الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِمَصْلَحَةٍ، وَهُوَ مَا يُجْعَل لِمَنْ عَمِل عَمَلاً زَائِدًا فِي الْحَرْبِ ذَا أَثَرٍ وَنَفْعٍ (1) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
5 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَهُمْ: الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ إِلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا قَتَل أَحَدًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي الْمَعْرَكَةِ مُقْبِلاً عَلَى الْقِتَال فَلَهُ سَلَبُهُ، قَال ذَلِكَ الإِْمَامُ أَوْ لَمْ يَقُل؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قَتَل كَافِرًا فَلَهُ سَلَبُهُ (2) . وَلِقَوْل عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ: " اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي رَجُلاً شَدِيدًا، إِلَى أَنْ قَال: حَتَّى أَقْتُلَهُ وَآخُذَ سَلَبَهُ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْقَاتِل لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ إِلَاّ إِذَا اشْتَرَطَ لَهُ الإِْمَامُ ذَلِكَ. كَأَنْ يَقُول قَبْل إِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ، وَقَبْل أَنْ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا: مَنْ قَتَل قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ. وَإِلَاّ كَانَ السَّلَبُ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ.
وَقَال الطَّحَاوِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: أَمْرُ السَّلَبِ مَوْكُولٌ لِلإِْمَامِ فَيَرَى فِيهِ رَأْيَهُ؛ لِمَا رَوَى عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ مَدَدِيًّا اتَّبَعَهُمْ فَقَتَل عِلْجًا، فَأَخَذَ خَالِدٌ بَعْضَ سَلَبِهِ، وَأَعْطَاهُ بَعْضَهُ
(1) كشاف القناع 3 / 86، وغريب القرآن للأصفهاني
(2)
حديث: " من قتل كافرا فله سلبه ". أخرجه أبو داود (3 / 162 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (3 / 353 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث أنس بن مالك. وصححه ووافقه الذهبي.
فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: لَا تَرُدُّهُ عَلَيْهِ يَا خَالِدُ (1) وَلِمَا وَرَدَ فِي قِصَّةِ قَتْل أَبِي جَهْلٍ، حَيْثُ أَعْطَى سَلَبُهُ لِمُعَاذِ ابْنِ عَفْرَاءَ مَعَ قَوْلِهِ: كِلَاكُمَا قَتَلَهُ (2) . .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: إِنَّ الْقَاتِل لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ إِلَاّ أَنْ يَقُول لَهُ الإِْمَامُ ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُول الإِْمَامُ ذَلِكَ إِلَاّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ، حَتَّى لَا يُشَوِّشَ نِيَّتَهُ، وَلَا يَصْرِفَهَا لِقِتَال الدُّنْيَا؛ لأَِنَّ السَّلَبَ عِنْدَهُمْ مِنْ جُمْلَةِ النَّفْل فَيُعْطِيهِ الإِْمَامُ لِلْمَصْلَحَةِ حَسَبَ اجْتِهَادِهِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْمُتَقَدِّمِ.
كَمَا رُوِيَ عَنْ شُبَّرِ بْنِ عَلْقَمَةَ قَال: بَارَزْتُ رَجُلاً يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ فَقَتَلْتُهُ، وَأَخَذْتُ سَلَبَهُ، فَأَتَيْتُ بِهِ سَعْدًا، فَخَطَبَ سَعْدٌ أَصْحَابَهُ وَقَال: إِنَّ هَذَا سَلَبُ شُبَّرٍ خَيْرٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَإِنَّا قَدْ نَفَّلْنَاهُ إِيَّاهُ (3) .
(1) حديث عوف بن مالك أخرجه أحمد (6 / 26 - ط الميمنية) أصله في مسلم (3 / 1373 - ط الحلبي) .
(2)
قصة قتل أبي جهل: أخرجها البخاري (الفتح 6 / 246 - 247 - ط. السلفية) ومسلم (3 / 1372 - ط الحلبي) من حديث عبد الرحمن بن عوف.
(3)
حاشية ابن عابدين 3 / 238، حاشية العدوي 2 / 14، الشرح الصغير 2 / 176، القوانين الفقهية ص 99، روضة الطالبين 6 / 372، مغني المحتاج 3 / 99، المغني لابن قدامة 8 / 392، سبل السلام 4 / 52، المهذب في فقه الإمام الشافعي 2 / 238.