الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَمَاعُ اللَّغْوِ:
18 -
اللَّغْوُ مِنَ الْكَلَامِ: - مَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ إِمَّا لأَِنَّهُ يُورَدُ ارْتِجَالاً عَنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ وَدُونَ تَثَبُّتٍ وَتَفْكِيرٍ فَيَجْرِي مَجْرَى اللَّغَا الَّذِي يُطْلَقُ عَلَى صَوْتِ الْعَصَافِيرِ وَنَحْوِهَا مِنَ الطُّيُورِ (1) .
وَإِمَّا لأَِنَّهُ يُورَدُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَيُخْرِجُهُ ذَلِكَ عَنِ الصَّوَابِ كَمَنْ قَال لِصَاحِبِهِ: أَنْصِتْ، وَالإِْمَامُ يَخْطُبُ (2) . أَوْ كَمَنْ دَعَا لأَِهْل الدُّنْيَا فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ (3) . وَقَدْ يُطْلَقُ اللَّغْوُ
(1) المفردات في غريب القرآن ص 451، روح المعاني 27 / 139، 30 / 22، 23.
(2)
حديث: " إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 414 ط. السلفية) ومسلم (2 / 583) من حديث أبي هريرة مرفوعا
(3)
قال ابن العربي: لقد رأيت الزهاد بمدينة السلام والكوفة إذا بلغ الإمام إلى الدعاء لأهل الدنيا قاموا فصلوا ورأيتهم يتكلمون مع جلسائهم فيما يحتاجون إليه من أمرهم أو في علم ولا يصغون إليهم حينئذ لأنه عندهم لغو فلا يلزم استماعهم لاسيما وبعض الخطباء يكذبون حينئذ
عَلَى كُل كَلَامٍ قَبِيحٍ بَاطِلٍ، كَالْخَوْضِ فِي الْمَعَاصِي، وَالسَّبِّ، وَالشَّتْمِ، وَالرَّفَثِ، وَمَا إِلَيْهَا (1) . قَال اللَّهُ تَعَالَى فِي صِفَةِ الْمُؤْمِنِينَ:{وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} (2) . أَيْ: كَنُّوا عَنِ الْقَبِيحِ وَتَعَفَّفُوا عَنِ التَّصْرِيحِ بِهِ، وَقِيل: مَعْنَاهُ: إِذَا صَادَفُوا أَهْل اللَّغْوِ لَمْ يَخُوضُوا مَعَهُمْ فِي بَاطِلِهِمْ أَوْ فِي سَقَطِ كَلَامِهِمْ.
وَمَا دَامَ اللَّغْوُ بِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي لَا يَجْلِبُ نَفْعًا وَلَا يَدْفَعُ إِثْمًا، وَلَا يَتَّصِل بِقَصْدٍ صَحِيحٍ، فَإِنَّ سَمَاعَهُ كَالْخَوْضِ فِيهِ لَا يَخْرُجُ حُكْمُهُ عَنِ الْحَظْرِ وَالْكَرَاهَةِ، تَبَعًا لِشِدَّةِ اتِّصَالِهِ بِالْمَفَاسِدِ، وَانْفِكَاكِهِ عَنْهَا (3) .
وَالْمُؤْمِنُونَ مُطَالَبُونَ بِالإِْعْرَاضِ عَنْهُ، وَالإِْحْجَامِ عَنْ سَمَاعِهِ، وَالْخَوْضِ فِيهِ إِطْلَاقًا لأَِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَخْلَاقِهِمْ وَلَا يَتَنَاسَبُ - فِي أَقَل صُوَرِهِ - مَعَ جِدِّهِمْ وَكَمَال نُفُوسِهِمْ.
قَال اللَّهُ تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ
(1) أحكام القرآن 3 / 312، 428 - المطبعة البهية بمصر سنة 1347 هـ، روح المعاني 27 / 139، 30 / 22، 23.
(2)
سورة الفرقان / 72.
(3)
أحكام القرآن للجصاص 3 / 428، والمفردات في غريب القرآن ص 451، روح المعاني 19 / 51، وأحكام القرآن لابن العربي 2 / 126.