الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هـ -
جَوَازُ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ:
15 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ السَّفَرَ بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ هُوَ مِنَ الأَْعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِلْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ، فَيَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُفْطِرَ فِي رَمَضَانَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (1) وَقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ (2)
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (صَوْم) .
ثَانِيًا: أَحْكَامُ السَّفَرِ لِغَيْرِ التَّخْفِيفِ:
أ -
حُكْمُ انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ بِالْمُسَافِرِ:
16 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - إِلَى أَنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ الاِسْتِيطَانَ، فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ بِالْمُسَافِرِ وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ، أَيْ لَا يَكْمُل بِهِ نِصَابُهَا.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ بِالْمُسَافِرِ (3) .
(1) سورة البقرة / 185.
(2)
حديث: " ليس من البر الصوم في السفر ". أخرجه البخاري (الفتح 4 / 183 - ط السلفية) ومسلم (2 / 786 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله واللفظ للبخاري.
(3)
ابن عابدين 1 / 548، كفاية الطالب الرباني 1 / 329، نهاية المحتاج 2 / 306، كشاف القناع 2 / 27.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (صَلَاةِ الْجُمُعَةِ) .
ب -
تَحْرِيمُ السَّفَرِ عَلَى الْمَرْأَةِ إِلَاّ مَعَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ:
17 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُسَافِرَ بِمُفْرَدِهَا، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ مَعَهَا (1) . لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِل لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَيْسَ مَعَهَا حُرْمَةٌ (2)، وَلِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مَرْفُوعًا: لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إِلَاّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلَا يَدْخُل عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلَاّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ، فَقَال رَجُلٌ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ. قَال: اخْرُجْ مَعَهَا (3) .
18 -
وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ سَفَرِ الْمَرْأَةِ بِدُونِ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ. الْمُهَاجِرَةُ وَالأَْسِيرَةُ. فَقَدِ اتَّفَقَ
(1) حاشية ابن عابدين 1 / 146 دار إحياء التراث العربي، حاشية الدسوقي 2 / 9 دار الفكر، نهاية المحتاج 3 / 250 ط مصطفى الحلبي 1967م، كشاف القناع 2 / 394 عالم الكتب 1983م.
(2)
حديث: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر. . ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 566 - ط السلفية) من حديث أبي هريرة.
(3)
حديث: " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ". أخرجه البخاري (الفتح 4 / 72 - ط السلفية) .
الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَسْلَمَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَزِمَهَا الْخُرُوجُ مِنْهَا إِلَى دَارِ الإِْسْلَامِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ، وَكَذَا إِذَا أَسَرَهَا الْكُفَّارُ وَأَمْكَنَهَا أَنْ تَهْرُبَ مِنْهُمْ فَلَهَا أَنْ تَخْرُجَ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ، وَلَا يَعْتَبِرُ الْحَنَفِيَّةُ خُرُوجَ الْمَرْأَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ سَفَرًا. قَال الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ: لأَِنَّهَا لَا تَقْصِدُ مَكَانًا مُعَيَّنًا بَل النَّجَاةَ خَوْفًا مِنَ الْفِتْنَةِ، فَقَطْعُهَا الْمَسَافَةَ كَقَطْعِ السَّائِحِ.
وَلِذَا إِذَا وَجَدَتْ مَأْمَنًا كَعَسْكَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَجَبَ أَنْ تُقِرَّ وَلَا تُسَافِرَ إِلَاّ بِزَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ. عَلَى أَنَّهَا لَوْ قَصَدَتْ مَكَانًا مُعَيَّنًا لَا يُعْتَبَرُ قَصْدُهَا وَلَا يَثْبُتُ السَّفَرُ بِهِ؛ لأَِنَّ حَالَهَا - وَهُوَ ظَاهِرُ قَصْدِ مُجَرَّدِ التَّخَلُّصِ - يُبْطِل تَحْرِيمَتَهَا.
قَال الدُّسُوقِيُّ: إِنْ كَانَ يَحْصُل لَهَا ضَرَرٌ بِكُلٍّ مِنْ إقَامَتِهَا وَخُرُوجِهَا دُونَ رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ، خُيِّرَتْ إِنْ تَسَاوَى الضَّرَرَانِ (1) .
كَمَا أَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُسَافِرَ لِلْحَجِّ الْوَاجِبِ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ.
وَلَمْ يَقُل بِذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ رُفْقَة ف 9
(1) فتح القدير 2 / 331، مواهب الجليل 2 / 522، حاشية الدسوقي 2 / 9، مغني المحتاج 1 / 467.
(22 299) وَأَلْحَقَ الْمَالِكِيَّةُ بِالْحَجِّ سَفَرَهَا الْوَاجِبَ، فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ مِنَ النِّسَاءِ الثِّقَاتِ فِي كُل سَفَرٍ يَجِبُ عَلَيْهَا.
قَال الْبَاجِيُّ: وَلَعَل هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنَّمَا هُوَ فِي الاِنْفِرَادِ وَالْعَدَدِ الْيَسِيرِ، فَأَمَّا فِي الْقَوَافِل الْعَظِيمَةِ وَالطُّرُقِ الْمُشْتَرَكَةِ الْعَامِرَةِ الْمَأْمُونَةِ فَإِنَّهَا عِنْدِي مِثْل الْبِلَادِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الأَْسْوَاقُ وَالتُّجَّارُ فَإِنَّ الأَْمْنَ يَحْصُل لَهَا دُونَ ذِي مَحْرَمٍ وَلَا امْرَأَةٍ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ الأَْوْزَاعِيِّ. قَال الْحَطَّابُ: وَذَكَرَهُ الزَّنَاتِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ فَيُقَيَّدُ بِهِ كَلَامُ غَيْرِهِ. أَمَّا سَفَرُهَا فِي التَّطَوُّعِ فَلَا يَجُوزُ إِلَاّ مَعَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ (1) .
كَمَا أَجَازَ الْفُقَهَاءُ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فِي سَفَرِهَا أَنْ تُسَافِرَ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ.
قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ فِي السَّفَرِ، فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَإِنَّهَا تَتْبَعُ زَوْجَهَا حَيْثُ مَضَى لأَِنَّ النِّكَاحَ قَائِمٌ، وَإِنْ كَانَ بَائِنًا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ كُلٍّ مِنْ مِصْرِهَا وَمَقْصِدِهَا أَقَل مِنَ السَّفَرِ، فَإِنْ شَاءَتْ مَضَتْ
(1) مواهب الجليل 2 / 524، المنتقى شرح الموطأ للباجي 3 / 82 - 83.