الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَقَّنَهُ الرُّجُوعَ (1) ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَمِلاً لِلسُّقُوطِ بِالرُّجُوعِ مَا كَانَ لِلتَّلْقِينِ فَائِدَةٌ. وَلأَِنَّهُ يُورِثُ الشُّبْهَةَ، وَالرُّجُوعُ عَنِ الإِِْقْرَارِ قَدْ يَكُونُ نَصًّا، وَقَدْ يَكُونُ دَلَالَةً، بِأَنْ يَأْخُذَ النَّاسُ فِي رَجْمِهِ، فَيَهْرُبَ وَلَا يَرْجِعُ، أَوْ يَأْخُذَ الْجَلَاّدُ فِي الْجَلْدِ فَيَهْرُبَ، وَلَا يَرْجِعُ، فَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ، لأَِنَّ الْهَرَبَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ دَلَالَةُ الرُّجُوعِ.
وَاسْتَثْنَوْا حَدَّ الْقَذْفِ، فَإِِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ، لأَِنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ، وَهُوَ لَا يَحْتَمِل السُّقُوطَ بِالرُّجُوعِ بَعْدَمَا ثَبَتَ كَالْقِصَاصِ.
وَإِِذَا ثَبَتَ الْحَدُّ بِالْبَيِّنَةِ أَوِ الْحَمْل فِي الزِّنَى - عِنْدَ مَنْ يَقُول بِهِ - لَمْ يَسْقُطْ بِالرُّجُوعِ (2) .
وَيَسْقُطُ الْحَدُّ بِرُجُوعِ الشُّهُودِ كُلِّهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ إِِذَا كَانَ الْبَاقِي أَقَل مِنَ النِّصَابِ بَعْدَ الْقَضَاءِ، قَبْل الإِِْمْضَاءِ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي " كِتَابُ الشَّهَادَاتِ " مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ.
سُقُوطُ الْحُدُودِ بِمَوْتِ الشُّهُودِ:
15 -
يَسْقُطُ حَدُّ الرَّجْمِ خَاصَّةً بِمَوْتِ الشُّهُودِ -
(1) حديث ماعز. أخرجه مسلم (3 / 1319 - ط الحلبي) من حديث جابر بن سمرة.
(2)
ابن عابدين 3 / 140، والبدائع 7 / 61، 62، والتاج والإكليل على مواهب الجليل 6 / 294، والشرح الصغير 4 / 453، 454، والقوانين الفقهية ص 349، وروضة الطالبين 10 / 97، 98، والمنثور في القواعد 2 / 40، والمغني 8 / 197، 198.
عِنْدَ مَنْ يَشْتَرِطُونَ لإِِِقَامَةِ الْحَدِّ الْبِدَايَةَ بِالشُّهُودِ وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ - لأَِنَّ بِالْمَوْتِ قَدْ فَاتَتِ الْبِدَايَةُ عَلَى وَجْهٍ لَا يُتَصَوَّرُ عَوْدُهُ، فَسَقَطَ الْحَدُّ ضَرُورَةً (1) .
سُقُوطُ الْحُدُودِ بِالتَّكْذِيبِ وَغَيْرِهِ:
16 -
تَكْذِيبُ الْمَزْنِيِّ بِهَا لِلْمُقِرِّ بِالزِّنَى قَبْل إِِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ، وَتَكْذِيبُ الْمَقْذُوفِ شُهُودَهُ عَلَى الْقَذْفِ، وَهِيَ الْبَيِّنَةُ بِأَنْ يَقُول: شُهُودِي زُورٌ، وَادِّعَاءُ النِّكَاحِ وَالْمَهْرِ قَبْل إِِقَامَةِ حَدِّ الزِّنَى تُعْتَبَرُ مِنْ مُسْقِطَاتِ الْحُدُودِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَدْ فُصِّلَتْ فِي أَبْوَابِهَا (2) . وَ (ر: زِنًى، قَذْفٌ) .
عَدَمُ إِِرْثِ الْحُدُودِ:
17 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْحُدُودَ لَا تُورَثُ، وَكَذَا لَا يُؤْخَذُ عَنْهَا عِوَضٌ، وَلَا صُلْحَ فِيهَا وَلَا عَفْوَ، لأَِنَّهَا حَقُّ الشَّرْعِ.
وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ حَدَّ الْقَذْفِ، لأَِنَّ الْغَالِبَ فِيهِ عِنْدَهُمْ حَقُّ الْعَبْدِ فَيُورَثُ وَيَصِحُّ الْعَفْوُ عَنْهُ.
وَالْحَنَابِلَةُ مَعَ الشَّافِعِيَّةِ فِي جَوَازِ الْعَفْوِ عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ.
وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ: فَقَال فِي رِوَايَةٍ: لَهُ الْعَفْوُ مَا لَمْ يَبْلُغِ الإِِْمَامَ، فَإِِنْ بَلَغَهُ فَلَا عَفْوَ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ: قَال: لَهُ
(1) البدائع 7 / 61، 62، وابن عابدين 3 / 145.
(2)
البدائع 7 / 61.