الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَغْلِيظُ الدِّيَةِ فِي الْحَرَمِ:
27 -
يَرَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ تَغْلِيظَ الدِّيَةِ عَلَى الْجِنَايَةِ الَّتِي تُرْتَكَبُ فِي الْحَرَمِ، فَقَدْ قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِيمَنْ قَتَل فِي الْحَرَمِ بِالدِّيَةِ وَثُلُثِ الدِّيَةِ. وَقَال بَعْضُهُمْ لَا تُغَلَّظُ الدِّيَةُ فِي الْحَرَمِ (1) .
وَفِي كَيْفِيَّةِ تَغْلِيظِهَا خِلَافٌ، تَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ:(دِيَةٌ) .
هَذَا، وَهُنَاكَ أَحْكَامٌ أُخْرَى بَعْضُهَا يَخْتَصُّ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، كَجَوَازِ قَصْدِهِ بِالزِّيَارَةِ وَشَدِّ الرِّحَال إِلَيْهِ، وَتَقَدُّمِ الإِِْمَامِ عَلَى الْمَأْمُومِ، وَعَدَمِ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِيهِ فِي الأَْوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ، فَصَّلَهَا الزَّرْكَشِيُّ فِي إِعْلَامِ السَّاجِدِ (2) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُهَا أَيْضًا فِي مُصْطَلَحِ: (الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ) .
ثَانِيًا: حَرَمُ الْمَدِينَةِ:
28 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِِلَى أَنَّ الْمَدِينَةَ الْمُنَوَّرَةَ حَرَمٌ، لَهُ حُدُودٌ وَأَحْكَامٌ، تَخْتَلِفُ عَنْ سَائِرِ الْبِقَاعِ، كَمَا تَخْتَلِفُ عَنْ الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ فِي بَعْضِ الأَْحْكَامِ، وَذَلِكَ لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: إِنِّي حَرَّمْتُ
(1) المغني 7 / 772، وسنن البيهقي 8 / 71، وإعلام الساجد ص 167.
(2)
إعلام الساجد للزركشي ص 85، 115 - 129.
الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَإِِنِّي دَعَوْتُ فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا بِمِثْلَيْ مَا دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ لأَِهْل مَكَّةَ (1) وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا يَحِل صَيْدُهَا وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا (2) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا: لَيْسَ لِلْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ حَرَمٌ، وَلَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ أَخْذِ صَيْدِهَا وَشَجَرِهَا. وَإِِنَّمَا أَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِحَدِيثِهِ الْمُتَقَدِّمِ بَقَاءَ زِينَتِهَا، كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَهْدِمُوا الآْطَامَ فَإِِنَّهَا زِينَةُ الْمَدِينَةِ (3) .
وَيَدُل عَلَى حِل صَيْدِهَا حَدِيثُ أَنَسٍ قَال: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنُ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَال لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ، قَال أَحْسَبُهُ فَطِيمًا، وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَال: يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَل النُّغَيْرُ؟ (4) وَنُغَيْرٌ بَالِغِينَ الْمُعْجَمَةِ طَائِرٌ صَغِيرٌ كَانَ يُلْعَبُ بِهِ (5) .
(1) حديث: " إني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم. . . " أخرجه مسلم (2 / 991 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم.
(2)
الشرح الصغير 2 / 1111، ومغني المحتاج 1 / 529، والمغني لابن قدامة 3 / 353 - 355.
(3)
حديث: " لا تهدموا الأطام فإنها زينة المدينة ". أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4 / 194 - ط مطبعة الأنوار المحمدية بمصر) . من حديث عبد الله بن عمر.
(4)
حديث: " يا أبا عمير، ما فعل النغير ". أخرجه البخاري (الفتح 10 / 526 - ط السلفية) من حديث أنس بن مالك.
(5)
حاشية ابن عابدين 2 / 256.