الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَوْلِيَةِ مَنْ هَذَا حَالُهُ، وَكَذَلِكَ اشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ كَوْنَ الْوَصِيِّ رَشِيدًا (1) .
أَثَرُ السَّفَهِ عَلَى الْقَرْضِ:
34 -
لَمْ يَخْتَلِفِ الْقَائِلُونَ بِالْحَجْرِ عَلَى السَّفِيهِ فِي عَدَمِ جَوَازِ إِقْرَاضِهِ لِغَيْرِهِ؛ لأَِنَّ الْقَرْضَ فِيهِ نَوْعُ تَبَرُّعٍ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ فَإِنَّ الإِْقْرَاضَ يَتَنَافَى مَعَ حَجْرِهِ عَنْ مَالِهِ، أَمَّا اسْتِقْرَاضُهُ مِنَ الْغَيْرِ فَلَا يَحِقُّ لِلسَّفِيهِ الاِسْتِقْرَاضُ وَلَا يَمْلِكُ الْمَال الَّذِي اسْتَقْرَضَهُ، لأَِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الرُّشْدِ، فَإِنْ كَانَ الْمَال الْمُسْتَقْرَضُ بَاقِيًا رَدَّهُ وَلِيُّ السَّفِيهِ إِلَى الْمُقْرِضِ.
وَإِنْ تَلِفَ لَمْ يَضْمَنْهُ السَّفِيهُ؛ لأَِنَّ الْمَالِكَ مُقَصِّرٌ، لأَِنَّهُ هُوَ الَّذِي سَلَّطَهُ عَلَيْهِ بِرِضَاهُ وَسَوَاءٌ عَلِمَ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ، إِذْ هُوَ مُفَرِّطٌ فِي مَالِهِ.
إِلَاّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ اسْتَثْنَوْا مِنْ مَنْعِهِ مِنَ الاِسْتِقْرَاضِ مَا يَلِي:
أ - إِذَا اسْتَقْرَضَ لِدَفْعِ صَدَاقِ الْمِثْل؛ لأَِنَّهُ إِسْقَاطٌ لَهُ عَنْ ذِمَّتِهِ، فَإِنِ اسْتَقْرَضَ لِلْمَهْرِ وَصَرَفَهُ فِي حَاجَاتِهِ الأُْخْرَى لَمْ يَكُنْ لِلْمُقْرِضِ شَيْءٌ عَلَيْهِ
(1) مغني المحتاج 2 / 171، والمغني 6 / 25، 141، وبلغة السالك 2 / 432، 474.
ب - إِذَا اسْتَقْرَضَ لِنَفَقَةِ نَفْسِهِ نَفَقَةَ الْمِثْل إِذَا لَمْ يَكُنِ الْقَاضِي صَرَفَ لَهُ نَفَقَتَهُ لِتِلْكَ الْمُدَّةِ، فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُلْزَمُ الْقَاضِي بِقَضَاءِ الْقَرْضِ؛ لأَِنَّهُ لَا فَسَادَ فِي صَنِيعِهِ هَذَا.
أَمَّا إِذَا صَرَفَ لَهُ نَفَقَتَهُ فَلَا يَصِحُّ اسْتِقْرَاضُهُ.
وَإِنِ اسْتَقْرَضَ مَا فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى نَفَقَةِ مِثْلِهِ قَضَى عَنْهُ نَفَقَةَ الْمِثْل لِتِلْكَ الْمُدَّةِ وَأَبْطَل الزِّيَادَةَ؛ لأَِنَّ فِي الزَّائِدِ مَعْنَى الْفَسَادِ وَالإِْسْرَافِ (1) .
أَثَرُ السَّفَهِ عَلَى الإِْيدَاعِ:
35 -
إيدَاعُ السَّفِيهِ مَالَهُ نَوْعُ تَصَرُّفٍ مِنْهُ بِالْمَال وَهُوَ مَحْجُورٌ عَنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا الإِْيدَاعُ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يُشْبِهُ الْوَكِيل فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ جَائِزَ التَّصَرُّفِ، وَالسَّفِيهُ مَمْنُوعٌ مِنَ التَّصَرُّفِ، وَإِذَا أَوْدَعَ شَخْصٌ لَدَيْهِ مَالاً فَأَتْلَفَهُ فَهَل يَضْمَنُهُ؟ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ ضَمَانُهُ؛ لأَِنَّ الْمُودَعَ قَدْ فَرَّطَ فِي التَّسْلِيمِ إِلَيْهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ.
(1) مغني المحتاج 2 / 118، والمبدع 4 / 205، وكشاف القناع 3 / 300، والمبسوط 24 / 176، والمجموع 13 / 374، والمغني 4 / 520.