الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقِسْمُ الثَّانِي مَا تَعَلَّقَ بِحُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ:
25 -
الْمَعْرُوفُ الْمُتَعَلِّقُ بِحُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ ضَرْبَانِ: عَامٌّ وَخَاصٌّ.
فَأَمَّا الْعَامُّ فَكَالْبَلَدِ إِذَا تَعَطَّل شِرْبُهُ، أَوِ اسْتُهْدِمَ سُورُهُ، أَوْ كَانَ يَطْرُقُهُ بَنُو السَّبِيل مِنْ ذَوِي الْحَاجَاتِ فَكَفُّوا عَنْ مَعُونَتِهِمْ، نَظَرَ الْمُحْتَسِبُ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَى حَسَبِ مَا يَجِبُ، لأَِنَّ هَذَا حَقٌّ مَصْرُوفٌ إِِلَى سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَهُوَ فِي بَيْتِ الْمَال، فَإِِنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَال مَالٌ لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِمْ فِيهِ ضَرَرٌ أَمَرَ بِإِِصْلَاحِ شِرْبِهِمْ، وَبِنَاءِ سُورِهِمْ وَبِمَعُونَةِ بَنِي السَّبِيل فِي الاِجْتِيَازِ بِهِمْ، لأَِنَّهَا حُقُوقٌ تَلْزَمُ بَيْتَ الْمَال دُونَهُمْ، وَكَذَلِكَ لَوِ اسْتُهْدِمَتْ مَسَاجِدُهُمْ وَجَوَامِعُهُمْ، فَأَمَّا إِذَا أُعْوِزَ بَيْتُ الْمَال كَانَ الأَْمْرُ بِبِنَاءِ سُورِهِمْ، وَإِِصْلَاحِ شِرْبِهِمْ، وَعِمَارَةِ مَسَاجِدِهِمْ وَجَوَامِعِهِمْ، وَمُرَاعَاةِ بَنِي السَّبِيل فِيهِمْ مُتَوَجِّهًا إِِلَى كَافَّةِ ذَوِي الْمُكْنَةِ مِنْهُمْ، وَلَا يَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمْ فِي الأَْمْرِ بِهِ، فَإِِنْ شَرَعَ ذَوُو الْمُكْنَةِ فِي عَمَلِهِمْ وَفِي مُرَاعَاةِ بَنِي السَّبِيل، وَبَاشَرُوا الْقِيَامَ بِهِ، سَقَطَ عَنِ الْمُحْتَسِبِ حَقُّ الأَْمْرِ بِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُمُ الاِسْتِئْذَانُ فِي مُرَاعَاةِ بَنِي السَّبِيل، وَلَا فِي بِنَاءِ مَا كَانَ مَهْدُومًا، وَلَكِنْ لَوْ أَرَادُوا هَدْمَ مَا يُرِيدُونَ بِنَاءَهُ مِنَ الْمُسْتَرَمِّ وَالْمُسْتَهْدَمِ لَمْ يَكُنْ لَهُمُ الإِِْقْدَامُ عَلَى هَدْمِهِ إِلَاّ بِاسْتِئْذَانِ وَلِيِّ الأَْمْرِ دُونَ الْمُحْتَسِبِ، لِيَأْذَنَ لَهُمْ فِي هَدْمِهِ بَعْدَ تَضْمِينِهِمُ الْقِيَامَ بِعِمَارَتِهِ، هَذَا فِي السُّورِ
وَالْجَوَامِعِ، وَأَمَّا الْمَسَاجِدُ الْمُخْتَصَرَةُ فَلَا يَسْتَأْذِنُونَ فِيهَا.
وَعَلَى الْمُحْتَسِبِ أَنْ يَأْخُذَهُمْ بِبِنَاءِ مَا هَدَمُوهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُمْ بِإِِتْمَامِ مَا اسْتَأْنَفُوهُ. فَأَمَّا إِذَا كَفَّ ذَوُو الْمُكْنَةِ عَنْ بِنَاءِ مَا اسْتُهْدِمَ وَعِمَارَةِ مَا اسْتَرَمَّ، فَإِِنْ كَانَ الْمُقَامُ فِي الْبَلَدِ مُمْكِنًا وَكَانَ الشِّرْبُ، وَإِِنْ فَسَدَ أَوْ قَل مُقْنِعًا تَرَكَهُمْ وَإِِيَّاهُ، وَإِِنْ تَعَذَّرَ الْمُقَامُ فِيهِ لِتَعَطُّل شِرْبِهِ وَانْدِحَاضِ سُورِهِ نَظَرَ، فَإِِنْ كَانَ الْبَلَدُ ثَغْرًا يَضُرُّ بِدَارِ الإِِْسْلَامِ تَعْطِيلُهُ لَمْ يَجُزْ لِوَلِيِّ الأَْمْرِ أَنْ يُفْسِحَ فِي الاِنْتِقَال عَنْهُ، وَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ النَّوَازِل إِذَا حَدَثَتْ فِي قِيَامِ كَافَّةِ ذَوِي الْمُكْنَةِ بِهِ، وَكَانَ تَأْثِيرُ الْمُحْتَسِبِ فِي مِثْل هَذَا إِعْلَامُ السُّلْطَانِ وَتَرْغِيبُ أَهْل الْمُكْنَةِ فِي عَمَلِهِ، وَإِِنْ لَمْ يَكُنِ الْبَلَدُ ثَغْرًا مُضِرًّا بِدَارِ الإِِْسْلَامِ كَانَ أَمْرُهُ أَيْسَر وَحُكْمُهُ أَخَفَّ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَأْخُذَ أَهْلَهُ جَبْرًا بِعِمَارَتِهِ، لأَِنَّ السُّلْطَانَ أَحَقُّ أَنْ يَقُومَ بِعِمَارَتِهِ، وَإِِنْ أَعْوَزَهُ الْمَال فَيَقُول لَهُمُ الْمُحْتَسِبُ مَا دَامَ عَجَزَ السُّلْطَانُ عَنْهُ: أَنْتُمْ مُخَيَّرُونَ بَيْنَ الاِنْتِقَال عَنْهُ أَوِ الْتِزَامِ مَا يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِهِ الَّتِي يُمْكِنُ مَعَهَا دَوَامُ اسْتِيطَانِهِ. فَإِِنْ أَجَابُوا إِِلَى الْتِزَامِ ذَلِكَ كَلَّفَ جَمَاعَتَهُمْ مَا تَسْمَحُ بِهِ نُفُوسُهُمْ مِنْ غَيْرِ إِجْبَارٍ وَيَقُول: لِيُخْرِجْ كُل وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا يَسْهُل عَلَيْهِ وَتَطِيبُ بِهِ نَفْسُهُ، وَمَنْ أَعْوَزَهُ الْمَال أَعَانَ بِالْعَمَل حَتَّى إِذَا اجْتَمَعَتْ كِفَايَةُ الْمَصْلَحَةِ أَوْ تَعَيَّنَ اجْتِمَاعُهَا بِضَمَانِ كُل وَاحِدٍ مِنْ أَهْل الْمُكْنَةِ