الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالُوا: إِذَا تَزَوَّجَ الْحُرُّ امْرَأَةً عَلَى أَنْ يَخْدُمَهَا هُوَ سَنَةً مَثَلاً فَهَذِهِ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ فَاسِدَةٌ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ وَوَجَبَ عَلَيْهِ إِمَّا مَهْرُ الْمِثْل فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، أَوْ قِيمَةُ خِدْمَتِهِ الْمُدَّةَ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهَا فِي عَقْدِ الزَّوَاجِ (1) .
كَذَلِكَ اخْتَلَفَ الْمَالِكِيَّةُ فِي جَعْل الصَّدَاقِ خِدْمَتَهُ لَهَا فِي زَرْعٍ أَوْ فِي بِنَاءِ دَارٍ أَوْ تَعْلِيمِهَا فَمَنَعَهُ مَالِكٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ، وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أَصْبَغُ. قَال اللَّخْمِيُّ: وَعَلَى قَوْل مَالِكٍ يُفْسَخُ النِّكَاحُ قَبْل الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْل. وَقَال ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى الْقَوْل بِالْمَنْعِ: النِّكَاحُ صَحِيحٌ قَبْل الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ، وَيَمْضِي بِمَا وَقَعَ بِهِ مِنَ الْمَنَافِعِ لِلاِخْتِلَافِ فِيهِ. وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ (2) .
ثَامِنًا: شَهَادَةُ أَهْل الْحِرَفِ:
13 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى رَدِّ شَهَادَةِ صَاحِبِ الْحِرْفَةِ الْمُحَرَّمَةِ كَالْمُنَجِّمِ وَالْعَرَّافِ، وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْحِرْفَةِ الَّتِي يَكْثُرُ فِيهَا الرِّبَا كَالصَّائِغِ وَالصَّيْرَفِيِّ إِذَا لَمْ يَتَوَقَّيَا ذَلِكَ.
وَاخْتَلَفُوا فِي قَبُول شَهَادَةِ أَصْحَابِ الْحِرَفِ الدَّنِيئَةِ، كَالْحَائِكِ، وَالْحَجَّامِ، وَالزَّبَّال. فَالأَْصَحُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَفِي وَجْهٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ تُقْبَل
(1) المرجعين السابقين.
(2)
الدسوقي 2 / 309.
شَهَادَتُهُمْ، لأَِنَّهُ قَدْ تَوَلَّى هَذِهِ الْحِرَفَ قَوْمٌ صَالِحُونَ فَمَا لَمْ يُعْلَمِ الْقَادِحُ لَا يُبْنَى عَلَى ظَاهِرِ الصِّنَاعَةِ، فَالْعِبْرَةُ لِلْعَدَالَةِ لَا لِلْحِرْفَةِ، فَكَمْ مِنْ دَنِيءِ الصِّنَاعَةِ أَتْقَى مِنْ ذِي مَنْصِبٍ وَوَجَاهَةٍ، وَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالَى:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (1) } .
لَكِنْ يَقُول الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: إِذَا كَانَ مَنْ يَقُومُ بِهَذِهِ الْحِرَفِ مِمَّنْ لَا تَلِيقُ بِهِ، وَرَضِيَهَا اخْتِيَارًا بِأَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا وَلَمْ يَتَوَقَّفْ قُوتُهُ وَقُوتُ عِيَالِهِ عَلَيْهَا لَمْ تُقْبَل شَهَادَتُهُ، لأَِنَّ ذَلِكَ يَدُل عَلَى قِلَّةِ الْمُبَالَاةِ وَعَلَى خَبَلٍ فِي عَقْلِهِ، وَتُقْبَل إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا أَوِ اضْطُرَّ إِلَيْهَا.
وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْوَجْهُ الآْخَرُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لَا تُقْبَل شَهَادَتُهُمْ، لأَِنَّ الْقِيَامَ بِهَذِهِ الْحِرَفِ يُسْقِطُ الْمُرُوءَةَ وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ فِي الْحِرْفَةِ مُبَاشَرَةُ النَّجَاسَةِ (2) .
كَمَا أَنَّ شَهَادَةَ الأَْجِيرِ الْخَاصِّ لِمُسْتَأْجِرِهِ لَا تُقْبَل، لأَِنَّ الْمَنَافِعَ بَيْنَهُمْ مُتَّصِلَةٌ، وَلِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، وَلَا الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ، وَلَا الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا، وَلَا الزَّوْجِ
(1) سورة الحجرات / 13.
(2)
حاشية ابن عابدين 4 / 378، والاختيار 2 / 147، والدسوقي 4 / 166، ومنح الجليل 4 / 220، ونهاية المحتاج 8 / 285، والمهذب 2 / 326، ومغني المحتاج 4 / 432، وكشاف القناع 6 / 424، والمغني 9 / 169 ويجدر التنبه إلى أن اعتبار المهنة دنيئة أو غير دنيئة مرده إلى العرف.