الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شُرُوطًا حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا، وَهَذِهِ الشُّرُوطُ هِيَ:
أَوَّلاً: الإِِْسْلَامُ:
الإِِْسْلَامُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الاِحْتِسَابِ لِمَا فِيهِ مِنَ السَّلْطَنَةِ وَعِزِّ التَّحْكِيمِ، فَخَرَجَ الْكَافِرُ لأَِنَّهُ ذَلِيلٌ لَا يَسْتَحِقُّ عِزَّ التَّحْكِيمِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ قَال تَعَالَى:{وَلَنْ يَجْعَل اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} (1) وَلأَِنَّ فِي الأَْمْرِ وَالنَّهْيِ نُصْرَةً لِلدِّينِ فَلَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِهَا مَنْ هُوَ جَاحِدٌ لأَِصْل الدِّينِ (2) .
الشَّرْطُ الثَّانِي: التَّكْلِيفُ (الْبُلُوغُ وَالْعَقْل) :
12 -
التَّكْلِيفُ طَلَبُ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ وَمَشَقَّةٌ وَشَرْطُهُ الْقُدْرَةُ عَلَى فَهْمِ الْخِطَابِ، وَصَلَاحِيَةِ الْمُكَلَّفِ لِصُدُورِ الْفِعْل مِنْهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ شَرْعًا، وَدِعَامَتُهُ الْعَقْل الَّذِي هُوَ أَدَاةُ الْفَهْمِ، وَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَصْلاً لِلدِّينِ وَلِلدُّنْيَا فَأَوْجَبَ التَّكْلِيفَ بِكَمَالِهِ.
فَالتَّكْلِيفُ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الاِحْتِسَابِ وَتَوَلِّي وِلَايَتِهَا، أَمَّا مُجَرَّدُ الأَْمْرِ وَالنَّهْيِ فَإِِنَّ الصَّبِيَّ غَيْرُ مُخَاطَبٍ وَلَا يَلْزَمُهُ فِعْل ذَلِكَ، أَمَّا إِمْكَانُ الْفِعْل وَجَوَازُهُ فِي حَقِّهِ فَلَا يَسْتَدْعِي إِلَاّ الْعَقْل فَإِِذَا عَقَل الْقُرْبَةَ وَعَرَفَ الْمَنَاكِرَ وَطَرِيقَ التَّغْيِيرِ فَتَبَرَّعَ بِهِ كَانَ
(1) سورة النساء / 141.
(2)
معالم القربة 8، إحياء علوم الدين 2 / 398.
مِنْهُ صَحِيحًا سَائِغًا، فَلَهُ إِنْكَارُ الْمُنْكَرِ، وَلَهُ أَنْ يُرِيقَ الْخَمْرَ، وَكَسْرُ الْمَلَاهِي، وَإِِذَا فَعَل ذَلِكَ نَال بِهِ ثَوَابًا، وَلَمْ يَكُنْ لأَِحَدٍ مَنْعُهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ فَإِِنَّ هَذِهِ قُرْبَةٌ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا كَالصَّلَاةِ وَالإِِْمَامَةِ وَسَائِرِ الْقُرُبَاتِ، وَلَيْسَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْوِلَايَاتِ حَتَّى يُشْتَرَطَ فِيهِ التَّكْلِيفُ، وَلِذَلِكَ جَازَ لآِحَادِ النَّاسِ فِعْلُهُ وَهُوَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ، وَإِِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ وِلَايَةٍ وَسَلْطَنَةٍ، وَلَكِنَّهَا تُسْتَفَادُ بِمُجَرَّدِ الإِِْيمَانِ كَقَتْل الْمُحَارِبِ، وَإِِبْطَال أَسْبَابِهِ، وَسَلْبِ أَسْلِحَتِهِ فَإِِنَّهُ لِلصَّبِيِّ أَنْ يَفْعَل ذَلِكَ حَيْثُ لَا يَسْتَضِرُّ بِهِ، فَالْمَنْعُ مِنَ الْفِسْقِ كَالْمَنْعِ مِنَ الْكُفْرِ (1) .
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: الْعِلْمُ
13 -
الْعِلْمُ الَّذِي يُشْتَرَطُ تَحَقُّقُهُ فِي الْمُحْتَسِبِ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
الضَّرْبُ الأَْوَّل: أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ لِيَعْلَمَ مَا يَأْمُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ، فَإِِنَّ الْجَاهِل بِهَا رُبَّمَا اسْتَحْسَنَ مَا قَبَّحَهُ الشَّرْعُ وَارْتَكَبَ الْمَحْذُورَ وَهُوَ غَيْرُ مُلِمٍّ بِالْعِلْمِ بِهِ (2)
وَلَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ بُلُوغُ مَرْتَبَةِ الاِجْتِهَادِ الشَّرْعِيِّ عَلَى رَأْيِ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ بَل يُكْتَفَى فِيهِ
(1) تيسير التحرير 2 / 248، وأدب القاضي للماوردي 1 / 275، وأدب الدنيا والدين 19، وإحياء علوم الدين 2 / 398، وتحفة الناظر ص 7 معالم القربة ص 7.
(2)
تحفة الناظر ص 7، ومعالم القربة ص 8، الفروق 4 / 55.