الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّهُ يَكُونُ مُحَارِبًا أَوْ لَا (1) .
ب -
التَّكْلِيفُ:
10 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْبُلُوغَ وَالْعَقْل شَرْطَانِ فِي عُقُوبَةِ الْحِرَابَةِ لأَِنَّهُمَا شَرْطَا التَّكْلِيفِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي إِقَامَةِ الْحُدُودِ (2) .
وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ مَنْ اشْتَرَكَ مَعَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِِلَى أَنَّ الْحَدَّ لَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ وَعَلَيْهِمُ الْحَدُّ. وَقَالُوا: لأَِنَّهَا شُبْهَةٌ اخْتُصَّ بِهَا وَاحِدٌ فَلَمْ يَسْقُطِ الْحَدُّ عَنِ الْبَاقِينَ. كَمَا لَوِ اشْتَرَكُوا فِي الزِّنَى بِامْرَأَةٍ.
نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ حَيْثُ نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ شَرِيكَ الصَّبِيِّ يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَحَصَرُوا مُسْقِطَاتِ الْحَدِّ عَلَى قَاطِعِ الطَّرِيقِ فِي تَوْبَتِهِ قَبْل الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرُوا مُسْقِطًا آخَرَ، وَنَصُّوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَمْسَكَ رَجُلٌ هَارِبًا وَقَتَلَهُ صَبِيٌّ يُقْتَل الْمُمْسِكُ عِنْدَهُمْ (3) . وَمُقْتَضَى ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّ شَرِيكَ الصَّبِيِّ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ يُحَدُّ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا كَانَ فِي الْقُطَّاعِ صَبِيٌّ أَوْ
(1) روض الطالب 4 / 154، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 8 / 2.
(2)
المصادر السابقة.
(3)
مغني المحتاج 4 / 8، 21، 183، وشرح الزرقاني 8 / 109، والمغني 8 / 298.
مَجْنُونٌ أَوْ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ أَحَدِ الْمَارَّةِ فَلَا حَدَّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ، بَاشَرَ الْعُقَلَاءُ الْفِعْل أَمْ لَمْ يُبَاشِرُوا، وَقَالُوا: لأَِنَّهَا جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ قَامَتْ بِالْكُل، فَإِِنْ لَمْ يَقَعْ فِعْل بَعْضِهِمْ مُوجِبًا لِلْحَدِّ، كَانَ فِعْل الْبَاقِينَ بَعْضُ الْعِلَّةِ فَلَمْ يَثْبُتْ بِهِ الْحُكْمُ. وَقَال وَأَبُو يُوسُفَ: إِذَا بَاشَرَ الْعُقَلَاءُ الْفِعْل يُحَدُّونَ (1) .
ج -
الذُّكُورَةُ:
11 -
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُحَارِبِ الذُّكُورَةُ.
فَلَوْ اجْتَمَعَ نِسْوَةٌ لَهُنَّ قُوَّةٌ وَمَنَعَةٌ فَهُنَّ قَاطِعَاتُ طَرِيقٍ وَلَا تَأْثِيرَ لِلأُْنُوثَةِ عَلَى الْحِرَابَةِ، فَقَدْ يَكُونُ لِلْمَرْأَةِ مِنَ الْقُوَّةِ وَالتَّدْبِيرِ مَا لِلرَّجُل فَيَجْرِي عَلَيْهَا مَا يَجْرِي عَلَى الرَّجُل مِنْ أَحْكَامِ الْحِرَابَةِ (2) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يُشْتَرَطُ فِي الْمُحَارِبِ الذُّكُورَةُ: فَلَا تُحَدُّ الْمَرْأَةُ وَإِِنْ وَلِيَتِ الْقِتَال وَأَخْذَ الْمَال، لأَِنَّ رُكْنَ الْحِرَابَةِ هُوَ: الْخُرُوجُ عَلَى وَجْهِ الْمُحَارَبَةِ وَالْمُغَالَبَةِ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي النِّسَاءِ عَادَةً لِرِقَّةِ قُلُوبِهِنَّ وَضَعْفِ بِنْيَتِهِنَّ، فَلَا يَكُنَّ مِنْ أَهْل الْحِرَابَةِ.
وَلِهَذَا لَا يُقْتَلْنَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَا يُحَدُّ كَذَلِكَ
(1) ابن عابدين 3 / 214، وبدائع الصنائع 7 / 91.
(2)
روضة الطالبين 10 / 155، والمغني 8 / 298، وشرح الزرقاني 8 / 109.