الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: إِيَّاكُمْ وَالْحَسَدَ فَإِِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُل الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُل النَّارُ الْحَطَبَ أَوِ الْعُشْبَ (1) .
وَأَمَّا الْمَعْقُول فَإِِنَّ الْحَاسِدَ مَذْمُومٌ، فَقَدْ قِيل:
إِنَّ الْحَاسِدَ لَا يَنَال فِي الْمَجَالِسِ إِلَاّ نَدَامَةً، وَلَا يَنَال عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ إِلَاّ لَعْنَةً وَبَغْضَاءَ، وَلَا يَنَال فِي الْخَلْوَةِ إِلَاّ جَزَعًا وَغَمًّا، وَلَا يَنَال فِي الآْخِرَةِ إِلَاّ حُزْنًا وَاحْتِرَاقًا، وَلَا يَنَال مِنَ اللَّهِ إِلَاّ بُعْدًا وَمَقْتًا (2) .
وَيُسْتَثْنَى مِنْ تَحْرِيمِ الْحَسَدِ مَا إِذَا كَانَتِ النِّعْمَةُ الَّتِي يَتَمَنَّى الْحَاسِدُ زَوَالَهَا عِنْدَ كَافِرٍ أَوْ فَاسِقٍ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى مَعَاصِي اللَّهِ تَعَالَى (3) .
أَمَّا إِذَا كَانَ الْحَسَدُ مَجَازِيًّا، أَيْ بِمَعْنَى الْغِبْطَةِ فَإِِنَّهُ مَحْمُودٌ فِي الطَّاعَةِ، وَمَذْمُومٌ فِي الْمَعْصِيَةِ، وَمُبَاحٌ فِي الْجَائِزَاتِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: لَا حَسَدَ إِلَاّ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ
(1) فيض القدير للمناوي 3 / 125 ط التجارية، تحفة المريد على جوهرة التوحيد / 126 ط الأزهرية، تفسير القرطبي 20 / 260 ط المصرية. حديث:" إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل. . . ". أخرجه أبو داود (5 / 208 - 209 تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أبي هريرة، وذكره البخاري في تاريخه الكبير (1 / 272 ط دائرة المعارف العثمانية) وقال:" لا يصح ".
(2)
تفسير القرطبي 20 / 260 ط المصرية، تحفة المريد على جوهر التوحيد / 126 ط الأزهرية.
(3)
فتح الباري 1 / 167 ط الرياض.
اللَّيْل وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْل وَآنَاءَ النَّهَارِ (1) أَيْ كَأَنَّهُ قَال: لَا غِبْطَةَ أَعْظَمُ أَوْ أَفْضَل مِنَ الْغِبْطَةِ فِي هَذَيْنِ الأَْمْرَيْنِ (2) .
عِلَاجُ الْحَسَدِ:
11 -
ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي الإِِْحْيَاءِ أَنَّ الْحَسَدَ مِنَ الأَْمْرَاضِ الْعَظِيمَةِ لِلْقُلُوبِ، وَلَا تُدَاوَى أَمْرَاضُ الْقُلُوبِ إِلَاّ بِالْعِلْمِ وَالْعَمَل، وَالْعِلْمُ النَّافِعُ لِمَرَضِ الْحَسَدِ هُوَ أَنْ تَعْرِفَ تَحْقِيقًا أَنَّ الْحَسَدَ ضَرَرٌ عَلَى الْحَاسِدِ فِي الدُّنْيَا وَالدِّينِ، وَأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمَحْسُودِ فِي الدُّنْيَا وَالدِّينِ.
أَمَّا كَوْنُهُ ضَرَرًا عَلَى الْحَاسِدِ فِي الدِّينِ، فَهُوَ أَنَّ الْحَاسِدَ بِالْحَسَدِ سَخِطَ قَضَاءَ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَرِهَ نِعْمَتَهُ الَّتِي قَسَمَهَا بَيْنَ عِبَادِهِ، وَعَدْلَهُ الَّذِي أَقَامَهُ فِي مُلْكِهِ بِخَفِيِّ حِكْمَتِهِ، فَاسْتَنْكَرَ ذَلِكَ وَاسْتَبْشَعَهُ وَهَذِهِ جِنَايَةٌ عَلَى حَدَقَةِ التَّوْحِيدِ، وَقَذًى فِي عَيْنِ الإِِْيمَانِ، وَكَفَى بِهِمَا جِنَايَةً عَلَى الدِّينِ.
وَأَمَّا كَوْنُ الْحَسَدِ ضَرَرًا عَلَى الْحَاسِدِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ أَنَّهُ يَتَأَلَّمُ بِحَسَدِهِ فِي الدُّنْيَا، أَوْ يَتَعَذَّبُ بِهِ
(1) حديث: " لا حسد إلا في اثنين: رجل آتاه. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 13 / 502 ط السلفية) ومسلم (1 / 558 ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عمر.
(2)
فتح الباري 1 / 167 ط الرياض، صحيح مسلم بشرح النووي 6 / 97 ط المصرية.