الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللُّغَةِ، أَيْ أَنْ يَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْل مَا لِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزُول عَنْهُ، وَالْحِرْصُ عَلَى هَذَا يُسَمَّى مُنَافَسَةً، فَإِِنْ كَانَ فِي الطَّاعَةِ فَهُوَ مَحْمُودٌ، وَإِِنْ كَانَ فِي الْمَعْصِيَةِ فَهُوَ مَذْمُومٌ، وَإِِنْ كَانَ فِي الْجَائِزَاتِ فَهُوَ مُبَاحٌ (1) .
أَسْبَابُ الْحَسَدِ:
7 -
سَبَبُ الْحَسَدِ أَنَّ الطِّبَاعَ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ التَّرَفُّعِ عَلَى الْجِنْسِ، فَإِِذَا رَأَى لِغَيْرِهِ مَا لَيْسَ لَهُ أَحَبَّ أَنْ يَزُول ذَلِكَ عَنْهُ إِلَيْهِ لِيَرْتَفِعَ عَلَيْهِ أَوْ مُطْلَقًا لِيُسَاوِيَهُ (2) .
وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي الإِِْحْيَاءِ سَبْعَةَ أَسْبَابٍ لِلْحَسَدِ:
السَّبَبُ الأَْوَّل:
الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ، وَهَذَا أَشَدُّ أَسْبَابِ الْحَسَدِ، فَإِِنَّ مَنْ آذَاهُ شَخْصٌ بِسَبَبٍ مِنَ الأَْسْبَابِ وَخَالَفَهُ فِي غَرَضٍ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ أَبْغَضَهُ قَلْبُهُ، وَغَضِبَ عَلَيْهِ، وَرَسَخَ فِي نَفْسِهِ الْحِقْدُ. وَالْحِقْدُ يَقْتَضِي التَّشَفِّيَ وَالاِنْتِقَامَ فَإِِنْ عَجَزَ عَنْ أَنْ يَتَشَفَّى بِنَفْسِهِ أَحَبَّ أَنْ يَتَشَفَّى مِنْهُ الزَّمَانُ.
السَّبَبُ الثَّانِي:
التَّعَزُّزُ، وَهُوَ أَنْ يَثْقُل عَلَيْهِ أَنْ
(1) فتح الباري 1 / 167 ط الرياض، وانظر ما جاء في صحيح مسلم بشرح النووي 6 / 97 ط المصرية، والمنثور 1 / 403 ط الأولى، والتعريفات للجرجاني / 207 ط العربي.
(2)
فتح الباري 1 / 166 ط الرياض.
يَتَرَفَّعَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، فَإِِذَا أَصَابَ بَعْضُ أَمْثَالِهِ وِلَايَةً أَوْ عِلْمًا أَوْ مَالاً خَافَ أَنْ يَتَكَبَّرَ عَلَيْهِ، وَهُوَ لَا يُطِيقُ تَكَبُّرَهُ، وَلَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِاحْتِمَال صَلَفِهِ وَتَفَاخُرِهِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مِنْ غَرَضِهِ أَنْ يَتَكَبَّرَ، بَل غَرَضُهُ أَنْ يَدْفَعَ كِبْرَهُ، فَإِِنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِمُسَاوَاتِهِ مَثَلاً، وَلَكِنْ لَا يَرْضَى بِالتَّرَفُّعِ عَلَيْهِ.
السَّبَبُ الثَّالِثُ:
الْكِبْرُ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِي طَبْعِهِ أَنْ يَتَكَبَّرَ عَلَيْهِ وَيَسْتَصْغِرَهُ وَيَسْتَخْدِمَهُ وَيَتَوَقَّعَ مِنْهُ الاِنْقِيَادَ لَهُ وَالْمُتَابَعَةَ فِي أَغْرَاضِهِ، وَمِنَ التَّكَبُّرِ وَالتَّعَزُّزِ كَانَ حَسَدُ أَكْثَرِ الْكُفَّارِ لِرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ قَالُوا: كَيْفَ يَتَقَدَّمُ عَلَيْنَا غُلَامٌ يَتِيمٌ وَكَيْفَ نُطَأْطِئُ رُءُوسَنَا لَهُ فَقَالُوا: {لَوْلَا نُزِّل هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} (1)
السَّبَبُ الرَّابِعُ:
التَّعَجُّبُ، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الأُْمَمِ السَّالِفَةِ إِذْ قَالُوا:{مَا أَنْتُمْ إِلَاّ بِشْرٌ مِثْلُنَا} (2) . وَقَالُوا: {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا} (3) - {وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ} (4) ، فَتَعَجَّبُوا مِنْ أَنْ يَفُوزَ بِرُتْبَةِ الرِّسَالَةِ وَالْوَحْيِ وَالْقُرْبِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بَشَرٌ مِثْلُهُمْ، فَحَسَدُوهُمْ، وَأَحَبُّوا زَوَال النُّبُوَّةِ عَنْهُمْ جَزَعًا أَنْ يُفَضَّل عَلَيْهِمْ مَنْ هُوَ مِثْلُهُمْ فِي الْخِلْقَةِ، لَا عَنْ قَصْدِ تَكَبُّرٍ، وَطَلَبِ رِئَاسَةٍ، وَتَقَدُّمِ
(1) الزخرف / 31.
(2)
سورة يس / 15.
(3)
سورة المؤمنون / 47.
(4)
سورة المؤمنون / 34.