الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلاِحْتِمَال أَنْ يَكُونَ السُّكُوتُ لِغَيْرِ الْمُوَافَقَةِ، كَالْخَوْفِ وَالْمَهَابَةِ وَالتَّرَدُّدِ فِي الْمَسْأَلَةِ (1) .
وَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ إِجْمَاعٌ قَطْعِيٌّ فِي الْفُتْيَا فَقَطْ أَمَّا الْقَضَاءُ فَلَا إِجْمَاعَ فِيهِ أَصْلاً (2) .
وَقِيل: إِنَّهُ إِجْمَاعٌ قَطْعِيٌّ إِذَا كَثُرَ السُّكُوتُ وَتَكَرَّرَ فِيمَا يَعُمُّ فِيهِ الْبَلْوَى. وَذَهَبَ الآْمِدِيُّ وَالْكَرْخِيُّ إِلَى أَنَّهُ إِجْمَاعٌ ظَنِّيٌّ (3) .
قَال ابْنُ السُّبْكِيِّ بَعْدَمَا نَقَل أَقْوَال وَآرَاءَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ حُجَّةٌ مُطْلَقًا (4) .
وَتَفْصِيل الْمَوْضُوعِ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
(1) جمع الجوامع 2 / 189، ومسلم الثبوت 2 / 232، 233.
(2)
مسلم الثبوت 2 / 232.
(3)
نفس المراجع. وانظر رسالة إجمال الإصابة في أقوال الصحابة للعلائي. نشر مركز المخطوطات والتراث التابع لجمعية التراث الإسلامي بالكويت 1407 هـ.
(4)
جمع الجوامع مع حاشية البناني 2 / 179، وانظر التلويح مع التوضيح 2 / 42.
سِلَاحٌ
التَّعْرِيفُ:
1 -
السِّلَاحُ: اسْمٌ جَامِعٌ لآِلَةِ الْحَرْبِ؛ أَيْ: كُل مَا يُقَاتَل بِهِ، وَجَمْعُهُ أَسْلِحَةٌ. قَال اللَّهُ تَعَالَى:{وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} (1) . وَخَصَّ بَعْضُهُمُ السِّلَاحَ بِمَا كَانَ مِنَ الْحَدِيدِ وَرُبَّمَا خَصَّ بِهِ السَّيْفَ، قَال الأَْزْهَرِيُّ: السَّيْفُ وَحْدَهُ يُسَمَّى سِلَاحًا (2) . وَلَا يَخْرُجُ مَعْنَاهُ الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمُعَانَى اللُّغَوِيَّةِ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالسِّلَاحِ:
إِعْدَادُ السِّلَاحِ لِلْجِهَادِ وَالتَّدَرُّبِ عَلَيْهِ:
2 -
ذَهَبَ الْعُلَمَاءُ إِلَى أَنَّ الاِسْتِعْدَادَ لِلْجِهَادِ بِإِعْدَادِ السِّلَاحِ وَالتَّدَرُّبِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ وَعَلَى الرَّمْيِ فَرِيضَةٌ تَقْتَضِيهَا فَرِيضَةُ الْجِهَادِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى
(1) سورة النساء / 102.
(2)
لسان العرب، والمفردات للراغب، ومتن اللغة مادة (سلح) ونهاية المحتاج 3 / 378، والفتح الرباني 16 / 6.
قَال الْقُرْطُبِيُّ وَالْفَخْرُ الرَّازِيُّ: إِنَّ الآْيَةَ تَدُل عَلَى أَنَّ الاِسْتِعْدَادَ لِلْجِهَادِ بِالسِّلَاحِ فَرِيضَةٌ، إِلَاّ أَنَّهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ (2) .
فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ سبحانه وتعالى الْمُسْلِمِينَ بِإِعْدَادِ الْقُوَّةِ لِلأَْعْدَاءِ. وَقَدْ وَرَدَ لَفْظُ الْقُوَّةِ فِي الآْيَةِ الْكَرِيمَةِ مُطْلَقًا بِغَيْرِ تَحْدِيدٍ وَلَا تَقْيِيدٍ، فَهُوَ يَتَّسِعُ لِيَشْمَل كُل عَنَاصِرِ الْقُوَّةِ مَادِّيًّا وَمَعْنَوِيًّا، وَمَا يُتَقَوَّى بِهِ عَلَى حَرْبِ الْعَدُوِّ، وَكُل مَا هُوَ آلَةٌ لِلْغَزْوِ وَالْجِهَادِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْقُوَّةِ. وَقَدْ تَرَكَتِ الآْيَةُ الْكَرِيمَةُ تَحْدِيدَ الْقُوَّةِ الْمَطْلُوبَةِ؛ لأَِنَّهَا تَتَطَوَّرُ تَبَعًا لِلزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، وَحَتَّى يَلْتَزِمَ الْمُسْلِمُونَ بِإِعْدَادِ مَا يُنَاسِبُ ظُرُوفَهُمْ مِنْ قُوَّةٍ يَسْتَطِيعُونَ بِهَا إِرْهَابَ الْعَدُوِّ (3) .
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ
(1) سورة الأنفال / 60.
(2)
تفسير القرطبي 8 / 35 ط دار الكتب المصرية، والتفسير الكبير 15 / 185 الطبعة الأولى.
(3)
تفسير القرطبي 8 / 35، وأحكام القرآن للجصاص 3 / 85 ط البهية المصرية، وتفسير الرازي 15 / 185، وفتح الباري 6 / 91 ط السلفية.
يَقُول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ (1) . كَرَّرَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لِلتَّأْكِيدِ وَالتَّرْغِيبِ فِي تَعَلُّمِهِ وَإِعْدَادِ آلَاتِ الْحَرْبِ، وَقَدْ فَسَّرَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقُوَّةَ بِالرَّمْيِ وَهُوَ أَهَمُّ فُنُونِ الْقِتَال، حَيْثُ إِنَّ الرَّمْيَ أَعْلَى الْمَرَاتِبِ فِي اسْتِعْمَال السِّلَاحِ (2) .
قَال الْقُرْطُبِيُّ: إِنَّمَا فَسَّرَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقُوَّةَ بِالرَّمْيِ - وَإِنْ كَانَتِ الْقُوَّةُ تَظْهَرُ بِإِعْدَادِ غَيْرِهِ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ - لِكَوْنِ الرَّمْيِ أَشَدَّ نِكَايَةً فِي الْعَدُوِّ وَأَسْهَل مُؤْنَةً، لأَِنَّهُ قَدْ يَرْمِي رَأْسَ الْكَتِيبَةِ فَيَهْزِمَ مَنْ خَلْفَهُ (3) .
وَلأَِبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِنَّ اللَّهَ عز وجل يُدْخِل بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ الْجَنَّةَ: صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الْخَيْرَ، وَالرَّامِيَ بِهِ، وَمُنْبِلَهُ، (4) وَارْمُوا
(1) حديث: " ألا إن القوى الرمي. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 6 / 91 ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1522 - ط الحلبي) .
(2)
فتح الباري (6 / 91 ط السلفية، وأحكام القرآن للجصاص 3 / 85 ط البهية المصرية، والقرطبي 8 / 35 - ط دار الكتاب المصرية، والفروسية لابن القيم ص 9.
(3)
القرطبي 8 / 35، وانظر المراجع السابقة.
(4)
النبل السهام ومنبله أي: مناول النبل.