الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَهْقَهَةُ فِي الصَّلَاةِ:
15 -
جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَهُمُ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - لَا يَعْتَبِرُونَ الْقَهْقَهَةَ مِنَ الأَْحْدَاثِ مُطْلَقًا، فَلَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِهَا أَصْلاً وَلَا يَجْعَلُونَ فِيهَا وُضُوءًا، لأَِنَّهَا لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَلَا تَنْقُضُهُ دَاخِلَهَا، وَلأَِنَّهَا لَيْسَتْ خَارِجًا نَجِسًا، بَل هِيَ صَوْتٌ كَالْكَلَامِ وَالْبُكَاءِ (1) .
وَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الأَْحْدَاثِ الَّتِي تَنْقُضُ الْوُضُوءَ الْقَهْقَهَةَ فِي الصَّلَاةِ إِذَا حَدَثَتْ مِنْ مُصَلٍّ بَالِغٍ يَقْظَانَ فِي صَلَاةٍ كَامِلَةٍ ذَاتِ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُتَوَضِّئًا أَمْ مُتَيَمِّمًا أَمْ مُغْتَسِلاً فِي الصَّحِيحِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتِ الْقَهْقَهَةُ عَمْدًا أَمْ سَهْوًا، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ ضَحِكَ فِي الصَّلَاةِ قَهْقَهَةً فَلْيُعِدِ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ مَعًا (2) .
وَالْقَهْقَهَةُ مَا يَكُونُ مَسْمُوعًا لِجِيرَانِهِ، وَالضَّحِكُ مَا يَسْمَعُهُ هُوَ دُونَ جِيرَانِهِ، وَالتَّبَسُّمُ مَا لَا صَوْتَ فِيهِ وَلَوْ بَدَتْ أَسْنَانُهُ. قَالُوا: الْقَهْقَهَةُ تَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَتُبْطِل الصَّلَاةَ مَعًا، وَالضَّحِكُ يُبْطِل الصَّلَاةَ خَاصَّةً، وَالتَّبَسُّمُ لَا يُبْطِل شَيْئًا.
وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا يَبْطُل وُضُوءُ صَبِيٍّ وَنَائِمٍ
(1) جواهر الإكليل 1 / 21، وبداية المجتهد 1 / 39، والمغني 1 / 177.
(2)
حديث: " من ضحك في الصلاة قهقهة فليعد الوضوء والصلاة معا " أخرجه ابن عدي في الكامل (3 / 1027 - ط دار الفكر) وابن الجوزي في العلل المتناهية (1 / 368 - ط دار نشر الكتب الإسلامية) من حديث عبد الله بن عمر، وقال ابن الجوزي:" هذا حديث لا يصح ".
بِالْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الأَْصَحِّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، كَمَا لَا يُنْقَضُ وُضُوءُ مَنْ قَهْقَهَ خَارِجَ الصَّلَاةِ، أَوْ مَنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ غَيْرِ كَامِلَةٍ، كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ (1) .
ثُمَّ قِيل: إِنَّ الْقَهْقَهَةَ مِنَ الأَْحْدَاثِ عِنْدَهُمْ، وَقِيل: لَا بَل وَجَبَ الْوُضُوءُ بِهَا عُقُوبَةً وَزَجْرًا، لأَِنَّ الْمَقْصُودَ بِالصَّلَاةِ إِظْهَارُ الْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ وَالتَّعْظِيمِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالْقَهْقَهَةُ تُنَافِي ذَلِكَ فَنَاسَبَ انْتِقَاضَ وُضُوئِهِ زَجْرًا لَهُ.
وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا لَيْسَتْ حَدَثًا وَإِلَاّ لَاسْتَوَى فِيهَا جَمِيعُ الأَْحْوَال مَعَ أَنَّهَا مَخْصُوصَةٌ بِأَنْ تَكُونَ فِي الصَّلَاةِ الْكَامِلَةِ مِنْ مُصَلٍّ بَالِغٍ (2) .
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَرَجَّحَ فِي الْبَحْرِ الْقَوْل الثَّانِيَ لِمُوَافَقَتِهِ الْقِيَاسَ، لأَِنَّهَا لَيْسَتْ خَارِجًا نَجِسًا بَل هِيَ صَوْتٌ كَالْكَلَامِ وَالْبُكَاءِ، وَلِمُوَافَقَتِهِ لِلأَْحَادِيثِ الْمَرْوِيَّةِ فِيهَا، إِذْ لَيْسَ فِيهَا إِلَاّ الأَْمْرُ بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ كَوْنُهَا حَدَثًا.
16 -
وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الْقَوْلَيْنِ تَظْهَرُ فِي جَوَازِ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَكِتَابَةِ الْقُرْآنِ، فَمَنْ جَعَلَهَا حَدَثًا مَنَعَ كَسَائِرِ الأَْحْدَاثِ، وَمَنْ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ عُقُوبَةً وَزَجْرًا جَوَّزَ (3) .
(1) حاشية ابن عابدين مع الدر المختار 1 / 97، 98، ومراقي الفلاح ص 50، 51، والبناية على الهداية 1 / 226، 227، 233.
(2)
المراجع السابقة.
(3)
المراجع السابقة.