَحْسُودِ إِلَيْهِ لِرَغْبَتِهِ فِي تِلْكَ النِّعْمَةِ، مِثْل رَغْبَتِهِ فِي دَارٍ حَسَنَةٍ، أَوِ امْرَأَةٍ جَمِيلَةٍ، أَوْ وِلَايَةٍ نَافِذَةٍ، أَوْ سَعَةٍ نَالَهَا غَيْرُهُ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ تَكُونَ لَهُ وَمَطْلُوبُهُ تِلْكَ النِّعْمَةُ لَا زَوَالُهَا عَنْهُ، وَمَكْرُوهُهُ فَقْدُ النِّعْمَةِ لَا تَنَعُّمُ غَيْرِهِ بِهَا.
الثَّالِثَةُ:
أَنْ لَا يَشْتَهِيَ الْحَاسِدُ عَيْنَ النِّعْمَةِ لِنَفْسِهِ بَل يَشْتَهِي مِثْلَهَا، فَإِِنْ عَجَزَ عَنْ مِثْلِهَا أَحَبَّ زَوَالَهَا كَيْ لَا يَظْهَرَ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا.
الرَّابِعَةُ:
الْغِبْطَةُ، وَهِيَ أَنْ يَشْتَهِيَ لِنَفْسِهِ مِثْل
(1) صحيح مسلم بشرح النووي 6 / 97 ط المصرية.