الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِِذَا انْفَرَدُوا فِي مِصْرِهِمْ فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ إِظْهَارِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ فِي الْقُرَى، وَلَوْ كَانَ مِنْ بَيْنِ سُكَّانِهَا مُسْلِمُونَ، لأَِنَّهَا لَيْسَتْ بِمَوْضِعِ إِعْلَامِ الدِّينِ مِنْ إِقَامَةِ الْجُمُعَةِ وَالأَْعْيَادِ وَإِِقَامَةِ الْحُدُودِ وَتَنْفِيذِ الأَْحْكَامِ (1) . وَإِِذَا أَظْهَرُوا شَيْئًا مِنَ الْفِسْقِ فِي قُرَاهُمْ مِمَّا لَمْ يُصَالِحُوا عَلَيْهِ مِثْل الزِّنَى وَإِِتْيَانِ الْفَوَاحِشِ مُنِعُوا مِنْهُ، لأَِنَّ هَذَا لَيْسَ بِدِيَانَةٍ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُ فِسْقٌ فِي الدِّيَانَةِ فَإِِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ حُرْمَةَ ذَلِكَ كَمَا يَعْتَقِدُهُ الْمُسْلِمُونَ (2) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ " أَهْل الذِّمَّةِ ".
الرُّكْنُ الرَّابِعُ: فِي الاِحْتِسَابِ وَمَرَاتِبِهِ:
41 -
الْقِيَامُ بِالْحِسْبَةِ - وَهُوَ الأَْمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ - مِنْ أَعْظَمِ الْوَاجِبَاتِ وَأَهَمِّ الْمُحْتَسَبَاتِ ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً وَامْتَدَحَهُ فِيهِ بِأَسَالِيبَ عَدِيدَةٍ، وَكَانَ حَظُّهُ مَعَ ذَلِكَ مِنَ السُّنَّةِ أَوْفَرَ وَذِكْرُهُ فِيهَا أَكْثَرَ، وَذَلِكَ لِعِظَمِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ مَصَالِحَ، وَمَا يُدْرَأُ بِهِ مِنْ مَفَاسِدَ، وَذَلِكَ أَسَاسُ كُل مَا أَمَرَ بِهِ الدِّينُ، وَحِكْمَةُ كُل مَا نَهَى عَنْهُ.
وَالْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ هُوَ رُجْحَانُ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ عَلَى الآْخَرِ إِذْ لَا يَخْلُو كُل أَمْرٍ وَنَهْيٍ مِنْ مَصْلَحَةٍ يُحَقِّقُهَا وَمَفْسَدَةٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، فَإِِذَا رَجَحَتْ
(1) السير الكبير 4 / 1533، 1534، تحفة الناظر وغنية الذاكر 165، والمهذب 2 / 255، المغني 9 / 353.
(2)
السير الكبير 4 / 1546، 1547، نصاب الاحتساب 123، تحفة الناظر 165، الآداب الشرعية 1 / 212.
الْمَصْلَحَةُ أَمَرَ بِهِ، وَإِِذَا رَجَحَتِ الْمَفْسَدَةُ نَهَى عَنْهُ. كَانَ كُلٌّ مِنَ الأَْمْرِ وَالنَّهْيِ فِي هَذِهِ الْحَال مَشْرُوعًا وَطَاعَةً مَطْلُوبَةً، وَكَانَ تَرْكُهَا، أَوْ وَضْعُ أَحَدِهِمَا مَوْضِعَ الآْخَرِ عِصْيَانًا وَأَمْرًا مُحَرَّمًا مَطْلُوبًا تَرْكُهُ، لأَِنَّ مَغَبَّةَ ذَلِكَ الْفَسَادُ وَاَللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (1) .
مَرَاتِبُ الاِحْتِسَابِ:
ذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي مَرَاتِبِ التَّغْيِيرِ مَا يُمْكِنُ إِيجَازُهُ فِيمَا يَلِي:
42 -
النَّوْعُ الأَْوَّل: التَّنْبِيهُ وَالتَّذْكِيرُ وَذَلِكَ فِيمَنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ يُزِيل فَسَادَ مَا وَقَعَ لِصُدُورِ ذَلِكَ عَلَى غِرَّةٍ وَجَهَالَةٍ، كَمَا يَقَعُ مِنَ الْجَاهِل بِدَقَائِقِ الْفَسَادِ فِي الْبُيُوعِ، وَمُسَالِكِ الرِّبَا الَّتِي يُعْلَمُ خَفَاؤُهَا عَنْهُ، وَكَذَلِكَ مَا يَصْدُرُ مِنْ عَدَمِ الْقِيَامِ بِأَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَشُرُوطِ الْعِبَادَاتِ فَيُنَبَّهُونَ بِطَرِيقِ. التَّلَطُّفِ وَالرِّفْقِ وَالاِسْتِمَالَةِ.
43 -
النَّوْعُ الثَّانِي: الْوَعْظُ وَالتَّخْوِيفُ مِنَ اللَّهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ لِمَنْ عُرِفَ أَنَّهُ قَدِ اقْتَرَفَ الْمُنْكَرَ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَعَاصِي الَّتِي لَا تَخْفَى عَلَى الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ فَيَتَعَاهَدُهُ الْمُحْتَسِبُ بِالْعِظَةِ وَالإِِْخَافَةِ مِنْ رَبِّهِ.
44 -
النَّوْعُ الثَّالِثُ: الزَّجْرُ وَالتَّأْنِيبُ وَالإِِْغْلَاظُ بِالْقَوْل وَالتَّقْرِيعِ بِاللِّسَانِ وَالشِّدَّةِ فِي التَّهْدِيدِ
(1) الحسبة في الإسلام 65 - 66.