الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْكُبْرَى فَمَا دُونَهَا، لأَِنَّ مَنِ انْعَقَدَتْ لَهُ الْوِلَايَةُ فِي الْقِيَامِ بِحَقٍّ مِنَ الْحُقُوقِ الْمُهِمَّةِ فِي الدِّينِ صَارَ مُفَوَّضًا لَهُ فِيمَا قَدَّمَ إِلَيْهِ النِّيَابَةَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا أَيَّ أَمِينٍ، وَلَا أَمَانَةَ مَعَ مَنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ وَصْفُ الْعَدَالَةِ (1) .
وَلِهَذَا اشْتَرَطَهَا فِي وَالِي الْحِسْبَةِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (2) وَأَغْفَل اشْتِرَاطَهَا الشِّيرَازِيُّ وَابْنُ بَسَّامٍ (3) وَأَدَارَ الْمُحَقِّقُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ حُكْمَهَا كَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَابْنِ تَيْمِيَّةَ عَلَى رِعَايَةِ الْمَصْلَحَةِ وَدَفْعِ الْمَفْسَدَةِ، وَرَفْعِ الْمَشَقَّةِ، وَأَوْرَدَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَاعِدَةً عَامَّةً فِي تَعَذُّرِ الْعَدَالَةِ فِي الْوِلَايَاتِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ عَامَّةً أَمْ خَاصَّةً بِتَوْلِيَةِ أَقَلِّهِمْ فُسُوقًا (4) .
وَلاِبْنِ تَيْمِيَّةَ كَلَامٌ طَوِيلٌ فِي هَذَا الشَّأْنِ خُلَاصَتُهُ: أَنَّهُ يُسْتَعْمَل الأَْصْلَحُ الْمَوْجُودُ وَقَدْ لَا يَكُونُ فِي مَوْجُودِهِ مَنْ هُوَ صَالِحٌ لِتِلْكَ الْوِلَايَةِ فَيُخْتَارُ الأَْمْثَل فَالأَْمْثَل فِي كُل مَنْصِبٍ بِحَسَبِهِ (5) .
أَمَّا تَفَاصِيل أَحْكَامِ الْوِلَايَةِ فَفِي مُصْطَلَحِ وِلَايَةٌ.
(1) تحفة الناظر وغنية الذاكر 177.
(2)
الأحكام السلطانية للماوردي 241، الأحكام السلطانية لأبي يعلى 285، معالم القربة 7.
(3)
لكل منهما كتاب يحمل اسم ونهاية الرتبة في طلب الحسبة - مطبوعان.
(4)
قواعد الأحكام 1 / 86، 87.
(5)
السياسة الشرعية 16 - 19، وانظر 22 - 25.
الشَّرْطُ الْخَامِسُ: الْقُدْرَةُ:
15 -
قَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَأَمَّا الْقُدْرَةُ فَهِيَ أَصْلٌ وَتَكُونُ مِنْهُ فِي النَّفْسِ، وَتَكُونُ فِي الْبَدَنِ إِنِ احْتَاجَ إِِلَى النَّهْيِ عَنْهُ بِيَدِهِ، فَإِِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الضَّرْبَ، أَوِ الْقَتْل مِنْ تَغْيِيرِهِ، فَإِِنْ رَجَا زَوَالَهُ جَازَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ الاِقْتِحَامُ عِنْدَ هَذَا الْغَرَرِ، وَإِِنْ لَمْ يَرْجُ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِيهِ. ثُمَّ قَال: إِنَّ النِّيَّةَ إِذَا خَلَصَتْ فَلْيَقْتَحِمْ كَيْفَمَا كَانَ وَلَا يُبَالِي. وَعِنْدَهُ أَنَّ تَخْلِيصَ الآْدَمِيِّ أَوْجَبُ مِنْ تَخْلِيصِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (1) .
وَلِلإِِْمَامِ الْغَزَالِيِّ تَفْصِيلٌ فِيمَا تَسْقُطُ بِهِ الْحِسْبَةُ وُجُوبًا غَيْرِ الْعَجْزِ الْحِسِّيِّ، وَهُوَ أَنْ يَلْحَقَهُ مِنَ الاِحْتِسَابِ مَكْرُوهٌ، أَوْ يَعْلَمَ أَنَّ احْتِسَابَهُ لَا يُفِيدُ، وَعِنْدَهُ أَنَّ الْمَكْرُوهَ هُوَ ضِدُّ الْمَطْلُوبِ، وَمَطَالِبُ الإِِْنْسَانِ تَرْجِعُ إِِلَى أَرْبَعَةِ أُمُورٍ: هِيَ الْعِلْمُ وَالصِّحَّةُ، وَالثَّرْوَةُ، وَالْجَاهُ، وَكُل وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الأَْرْبَعَةِ يَطْلُبُهَا الإِِْنْسَانُ لِنَفْسِهِ وَلأَِقَارِبِهِ الْمُخْتَصِّينَ بِهِ، وَالْمَكْرُوهُ مِنْ هَذِهِ الأَْرْبَعَةِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا: زَوَال مَا هُوَ حَاصِلٌ مَوْجُودٌ.
وَالآْخَرُ امْتِنَاعُ مَا هُوَ مُنْتَظَرٌ مَفْقُودٌ، ثُمَّ يَسْتَطْرِدُ فِي بَيَانِ مَا يُعَدُّ مُؤَثِّرًا فِي إِسْقَاطِ الْحِسْبَةِ وَمَا لَا يُعَدُّ مِنْهَا (2) عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ بَعْدُ
وَالْحَقُّ أَنَّ الاِسْتِطَاعَةَ شَرْطٌ فِي الاِحْتِسَابِ،
(1) أحكام القرآن 1 / 266، 267.
(2)
إحياء علوم الدين 2 / 407 - 412.