الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وُجُوبِ الْحَجِّ، وَفِي هَذَا يَقُول ابْنُ قُدَامَةَ: وَلَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ بِبَذْل غَيْرِهِ لَهُ، وَلَا يَصِيرُ مُسْتَطِيعًا بِذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَ الْبَاذِل قَرِيبًا أَوْ أَجْنَبِيًّا، وَسَوَاءٌ بَذَل لَهُ الرُّكُوبَ وَالزَّادَ، أَوْ بَذَل لَهُ مَالاً " (1) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا يُرْوَى عَنْهُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْحَجُّ بِإِبَاحَةِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ إِذَا كَانَتِ الإِْبَاحَةُ مِمَّنْ لَا مِنَّةَ لَهُ عَلَى الْمُبَاحِ لَهُ، كَالْوَالِدِ إِذَا بَذَل الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ لاِبْنِهِ (2) .
شُرُوطُ الزَّادِ وَآلَةِ الرُّكُوبِ:
16 -
ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ شُرُوطًا فِي الزَّادِ وَآلَةِ الرُّكُوبِ الْمَطْلُوبَيْنِ لاِسْتِطَاعَةِ الْحَجِّ، هِيَ تَفْسِيرٌ وَبَيَانٌ لِهَذَا الشَّرْطِ، نَذْكُرُهَا فِيمَا يَلِي:
أ - أَنَّ الزَّادَ الَّذِي يُشْتَرَطُ مِلْكُهُ هُوَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ مِنْ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ وَكِسْوَةٍ بِنَفَقَةٍ وَسَطٍ لَا إِسْرَافَ فِيهَا وَلَا تَقْتِيرَ، فَلَوْ كَانَ يَسْتَطِيعُ زَادًا أَدْنَى مِنَ الْوَسَطِ الَّذِي اعْتَادَهُ لَا يُعْتَبَرُ مُسْتَطِيعًا لِلْحَجِّ، وَيَتَضَمَّنُ اشْتِرَاطُ الزَّادِ أَيْضًا مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ آلَاتٍ لِلطَّعَامِ وَالزَّادِ مِمَّا لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ (3) .
(1) فتح القدير 2 / 21، ومختصر خليل والشرح الكبير 2 / 7 - 8، والتاج والإكليل ومواهب الجليل 2 / 505، والمغني 3 / 220.
(2)
نهاية المحتاج 2 / 176.
(3)
فتح القدير 2 / 126، ونهاية المحتاج 2 / 375، والمغني 3 / 221 - 222.
وَاعْتَبَرَ الْمَالِكِيَّةُ الْقُدْرَةَ عَلَى الْوُصُول إِلَى مَكَّةَ، وَلَوْ بِلَا زَادٍ وَرَاحِلَةٍ لِذِي صَنْعَةٍ تَقُومُ بِهِ، وَلَا تُزْرِي بِمِثْلِهِ، أَمَّا الإِْيَابُ فَلَا يُشْتَرَطُ الْقُدْرَةُ عَلَى نَفَقَتِهِ عِنْدَهُمْ إِلَاّ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ إِنْ بَقِيَ هُنَاكَ ضَاعَ وَخَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ شَكًّا، فَيُرَاعَى مَا يُبَلِّغُهُ وَيَرْجِعُ بِهِ إِلَى أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ لِمَكَّةَ، مِمَّا يُمْكِنُهُ أَنْ يَعِيشَ بِهِ بِمَا لَا يُزْرِي بِهِ مِنَ الْحِرَفِ (1) .
ب - صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الرَّاحِلَةِ أَنْ تَكُونَ مِمَّا يَصْلُحُ لِمِثْلِهِ إِمَّا بِشِرَاءٍ أَوْ بِكِرَاءٍ (2) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ " لَا يُعْتَبَرُ إِلَاّ مَا يُوَصِّلُهُ فَقَطْ "، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ مَشَقَّةٌ فَادِحَةٌ فَيُخَفَّفُ عَنْهُ بِمَا تَزُول بِهِ الْمَشَقَّةُ الْفَادِحَةُ (3) . وَهَذَا الْمَعْنَى مَلْحُوظٌ عِنْدَ غَيْرِهِمْ فِيمَا يَصْلُحُ لِمِثْلِهِ إِذَا كَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً شَدِيدَةً فَيُخَفَّفُ عَنْهُ بِمَا يُزِيلُهَا.
(1) الشرح الكبير وحاشيته 2 / 8 ومواهب الجليل 2 / 510، وشرح الرسالة مع حاشية العدوي 1 / 456.
(2)
إن تقدم الحضارة ألغي استعمال الدواب في الأسفار وأحل مكانها السيارات والطائرات والبواخر، وبناء على هذه القاعدة التي قرروها نقول: من ملك نفقة وسيلة للسفر لا تناسبه لا يكون أيضا مستطيعا للحج حتى يتوفر لديه أجر وسيلة سفر تناسب أمثاله، بناء على مذهب الجمهور (اللجنة)
(3)
شرح الرسالة 1 / 456.